google-site-verification=We9EpjXPzR26Jub1MUikpvsGx0iztVY_W-jDs9Az1Rk google-site-verification=We9EpjXPzR26Jub1MUikpvsGx0iztVY_W-jDs9Az1Rk
7:17 مساءً / 10 يناير، 2025

“أثر النزاعات والكوارث على حق الأطفال في التعليم: مأساة مستمرة ومعالجات ضرورية” ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

"أثر النزاعات والكوارث على حق الأطفال في التعليم: مأساة مستمرة ومعالجات ضرورية" ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

“أثر النزاعات والكوارث على حق الأطفال في التعليم: مأساة مستمرة ومعالجات ضرورية” ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

على الرغم من أن التعليم يُعد حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وأحد أركان تطور المجتمعات، إلا أن ملايين الأطفال حول العالم يُحرمون من هذا الحق بسبب النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية. لا تزال المنطقة العربية تُعاني من تبعات الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ألقت بظلالها الثقيلة على مستقبل التعليم، مما جعلها واحدة من أكثر المناطق تضرراً في هذا المجال.

لقد تركت الصراعات المسلحة بصمتها العميقة على حياة أكثر من 30 مليون طفل أُجبروا على النزوح من أوطانهم. أطفال هُجّروا قسراً بحثاً عن الأمان، ولكنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة الاستعباد وسوء المعاملة والحرمان من أبسط حقوقهم، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية. من سوريا واليمن إلى السودان ومالي وأفغانستان، تتوالى فصول المعاناة، حيث تتآكل الأحلام تحت وطأة العنف والدمار.

التعليم في حالات الطوارئ: تحديات تفوق التوقعات

حالات الطوارئ التي تؤثر على التعليم تمتد من الكوارث الطبيعية إلى النزاعات المسلحة التي تدمّر البنية التحتية ومرافق التعليم والرعاية، مما يحرم الأطفال من حقهم الأساسي في التعلم. تشمل هذه الحالات كل ما يؤدي إلى تعطيل العملية التعليمية بشكل جذري، سواء كان نتيجة احتلال عسكري أو صراعات داخلية أو كوارث طبيعية كالأعاصير والزلازل.

إن أبرز مظاهر هذا التأثير تظهر جلياً في مناطق الحروب، حيث تُستهدف المدارس والمرافق التعليمية بشكل مباشر. في غزة، على سبيل المثال، شهدنا تدميراً شاملاً للبنية التعليمية بفعل الاعتداءات العسكرية. مدارس وجامعات وحتى رياض الأطفال تحولت إلى ركام، وانهارت معها أحلام آلاف الأطفال في مستقبل أفضل.

الحرب على التعليم: جيل كامل في مواجهة المجهول

الحرب ليست مجرد دمار مادي؛ إنها كارثة تُخلّف آثاراً نفسية واجتماعية طويلة الأمد. في غزة، يعيش الطلاب وأسرهم تحت وطأة ذكريات أليمة من الخوف والقلق، مما أدى إلى انتشار حالات الاكتئاب والصدمات النفسية التي ترافق الأطفال مدى الحياة. هذه المآسي تُضاف إلى تحديات أخرى فرضتها جائحة كوفيد-19، التي زادت من تعقيد المشهد التعليمي، حيث تعرّضت المدارس للإغلاق المتكرر، مما أثر على استمرارية التعليم وجودته.

ومع تحول التعليم إلى نظام يعتمد على التكنولوجيا بسبب الظروف، وجد العديد من الطلاب أنفسهم غير قادرين على الوصول إلى أدوات التعلم عن بُعد. هذا الحرمان لم يُعقِ استمرارية التعليم فحسب، بل زاد من فجوة التفاوت التعليمي بين الطلاب، مما أدى إلى ارتفاع نسب التسرب الدراسي وتراجع الأداء الأكاديمي.

الأبعاد النفسية والاجتماعية للحروب على الأطفال

إلى جانب التأثير التعليمي، تُعمّق الحروب الأزمات النفسية والاجتماعية للطلاب. الخوف والتوتر والعزلة الاجتماعية تُضعف من قدرتهم على الاندماج والتواصل، مما يُؤثر بشكل سلبي على تطورهم الشخصي والعاطفي. هؤلاء الأطفال لا يواجهون تحديات التعليم فقط، بل يحملون على كاهلهم أعباء نفسية واقتصادية تجعل من مواصلة حياتهم الطبيعية أمراً شبه مستحيل.

الحلول الممكنة: خطوات نحو استعادة الحق في التعليم

معالجة هذه الكارثة التعليمية تتطلب إجراءات جذرية تبدأ بتوفير التكنولوجيا اللازمة لدعم التعليم عن بُعد. يجب أن تعمل الحكومات والمؤسسات الدولية على تأمين أجهزة الحاسوب والإنترنت للأطفال في المناطق المتضررة، لضمان تمكينهم من الاستمرار في العملية التعليمية رغم التحديات. توافر التكنولوجيا يُعد خطوة أساسية لسد الفجوة التعليمية التي خلّفتها الحروب والكوارث.

إلى جانب ذلك، لا بد من توفير برامج دعم نفسي واجتماعي للأطفال الذين عانوا من تبعات النزاعات، لمساعدتهم على تجاوز الصدمات النفسية. هذه البرامج تُسهم في إعادة تأهيلهم للاندماج في المجتمع، كما تعزز الروابط بين المدارس وأسر الطلاب لضمان حصولهم على بيئة تعليمية متكاملة.

دور المعلمين في هذه الأزمة لا يمكن التغاضي عنه، لذا يجب تقديم دورات تدريبية متخصصة تمكنهم من استخدام التكنولوجيا بفعالية وتطوير مهاراتهم في التعامل مع التعليم في الظروف الطارئة. هذه الدورات تُسهم في تعزيز قدرتهم على تقديم محتوى تعليمي يتناسب مع احتياجات الطلاب المتضررين.

أما البنية التحتية التعليمية، فتحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة. لا يقتصر الأمر على إعادة بناء المدارس والمرافق التعليمية التي دُمرت، بل يتطلب أيضاً تزويدها بالمستلزمات والموارد التي تضمن بيئة تعليمية مناسبة. هذا الجهد يتطلب تعاوناً دولياً وإشراك المجتمع المحلي لتوفير الدعم المادي والمعنوي اللازم.

وأخيراً، إشراك مؤسسات المجتمع المدني يُعد ركيزة أساسية في مواجهة هذه الأزمة. هذه المؤسسات يمكنها تقديم الدعم المباشر للأطفال وأسرهم، سواء من خلال تقديم المساعدات المالية أو تنظيم أنشطة تعليمية تُعزز من قدرة الأطفال على استعادة حقهم في التعليم.

أمل يتجدد في المستقبل

رغم التحديات، يبقى التعليم شعاع الأمل الوحيد الذي يُمكنه أن يُضيء طريق المستقبل أمام هؤلاء الأطفال. إن الاستثمار في التعليم ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل هو واجب أخلاقي ومسؤولية جماعية تُسهم في بناء مجتمعات أكثر استقراراً وعدالة.

من خلال رؤية واضحة واستراتيجيات مستدامة، يُمكننا تجاوز هذه المآسي وبناء أجيال قادرة على استعادة حقوقها وإحياء أحلامها، مهما بلغت صعوبة الطريق. فالتعليم ليس مجرد حق، بل هو السلاح الأبرز الذي يُمكّن الشعوب من مواجهة الظلم وتحقيق السلام.

شاهد أيضاً

الاحتلال يمنع المواطنين من زراعة أراضيهم في الأغوار الشمالية

الاحتلال يمنع المواطنين من زراعة أراضيهم في الأغوار الشمالية

شفا – منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، المواطنين من زراعة أراضيهم في سهل أم …