2:52 مساءً / 20 يناير، 2025
آخر الاخبار

فرحة الانتظار ، بين الألم والأمل ، بقلم : سمى حسن عبدالقادر

فرحة الانتظار ، بين الألم والأمل

فرحة الانتظار ، بين الألم والأمل ، بقلم : سمى حسن عبدالقادر

في لحظة استثنائية، تسارعت نبضات القلوب واختلطت فيها مشاعر الفرح بالقلق، عندما أعلن عن أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم تحريرهم قريبًا. هذه اللحظة ليست فقط إعلانًا عن اقتراب الحرية، لكنها قصة صمود إنساني وتضحيات جسيمة، تختصر معاناة شعب بأكمله.

الأسرى: سنوات انتظار تفوق الخيال


منذ سنوات طويلة، عانى الأسرى الفلسطينيون خلف قضبان الاحتلال، حيث عاشوا ظروفًا قاسية وصراعًا يوميًا من أجل الحفاظ على إنسانيتهم وأملهم في الحرية. بعضهم أمضى أكثر من أربعة عقود في السجون، آخرون تجاوزت محكومياتهم الثلاثين والعشرين عامًا، بينما هناك من حُكم عليهم بالمؤبد، بلا أمل في العودة إلى عائلاتهم إلا عبر اتفاقات كبيرة تحمل تضحيات استثنائية.

اليوم، ومع الإعلان عن الأسماء، يعيش الأسرى لحظات مختلطة، بين فرحة الاقتراب من الحرية وحزن المغادرة عن الأرض التي طالما حلموا بالعيش عليها. بالنسبة لكثيرين منهم، الحرية تعني الترحيل خارج فلسطين، وهي حرية منقوصة، لكنها تبقى أفضل من السجن وقسوة الاحتلال.

الأهالي: شوق مؤلم وقلق على المصير


على الجانب الآخر، تعيش عائلات الأسرى حالة من الترقب الشديد، بين فرحة قرب لقاء الأحبة وبين ألم الفراق المحتمل عن الوطن. ففي حين سيُفرج عن بعض الأسرى داخل فلسطين، إلا أن الأغلبية سيتم ترحيلهم إلى الخارج، بعيدًا عن الأرض التي ناضلوا من أجلها وضحوا بشبابهم في سبيلها.

الأمهات والآباء الذين حلموا بلحظة احتضان أبنائهم في بيوتهم، يجدون أنفسهم أمام واقع صعب؛ لقاء الأحبة سيكون في منفى جديد، بعيدًا عن الحارات التي تربوا فيها، وعن وطنهم الذي عشقوه. ومع ذلك، تبقى الحرية، ولو خارج الوطن، حلمًا انتظروه طويلاً.

التضحيات: ثمن الحرية الغالي


ما تحقق اليوم من انتظار فرحة تحرير الأسرى لم يكن مجانًا. لقد دفعت غزة، ومعها كل فلسطين، ثمنًا غاليًا من أجل هذا الإنجاز. دماء آلاف الشهداء الذين ارتقوا في الحروب والقصف كانت وقودًا لهذا النضال، وآلاف الجرحى الذين فقدوا أطرافهم أو أصيبوا بإعاقات أبدية هم شهادة على عظمة التضحيات.

غزة، التي واجهت الدمار والتشريد مرارًا، قدمت كل ما تملك من أجل الحرية. مئات العائلات هُدمت بيوتها على رؤوس ساكنيها، وأخرى هجّرت تحت القصف، ومع ذلك لم تستسلم أو تخضع، بل استمرت تقدم الأرواح والتضحيات لأجل القضية.

إن هذا الثمن الباهظ الذي دفعته غزة وأبناؤها هو وسام شرف على صدر الوطن، وألف تحية لكل من ضحى بدمه وبيته وراحته ليبقى الأمل حيًا، وليصل الأسرى إلى حريتهم، حتى وإن كان ذلك بعد سنوات طويلة من الغياب.

الحرية: ولادة جديدة ولو في الغربة


تحرير الأسرى هو ولادة جديدة لهم، حتى وإن كانت في المنافي. بالنسبة للأسير الذي قضى عقودًا في الزنازين، فإن الحرية تعني استعادة جزء من الحياة التي سُرقت منه، والفرصة لإعادة بناء مستقبله بعيدًا عن الظلم.

لكن التحدي الحقيقي يبدأ بعد التحرير؛ فالأسرى المحررون، خاصة أولئك الذين سيتم ترحيلهم، سيواجهون واقعًا جديدًا يحتاجون فيه إلى الدعم النفسي والمجتمعي للتأقلم مع الحياة خارج السجن، وفي بيئات قد تكون غريبة عنهم.

فرحة الانتظار هذه ليست عادية، إنها لحظة تختزل معاني الصبر والنضال والتضحية. الإعلان عن أسماء الأسرى هو بداية جديدة تحمل الأمل والقلق في آن واحد. الأسرى الذين عاشوا سنوات من الألم يستحقون الحرية، حتى وإن كانت خارج حدود الوطن، لأنهم سيبقون جزءًا من نضال الشعب الفلسطيني الذي يواصل كفاحه لتحقيق حلم الحرية والعودة.

في هذه اللحظات، تنتظر فلسطين وأبناؤها لحظة اللقاء، بينما تحتفظ الأرض بذاكرة الشهداء الذين ضحوا من أجل أن تتحقق هذه الأحلام، مهما كانت مشوشة أو ناقصة. هذه هي فلسطين: وطن لا يعرف الاستسلام، وشعب لا يرضى إلا بالكرامة والحرية، حتى لو كان الثمن غربة عن الأرض التي يحبونها. ختامًا. من كان محكومًا بالمؤبد، يُكتب له أن يخرج غدًا إلى الحرية، ليؤكد للعالم أجمع أنه لا يوجد مستحيل على هذه الأرض طالما أن هناك ربًا كريمًا، عزيزًا، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويفرج هم من يشاء. وطالما هناك حق وراءه مطالب، فإن الأمل باقٍ والحرية ممكنة. هذه اللحظة تُذكرنا بأن بعد كل ضيق فرج، وأن إرادة الشعوب لا تُكسر، وأن النضال من أجل الحق لا بد أن يُثمر، مهما طال الزمن.

سمى حسن عبدالقادر ( Soma Hassan ) ( سوما )

شاهد أيضاً

محافظ سلطة النقد يحيى شنار يستقبل السيدة أمل فرج رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية

محافظ سلطة النقد يحيى شنار يستقبل السيدة أمل فرج رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية

شفا – بحث محافظ سلطة النقد معالي السيد يحيى شنار عدداً من القضايا المشتركة مع …