من فلسطين إلى الضمير الغائب ، بقلم : نسيم قبها
دائما تطلّ فلسطين لتعطيكم مجالا ينقر اللبادة في إثارة أسئلة فارقة حول علاقتكم بالوقائع الشائكة والوثائق المفضوحة وبالسرديات التي تستدعي نصوصا لا تستطيع حملها بما يليق .
إن هذه الصور التي سحلت الليلة بألم ومعاناة المشاهد والقاعد فيها ، لا تعمل عبر المناورة والمخاتلة التي لم تعد ساذجة ، لأن الكشف عن المخفي فيها أكثر شناعة ، حيث تتحول لعبة الإغلاقات و الاعتقالات والعقابات الجمعية التي تمارسها يد الخفّاش المسلّح بصمتكم ، إلى أداة استغوار عن أهل كهف فيهم نخوة ما .
إن ما تؤديه دولة الإحتلال من وظائف ، على مستوى تمثيلات الهوية فينا ، والسردية في الحكايات والقصص التي تسمعونها ، أو على مستوى تعالقاتها الرمزية مع هذا السير المرفوع بكل وسائل القهر واللامبالاة المتخيلة ، يجعلكم مشاركون في كتابة النصّ الخارج للتطبيق في هذا المشهد الذي لا ينتهي.
إن ما يظهر في هذه القصص المؤلمة ليس حياديا فيكم ، ولا بريئا فيهم ، لأنه سيظل محكوما بفاعلية ما تصنعه موائد العشاء البعيدة عنّا ، والتي تشاهد دون أن تشهد ، عبر القراءة بلا معنى والأيديولوجيا المطموسة برأس المال والمصلحة، وعبر استراتيجية الغريب في التعاطي مع تقانات فحص الموت المعتاد .
دائما تكمن الجرأة في حفر ذلك المطموس من التاريخ والأنثروبولوجيا الفلسطينية ، وفضح ما يتبدى فيه من صراعات لم يجب أن تكون ، وتمثلات إشكالية تخص الهوية السردية ووجودها الحقيقي على المسافر إليها كلصّ يتماهى مع كذبته التي لا يصدقها في مناماته المتقطعة من أرق .
و فيما يخص علاقتكم بالحدث ، وقفل البوابة علينا ، فإن الذي يصنع وجودكم عبر حكايتكم فينا ، وعبر فاعليتها ، هو الانسحاب من التاريخ الحاضر إلى السرد السابق ، لتكونوا على الأقل حاملو النسق لما هو رمزي لكم ونفسي لنا ، و سياسي لهم ، وذلك أضعف الكفر .