3:08 مساءً / 20 يناير، 2025
آخر الاخبار

رياض أمين جابر ، الفدائي الصغير الذي أصبح أيقونة النضال الفلسطيني وشهيدًا محتجزًا في ذاكرة الوطن ، بقلم : م. غسان جابر

رياض أمين جابر ، الفدائي الصغير الذي أصبح أيقونة النضال الفلسطيني وشهيدًا محتجزًا في ذاكرة الوطن ، بقلم : م. غسان جابر

رياض أمين جابر : الفدائي الصغير الذي أصبح أيقونة النضال الفلسطيني وشهيدًا محتجزًا في ذاكرة الوطن” ، بقلم : م. غسان جابر

في ذاكرة النضال الفلسطيني ثمة أسماء لا تُنسى، لأنها لا تجسد فقط البطولة والتضحية، بل تكشف أيضًا معاناة ما بعد الشهادة. رياض أمين جابر، الذي لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة، يمثل نموذجًا فريدًا لفدائي صغير واجه المحتل بشجاعة الكبار. استشهد وهو يحمل قضية وطنه، لكن معاناته استمرت حتى بعد رحيله، إذ لا يزال جثمانه محتجزًا لدى سلطات الاحتلال، في محاولة لطمس رمزية التضحية التي يحملها. ينتمي رياض إلى عائلة جابر، العائلة الفلسطينية ذات الإرث النضالي الطويل، التي قدمت شهداء وأسرى في سبيل الحرية والكرامة.

النشأة والانتماء لعائلة النضال:


وُلد رياض أمين جابر في 3 مايو 1953 بمدينة الخليل، في عائلة فلسطينية عريقة عُرفت بانتمائها الوطني وتاريخها النضالي.

هذه البيئة زرعت فيه حب الوطن منذ نعومة أظفاره، وعمّقت إيمانه بعدالة قضيته. كانت عائلة جابر ولا زالت رمزًا للتضحية، حيث شاركت في مقاومة الاحتلال على مدى أجيال، ما شكل لرياض أرضية صلبة للانخراط في العمل الفدائي مبكرًا.

التحاقه بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين:


في سنٍّ صغيرة، قرر رياض أن يلتحق بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تلك الحركة التي تبنّت الكفاح المسلح كوسيلة لتحرير الأرض. على الرغم من عمره اليافع، برز رياض بين رفاقه بشجاعته الفائقة وإصراره على خوض المهمات الخطيرة. كان يؤمن أن الدفاع عن الوطن مسؤولية جماعية لا تقتصر على الكبار، وأن تحرير فلسطين يتطلب تضحيات من الجميع.

عملية فندق الأمباسادور: شهادة تروي قصة نضال:


في 22 يونيو 1968، حمل رياض حقيبة ناسفة إلى فندق “الأمباسادور” في القدس، الذي كان مقرًا لقيادة الحكم العسكري الإسرائيلي. العملية، التي نفّذها بروح الإقدام والشجاعة، كانت تهدف إلى إيصال رسالة واضحة بأن المقاومة قادرة على الوصول إلى عمق الاحتلال. انفجرت الحقيبة، ليستشهد رياض على الفور، تاركًا خلفه صدمة في صفوف الاحتلال ورمزًا للشجاعة في قلوب الفلسطينيين.

احتجاز الجثمان: جريمة أخرى بحق الشهيد:


لم تنتهِ معاناة رياض باستشهاده، إذ قررت سلطات الاحتلال احتجاز جثمانه، ضمن سياسة ممنهجة تسعى إلى معاقبة الشهداء وأسرهم. هذه الجريمة، التي تتنافى مع كل القوانين الدولية والإنسانية، لم تُثنِ عائلته عن مواصلة طريق النضال، بل زادت من إصرارها على تكريم ذكراه والدفاع عن حق الفلسطينيين في دفن شهدائهم بكرامة.

عائلة جابر: إرث نضالي لا يزول:


رياض ليس استثناءً في عائلته، بل هو جزء من إرث طويل من النضال الفلسطيني الذي سطرته عائلة جابر. قدمت هذه العائلة العديد من الشهداء والأسرى، وظلت دائمًا رمزًا للصمود في وجه الاحتلال. كان انتماء رياض لهذه العائلة بمثابة شرف ومسؤولية، دفعته ليكون أول من يقدم حياته من جيل الشباب الصاعد.

تأثير استشهاد رياض على المقاومة الفلسطينية:


عملية فندق الأمباسادور لم تكن مجرد حادثة عسكرية، بل كانت انعكاسًا لإرادة المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، مهما كانت التحديات. ألهمت تضحيات رياض أجيالًا من الفلسطينيين، ورسخت مفهوم النضال كواجب لا يتوقف على عمر أو ظروف.

رمزية رياض في ذاكرة الوطن:


استشهاد رياض أمين جابر حوّله إلى رمز خالد في تاريخ النضال الفلسطيني. لم يكن مجرد شاب صغير يحمل حقيبة ناسفة، بل كان أيقونة تُجسد معنى التضحية من أجل الحرية. رغم صغر سنه، كتب رياض اسمه بأحرف من نور في سجلّ الشهداء، وظلّ حاضرًا في وجدان الفلسطينيين كرمز للشجاعة التي لا تعرف الخوف.

نقول أن رياض أمين جابر، الفتى الذي أصبح شهيدًا ورمزًا، يُلخّص في قصته معنى الفداء الفلسطيني. استشهاده في ريعان شبابه كان رسالة صادقة بأن القضية الفلسطينية لا عمر لها، وأن الحرية تستحق كل تضحية. ومع استمرار احتجاز جثمانه، يبقى رياض شاهدًا على ظلم الاحتلال، وتظل ذكراه حيّة في قلوب شعبه، دليلًا على أن النضال من أجل الحق لا يموت، بل يورّث عبر الأجيال.

شاهد أيضاً

المناضلة خالدة جرار بعد 160 يوم عزل تعود الى منزلها

شفا – أفرجت سلطات الإحتلال الاسرائيلي عن المناضلة والقيادية الفلسطينية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين …