شفا – صمود الإنسان الفلسطيني في وجه طغيان المستوطنين “سكان البلدة القديمة في الخليل”
فلسطين/ إياد سرور
تقع البلدة القديمة بمحاذاة المسجد الإبراهيمي الشريف. وهي عبارة عن أزقة وبيوت ودكاكين قديمة، وتحتوى على العديد من الأسواق.
فالبلدة القديمة جزء مهم من مدينة الخليل وعزيزة على أهلها لما تمثلته من ارتباط بالماضي التليد ففيها الكنوز المعمارية ،وفيها أيضاً يواجه الإنسان الفلسطيني شذاذ الآفاق من المستوطنين وقوات الاحتلال الراغبين في استيطانها وتحويلها إلى حي يهودي.
شبكة “شفا” تجولت في أسواق وأزقة وبيوت البلدة القديمة والتقت رجالها ونسائها وخرجت بالتقرير التالي :
إصرار وتحدي
المواطن يوسف عبد المجيد محارمه والذي يقطن في البلدة القديمة في مدينة خليل الرحمن لاجئ فلسطيني من بلد “عجور” الذي هجر عنها عام 1948،بدأ حديثه معنا بكلمات ملؤها الإصرار والتحدي قائلاً “المستوطنون ومعهم جنود الاحتلال يهاجمون بيوتنا بعد منتصف الليل، بحجة التفتيش ويبثون الذعر والرعب في نفوس أطفالنا وشيوخنا ونسائنا، وكل هذا بهدف “تطفيشنا”من بيوتنا للاستيلاء عليها، وعرضوا علينا شيكاً مفتوحاً،وقالوا لنا:ضعوا المبلغ الذي تريدونه مقابل بيوتكم .
وشدد على أنهم لن يتخلوا عن أرضهم وبيوتهم ولو كان ثمن ذلك مال قارون ، فالبلدة القديمة هي إرثهم وإرث أجدادهم وهم متمسكون بها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.
وأكد إسحق قفيشة على ذات الموقف وأنهم في جهاد ورباط في البلدة القديمة إلى يوم القيامة،وتحدث عن وجود مناطق أخرى فيها سبل الحياة الأفضل ومع ذلك فإننا لن نتخلى عن ممتلكاتنا ولو للحظة واحدة، فهي أرض الآباء والأجداد.ونحن متمسكون بها حتى الرمق الأخير.
ووصف محارمة الوضع الاقتصادي بالقول أنه سيء للغاية فالدخل محدود جداً،وتدب الحياة في شهر رمضان المبارك، فالمواطنون يتوافدون للصلاة في المسجد فتنتعش البلدة بهم وتنتعش الحركة التجارية.
وتؤكد المواطنة “أم حسين الشريف” أن مقومات الحياة عندهم شبه معدومة، فهي تتمنى كما هو حال جميع النساء العيش في بيت أفضل، وأنها عاشت في البداية في منطقة أخرى في بيت استئجار، لكنها اضطرت للنزول إلى البلدة لتعيش في بيت منحتهم إياه لجنة إعمار الخليل لتعيش حول بيت أهل زوجها ولتشارك في إحياء البلدة القديمة والتمسك بهويتها.
عراك بالأيدي
سرد محارمة قصته مع ممارسات الاحتلال قائلاً “قبل فترة وجيزة مرّت من أمام بقالتي المتواضعة مجموعة من قطعان المستوطنين، وتفوهوا بألفاظ نابية وبصقوا في وجوهنا،وأضاف أن بيت ابن عمه تعرض لهجوم المستوطنين قبل واعتدوا عليه بالضرب وكذلك فعلوا بزوجته وكسروا يد ابنه الصغير،كل هذا بسبب أنهم يعيشون في هذه المنطقة.
أما المواطنة الشريف فقالت “إننا نعيش في البلدة القديمة وكأننا في قفص لا نستطيع الخروج منه إلا بحكم قوات الاحتلال، وخاصة في مناسبات أعياد اليهود والمستوطنين، ففي هذه الفترة يكون الوضع سيئاً ولا يطاق ،وكأننا في منع تجوال، فإذا تأخرنا عن البيت ننتظر على الحاجز لعدة ساعات حتى يأتي القرار من مركز الشرطة لكي يسمح لنا بالدخول، وهناك قيود على دخولنا ولخروجنا”
وسردت الشريف قصة زوجها مع قوات الاحتلال وأنه في ذات مرة خرج زوجي من البيت ليحضر للصغار الحليب وعند الحاجز القريب أوقفه جنود الاحتلال وبدؤوا بشتمه بالألفاظ البذيئة، وزوجي لا يرد عليهم ، وانهالوا عليه بالضرب المبرح،وأخذوه إلى مركز الشرطة وقالوا له :نريدك لبضع ساعات، وحولوه إلى الاعتقال في سجن عوفر لمدة( 25) يوما ًبالإضافة إلى دفع غرامة مالية مقدارها(500) شيكل مع وقف التنفيذ لمدة عامين ونصف.
وتضيف الشريف أن المستوطنين دائماً ينكلون بسكان البلدة وخاصة في فترة أعيادهم , فهم يصعدون إلى أسطح منازل المواطنين ويعبثون بخزانات الماء الموجودة على السطح ويبولون فيه، إضافة إلى رمي الأوساخ القذرة. ” فتنكيلهم لا ينتهي إلا بزوالهم وزوال دولتهم إن شاء الله”.
الحاجة “أم حمزة” والتي تقطن في البلدة القديمة منذ ثلاثين عاماً لها حكاية أخرى بنكهة الصمود والتحدي مع قوات الاحتلال والتي أكدت أنه في بداية حياتنا كان الوضع طبيعي جداً، مثلنا مثل غيرنا، لكن بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي،وانتفاضة الأقصى،أصبحت المضايقات ليس لها حدود من قبل الاحتلال والمستوطنين، لدرجة أننا إذا كنا نحمل أيدينا كيلو البندورة نخضع للتفتيش على الحاجز، فهم يعيشون في خوف ورعب.
وتتابع “أم حمزة “سرد قصتها مع قطعان المستوطنين “في يوم من الأيام كنت راجعة إلى بيتي وقد هاجمتني بعض المستوطنات الصغيرات ولكنني بعون الله وقدرته استطعت أن أتصدى لهن، وسحبت واحدة منهن من شعرها وقلت: بسم الله الله أكبر، حينها هربن مسرعات ،وعدت إلى بيتي بأمان وسلام.
ويضيف قفيشة أن حركة الناس في البلدة القديمة قد شلت بسب الاستيطان الإسرائيلي للمنطقة والمداهمات المتكررة,وخاصة أنهم فجروا(28) باباً بحجة عدم فتح الأبواب لهم عند مداهمتهم المنازل.