12:21 صباحًا / 12 يناير، 2025
آخر الاخبار

أفكار (4) التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ، بقلم : د. غسان عبد الله

أفكار (4) التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ، بقلم : د. غسان عبد الله

ليس من السهل على الوالدين أن يرزقا بطفل لديه اعاقة، نفسية أو فسيولوجية، يتم تشخيصه لاحقا من ذوي الاحتياجات الخاصة، ناهيك لما يتطلبه ذلك من أعباء غير مألوفة لديهما : اهتمام وعناية خاصة جراء العوائق المتعددّة والمتنوعة، وغياب الوعي المطلوب بثقافة الصحة النفسيّة .


بداية حبذا لو يقوم الوالدان بالتركيز على الأمور السهلة التي من شأن ذوي الاحتياجات الخاصة القيام بها ،لما لها من اّثار تحفيزية ، حيث لا تتحول روح هذا الشخص الى روح معاقة مثل جسده ، ولنتذكر هنا عالم الفيزياء ستيف هوكينغ الذي أصيب بعمر 21 سنة وقال الأطباء أنه لن يعيش أكثر من 10 سنوات ، لكنه مات عن عمر 76 عاما ، بعد أن رفد العلم بنظريات فيزياء عديدة .


زرنا كفريق عمل احدى مركز الرعاية الخاصة، لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 5 – 14 سنة، كانت الصدمة الأولى الخلط بين الحالات الفسيولوجية والسيكولوجية،عشوائية مراعاة فارق الجنس والسن،عدم توفر غرفة مصادر في المركز .

أما الصدمة الثانية فكانت حالة الوجوم والاستحياء و اللعثمة لدى طاقم الرعاية الخاصة ومقدمي الخدمات، والتي تبين لنا لاحقا، أنها حصيلة عدم الوعي المعرفي بكل نمط من أنماط الاعاقة، ناهيك الى أن التعليم هو باتجاه واحد المركز والأطفال، دون دمج أو حتى التشاور مع الأهل وجعله مقتصرا بين جدران المركز، في الوقت الذي نحرص على عدم تعارض مصادر الخطاب التربوي بين الأسرة والمدرسة، خاصة في جوانب القيم والأخلاق المنشودة، مع ضرورة مراقبة الأهل لدور التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، مع ضرورة التركيز على أهمية فرص التعلم من البيئة والمجتمع المحيط، على طريق انجاز الخطوة الأولى والمطلوبة هي دمج الأهل لمساعدتهم، عبر تزويدهم بمهارات لدوام دمج المعاق في الحياة الأسرية والحياة العامة قدر المستطاع ، مع ملازمة الانتباه الى ضرورة تعديل سلوك الأفراد ممن حول المعاق ، الأمر الذي يتطلب المزيد من المعرفة واستشارة المختصين والمهنين في ذات المجال ،اّخذين بعين الاعتبار المعاناة النفسيّة ، الى جانب المعاناة الجسديّة للمعاق ، سواء ولد هكذا او تعرض الى حادث /صدمة ما .


على عائلة الشخص المعاق ،أن تعي المشاكل المرافقة للاعاقة هذه ، المحسوسة وغير المحسوسة ،قدر المستطاع والتي منها :


⦁ صعوبة النوم والأكل
⦁ دوام الانتكاسات الصحيّة
⦁ بطء في التطور الاستقلالي والاعتماد على الذات self –reliance
⦁ انتكاسات نفسيّة تؤدي الى اضطرابات سلوكية جليّة behavior disorders


أولى الخطوات المطلوبة لضمان فعالية ونجاح عمليات التأهيل المستمر ليس فقط للمعاق بل ولذويه حتى يتم الخروج من مستنقع دوام الشعور بالذنب والمسؤولية عمّا حصل ويحصل، ومن أجل عملية تأهيل واعدة ، يتم من خلالها مراعاة الحالات الانفعالية التي تمر بها اسرة المعاق والمتمثلة في : الصدمة ، الرفض والانكار ، الشعور بالذنب والمرارة ، الغضب والعصبيّة الزائدة ، لا بد من :-


⦁ تعزيز مفهوم الابتلاء من رب العالمين ( ولنبلونهم …) وما يستلز لمواجهته ( وبشر الصابرين )
⦁ تدعيم وتمكين العائلة من جميع النواحي : السيكولوجية ، الاجتماعية والاقتصادية ،
⦁ العمل بأقصى الطاقات الممكنة على تحويل الانفعال السلبي لدى الأسرة ، الى ايمان راسخ بأن هذا الطفل قادر على ان يكون عنصرا فاعلا في مجتمعه ، مثلما أشرنا في البداية الى عالم الفيزياء ستيف
⦁ ضمان التشخيص السليم من قبل مختصين وعدم كتمان النتائج (سلبية كانت أم ايحابية) عن الأهل
⦁ نشر وتعميم الوعي لدى الأهل قبل الزواج عن المخاطر والأمراض التي قد تصيب المولود في حالة الزواج بين الاقارب ( التلاسيميا مثلا) وذلك عملا بقول المصطفى ” غربّوا النكاح”، وضرورة الكشف الطبي المبكّر مع واجب الاستثمار في التربية الجنسيّة .


⦁ ضرورة عدم نشر واتباع ثقافة الاشاعات ، لا سيما في ظل التقدم الكبير في العلوم الطبيّة .

كيف يمكن مساعدة الطفل المعاق على الانخراط ودمجه في بيئته قدر الامكان !


⦁ بعد تأمين الدعم النفسي والطبي ومستلزمات تأهيل الأسرة ،تبدأ عملية التدرج في دمج الطفل رويدا رويدا اما من خلال التحاقه بمدرسة/مؤسسة تعليمة مختصة أو تأمين المستلزمات له من العاب وبرامج تعليمية وقصص
⦁ على الأهل عدم الخجل أو ابداء الوجل من حالة الطفل هذه ،بل الانخراط وبشكل متناسق ومتفق عليه بين الوالدين وبقية أفراد الأسرة ،في عملية تأهيل طفلهم المعاق وذلك بعد اكتساب المعرفة والمهارات من ذوي الاختصاص
⦁ ضرورة التعامل مع الطفل المعاق بواقعية ونبذ الاحلام
⦁ عدم لجوء الأهل الى عزل المعاق في المنزل بذريعة الحرص على حمايته من قسوة العالم الخارجي بل مساعدته على الاندماج في المجالات الطبيعية الممكنة والاكثار من المناسبات الاجتماعية التي قد تساعده على ذلك من خلال ابراز مواهبه واثبات شخصيته .
⦁ عدم تحول العائلة الى دوام الاضطراب وعدم التردد بطلب الاستشارة والعون من المختصين
⦁ الابتعاد كليا عن تحميل أي من أفراد العائلة( الأم غالبا) المسؤولية عن هذه الحالة مع عدم دوام توجيه اللوم بشكل مباشر / غير مباشر له/لها، اذ يؤثر ذلك على نفسية الجميع سلبا ،ويحدّ من منسوب التفاعل والاسهام المطلوبين من الجميع
⦁ التعبير عن الاعجاب بقدرات وطاقات كل من الأسرة والمعاق على التجاوب والانجاز ،لكن مع تجنب المبالغة ورفع سقف التوقعات
⦁ ضرورة قيام المؤسسات الرسميّة والأهلية بدوام متابعة هذه الحالات وامدادها ليس فقط بالمستلزمات الماديةالمطلوبة ،بل واطلاعها على أخر التطورات والجهود العلمية بخصوص مثل هذه الحالات والتي من أبرزها حالات التوحد (autism ) و ((Down ٍsyndrome
⦁ وأخيرا وليس باّخر، الاقرار بأن لوسائل الاعلام دور دور تثقيفي ارشادي هام .
⦁ لندرك جميعا بأن ما نفعله وما نقدمه للمعاقين ليس منة من أحد، بل هي حقوق شرعتها القوانين الالهية ” ولقد كرّمنا بني اّدم ” وتلك القوانين الوضعية .

إقرأ أيضاً : أفكار (3) ، كيف تتكامل شخصية الانسان تربويا ، بقلم : د. غسان عبد الله

إقرأ أيضاً : أفكار (2) مهارات التعامل مع ذوي مشاعر الاجهاد والضغط النفسي ، بقلم : د. غسان عبد الله
إقرأ : أفكار (1) بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة ، بقلم : د. غسان عبدالله
إقرأ المزيد حول د. غسان عبد الله

شاهد أيضاً

فوائد الأفوكادو للجسم

فوائد الأفوكادو للجسم

شفا – يعد الأفوكادو من الأطعمة الغنية بالفوائد الصحية المتعددة، عدا عن طعمه اللذيذ وطرق …