الاحداث السورية وتداعياتها على القضية الفلسطينية والمنطقة ، بقلم : اللواء سمير عباهره
الاحداث التي مرت بها سوريا خلال الاسابيع الماضية بمختلف تفاعلاتها المحلية والإقليمية والدولية وما ترتبت عليها من نتائج دراماتيكية وفي مقدمتها الحدث الاهم والأبرز بسقوط النظام السوري وظهور قوى متعددة الأصول والمنابت وبولاءات فكرية متعددة وتحت غطاء دولي وإقليمي قلبت كل التوازنات وأحدثت تحولا كبيرا في موازين القوى على مختلف الصعد وتحديدا فيما يخص قطبي السياسة الدولية واقصد الولايات المتحدة وروسيا التي غادرت المشهد السوري نتيجة حسابات لوجستية ليست مدار بحثنا بينما احكمت الولايات المتحدة نفوذها بعض الشيء في المشهد السوري. انسحاب روسيا من المشهد السوري وغياب التأثير الروسي القى بظلاله على واقع التوازنات الدولية حيث بقيت الولايات المتحدة تحكم قبضتها على مقاليد السياسة الدولية وعلى ما يحدث في سوريا وبالتعاون مع دول اقليمية اخرى. خيوط اللعبة باتت تمسك بها الولايات المتحدة حيث تهدف الى احتواء النظام السياسي الجديد في دمشق الذي هو في طور التشكل وربما اغراءه بتقديم مساعدات لإعادة اعمار سوريا وترميم البنى التحتية التي تم تدميرها وإعادة تأهيل قوى الامن لحفظ القانون وفي مخططاتها ابعاد سوريا من الحاضنة العربية وإضعاف الموقف السوري تجاه القضية الفلسطينية لكن الهدف الابرز للولايات المتحدة هو جر النظام السوري الجديد والذي من المؤكد انه سينشأ ضعيفا باتجاه التطبيع مع اسرائيل وضمن مغريات سياسية ومادية.
وهكذا يتضح من خلال المعطيات المتوفرة ان ما يحدث في سوريا له تأثير مباشر على القضية الفلسطينية المعرضة للتصفية وإضعاف البيئة العربية الحاضنة لها لما تقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل من جهود في رسم مسار شرق اوسط جديد بعيدا عن التعاطي مع القضية الفلسطينية. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان سقوط النظام السوري افرز معادلة جديدة تمثلت في انتهاء النفوذ الإيراني في سوريا وهذا سيكون له إنعكاسات مباشرة على محور إيران التي تعتبر عنصرا فاعلا في المشهد الفلسطيني وتحديدا بعد احداث غزة. ان فقدان ايران نفوذها في اهم الساحات الاقليمية واعني الساحة السورية وانحسار نفوذها في لبنان وفي غزة جعلها تبحث عن ساحات اخرى في المنطقة لتبقى داخل المشهد الاقليمي فقد مثل انهيار نظام الأسد واقعا جديدا لإيران تطلب نهجا مختلفا لأهدافها ولم يكن اعتبار انهيار المحور الشيعي نهاية فصل بل بداية لتهديدات جديدة ظهرت في مواقف ايران بعد سقوط نظام الأسد وإضعاف حزب الله فكانت ان وجهت ايران انظارها الى الضفة الغربية وتعزيز دور اذرعها هناك لإحداث حالة من الفوضى هناك وتقويض الامن القومي الفلسطيني ومحاولة خلق بدائل للشرعية الفلسطينية وما يجري من احداث في جنين ومحيطها يتقاطع تماما مع نوايا ايران ومواقفها السياسية المتجددة حتى يبقى لها موطأ قدم بعد انهيار حلفاءها.
لم يتضح لغاية الان شكل النظام السياسي الجديد في دمشق وما هي مرتكزاته السياسية وكيف سيتعاطى مع النظام الدولي بمختلف مكوناته لكن من المفترض ان ينطلق في توجهاته الدولية من حاضنته العربية وان تكون في سلم اولوياته الامساك بالورقة الفلسطينية التي يمكن من خلالها تعزيز مكانته على الساحة الدولية ومن المفترض ان تكون السلطة التي لها مصالح كبيرة في دمشق قد بدأت فعليا الاتصال مع القيادة السورية الجديدة لتحديد مستقبل العلاقة بين الطرفين لكن ذلك ربما يكون خاضعا لعدة عوامل وأهمها موقف النظام الجديد في دمشق من التطورات الحاصلة على الساحة السياسية الفلسطينية ومراقبة المشهد السياسي الفلسطيني بكافة اطيافه السياسية ومن سيكون هو المؤثر من بين هذه الاطياف في القرار السوري اضافة الى ان المشهد العربي والإقليمي وربما الدولي ايضا سيكون له دور في تحديد مسار العلاقات التي تربط فلسطين مع سوريا الجديدة وكل ذلك يعتمد على حجم التفاعلات العربية المساندة للقضية الفلسطينية ومن المؤكد ايضا وفي هذا السياق ان تكون العيون مسلطة على المتغيرات في العلاقة ما بين الشرعية الفلسطينية والنظام الجديد في دمشق مع ادراك السلطة الفلسطينية انها يجب ان تسير في خط متوافق مع وجهات النظر للمجموعة العربية الفاعلة ومع وجهات نظر الدول الصديقة حتى تتضح ملامح النظام السوري الجديد.