1:20 صباحًا / 22 يناير، 2025
آخر الاخبار

الموقف الصيني تجاه تطوير العلاقات الصينية الأمريكية ثابت ودائم ، بقلم : تشو شيوان

الموقف الصيني تجاه تطوير العلاقات الصينية الأمريكية ثابت ودائم ، بقلم : تشو شيوان

الموقف الصيني تجاه تطوير العلاقات الصينية الأمريكية ثابت ودائم ، بقلم : تشو شيوان


أدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يوم الاثنين اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية، وقد حضر نائب الرئيس الصيني هان تشنغ تنصيب ترامب، وقبل ثلاثة أيام من التنصيب، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصالا هاتفيا مع ترامب. الأمر الذي يجذب أنظار العالم حول مستقبل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في إدارة ترامب.

ما قاله الرئيس شي في تلك المكالمة الهاتفية يكشف الكثير عن تطلعات الصين، وتأكيده على أهمية التفاعل الإيجابي بين البلدين ورغبته في الدفع بالعلاقات الصينية-الأميركية نحو التقدم من “نقطة البداية الجديدة” يعكس الرؤية الصينية لبناء علاقة قائمة على التعاون بدلاً من الصراع، من جانب آخر أظهر الرئيس ترامب، رغم تصريحاته المثيرة للجدل خلال حملته الانتخابية في تلك المحادثة استعداداً للحوار والتواصل مع بكين، وقد وصف علاقته بالرئيس شي بأنها “رائعة” وتطلعه للقاء قريب يعكس إدراكاً واضحاً لأهمية الصين كشريك أساسي في النظام الدولي.

ورغم هذه النوايا الإيجابية، يبقى السؤال: هل ستتمكن إدارة ترامب من تحقيق توازن بين خطابها السياسي الداخلي، الذي يميل أحياناً إلى المواجهة مع الصين، وبين حاجتها إلى التعاون معها في القضايا الدولية؟ الصين، من جانبها، تبدو مستعدة للمضي قدماً في بناء علاقة بناءة، لكنها بلا شك ستكون حازمة في الدفاع عن مصالحها الوطنية.

إن ما يمكن أن نأمله هو أن تكون هذه البداية الجديدة فرصة لإعادة صياغة العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. العالم اليوم بحاجة إلى تعاون حقيقي بين واشنطن وبكين لمواجهة التحديات الكبرى، سواء كان ذلك في قضايا المناخ، أو الأمن، أو استقرار الاقتصاد العالمي، لكن تحقيق هذا التعاون يتطلب إرادة سياسية ورؤية استراتيجية من كلا الجانبين. فهل ستتمكن إدارة ترامب من التغلب على الضغوط الداخلية وتغليب منطق التعاون على الصراع؟ الأيام وحدها ستجيب.

تعد العلاقات الصينية – الأمريكية واحدة من أكثر العلاقات الثنائية تأثيراً في العالم اليوم. تأثيرها يتجاوز رفاهية الشعبين ليطال مستقبل ومصير البشرية بأسرها. هذا يجعل تنمية هذه العلاقة ضرورة استراتيجية تتطلب رؤية بعيدة المدى وطويلة الأمد، ومنذ عقود، شكلت التفاعلات الإيجابية بين البلدين حجر الزاوية في بناء علاقة معقدة لكنها محورية. بداية من “المصافحة عبر المحيط الهادئ” التي قام بها قادة الجيل السابق، إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية التي وصفت بأنها “الحدث الأبرز الذي غيّر المشهد الاستراتيجي الدولي”. هذه الأحداث لم تكن مجرد لحظات سياسية عابرة، بل كانت تعبيراً عن قناعة بأن التعاون الصيني-الأمريكي ليس خياراً بل ضرورة عالمية. واليوم، يتجدد هذا الإدراك في الأوساط الدولية، إذ بات واضحاً أنه إذا أراد العالم قرناً مستقبلياً مستقراً، فلا بد للصين والولايات المتحدة من العمل معاً.

على مر السنين اتسمت سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة بالالتزام بمبادئ الاحترام المتبادل، والتعايش السلمي، والتعاون المربح للجميع، وهذه المبادئ ليست مجرد شعارات، بل ركائز تسعى الصين من خلالها إلى تعزيز الاستقرار والتنمية، ليس فقط في علاقاتها مع واشنطن، بل في النظام الدولي ككل.

في الوقت الراهن، تقف كل من الصين والولايات المتحدة عند مفترق طرق، كلاهما يسعى لتحقيق أحلامه الوطنية المشروعة، وكلاهما يطمح إلى تحسين حياة شعبه، لكن هذه الطموحات، رغم اختلاف مساراتها فإنها تحتاج إلى نقطة التقاء تعزز من فرص التعاون بدلاً من التنافس المدمر. في عالم يواجه تحديات مشتركة كالتغير المناخي، والأوبئة، واضطرابات الاقتصاد العالمي، يصبح من غير المنطقي أن يعمل أكبر اقتصادين في العالم في عزلة أو في حالة صراع دائم.

إن تطوير العلاقات الصينية-الأمريكية يحتاج إلى شجاعة سياسية من الجانبين، ورؤية مشتركة تضع رفاهية الشعوب فوق الاعتبارات السياسية الضيقة. وحده التعاون القائم على الثقة والاحترام المتبادل يمكن أن يخلق قاعدة صلبة لعلاقات ثنائية مستدامة تسهم في بناء عالم أكثر استقراراً وازدهاراً للجميع، وبالنسبة إلى الصين، هي دائما تتمسك بالمبادئ الثلاثة للتعامل مع الولايات المتحدة، ألا وهي الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والفوز المشترك. والصين ترحب بأميركا الواثقة والمنفتحة والمتقدمة والمزدهرة، وينبغي للولايات المتحدة أيضاً أن ترحب بصين مسالمة ومستقرة ومزدهرة.

وقبل مغادرة منصبه، اتبعت إدارة بايدن سياسة احتواء الصين وقمعها إلى أقصى حد. ويهدف هذا في الواقع أيضًا إلى تحديد المسار الذي يجب أن يتعامل به ترامب مع العلاقات مع الصين بعد توليه منصبه – لمنعه من الانحراف عن إطار احتواء الصين. وإن موقف الصين بهذا الشأن واضح للغاية. وفي مواجهة سياسة الاحتواء والقمع التي تنتهجها الولايات المتحدة، أطلقت الصين سلسلة من التدابير والإجراءات المضادة للعقوبات. وتهدف الإجراءات المضادة السريعة والحاسمة التي اتخذتها الصين إلى إخبار الولايات المتحدة بأن العلاقات الصينية الأميركية لا يمكن أن تنحرف عن مسارها.

وبطبيعة الحال، باعتبارهما دولتين كبيرتين لهما ظروف وطنية مختلفة، فمن المؤكد أن هناك بعض الاختلافات بين الصين والولايات المتحدة. وخلال المكالمة، ذكر الرئيس شي جين بينغ أيضًا أن المفتاح هو احترام المصالح الأساسية والمخاوف الكبرى لبعضنا البعض وإيجاد طرق لحل القضايا بشكل صحيح. إن السبب وراء نشوء المشاكل في العلاقات الصينية الأمريكية خلال الفترة الماضية هو على وجه التحديد أن الجانب الأمريكي لم يحترم المصالح الأساسية والمخاوف الكبرى للصين، وهذا ما يجب أن تتصالح معه إدارة ترامب وتتعامل معه بمعزل عن مصالحها الخاصة وأن تبني توجهاتها المستقبلية تجاه الصين بناء على الفائدة المشتركة.

شاهد أيضاً

موسى أبو زيد : نتطلع لتعزيز الشراكة الفلسطينية - الفرنسية في تطوير القيادة والإدارة

موسى أبو زيد : نتطلع لتعزيز الشراكة الفلسطينية – الفرنسية في تطوير القيادة والإدارة

شفا – أكد رئيس مجلس إدارة المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة، الوزير موسى أبو زيد، خلال …