2:46 مساءً / 20 ديسمبر، 2024
آخر الاخبار

الشرق الأوسط الجديد: خرائط تُرسم… وأوطان تُمحى! بقلم : م. غسان جابر

الشرق الأوسط الجديد: خرائط تُرسم... وأوطان تُمحى! بقلم : م. غسان جابر

بينما تتسابق القوى الكبرى لإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط، نجد أنفسنا أمام مشهد يتكرر كأنه مسرحية هزلية بلا نهاية. خرائط تُرسم خلف الأبواب المغلقة، ومصائر تُحدد بمؤتمرات وصفقات، بينما الشعوب تُترك لتتجرع مرارة الواقع. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل نحن شركاء فعليون في هذا المشروع أم مجرد أدوات لتحقيق أهداف غيرنا؟

دول الخليج: شراكة فاعلة ودعم مستمر للقضية الفلسطينية

دول الخليج، بما تملكه من ثروات هائلة ونفوذ اقتصادي، تُعتبر من أبرز القوى المؤثرة في تشكيل معادلات الشرق الأوسط الجديد. هذا التأثير لا يقتصر فقط على المكاسب الاقتصادية، بل يتعداه إلى دور محوري في دعم الاستقرار الإقليمي والحفاظ على حقوق الشعوب، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

لقد أثبتت دول الخليج مرارًا أن دعمها للشعب الفلسطيني ثابت، سواء عبر الدعم السياسي أو الاقتصادي، وأنها تدرك جيدًا أن أي مستقبل عادل للمنطقة لا يمكن أن يتحقق دون إيجاد حل منصف للقضية الفلسطينية. الفرصة الاقتصادية التي يوفرها الشرق الأوسط الجديد يمكن أن تتحقق دون التفريط في المبادئ أو تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو ما يجعل من دول الخليج شريكًا فاعلًا في الحفاظ على التوازن وتحقيق العدالة.

هذا الموقف المتزن والحازم من دول الخليج قد يكون صمام أمان يضمن ألا تتحول المشاريع الجديدة إلى وسيلة لتهميش القضية الفلسطينية أو تقويض حقوقها التاريخية.

تركيا: مهندس التحولات أم لاعب متردد؟

تركيا تلعب لعبة الوجهين بمهارة؛ تسعى لتوسيع نفوذها الإقليمي، وتقدم نفسها كقوة لا يمكن تجاوزها في معادلات المنطقة. توازن بين الحديث عن دعم القضايا العادلة، وبين تحقيق مصالحها الاستراتيجية. هذا التذبذب يجعل دورها معقدًا ويثير الشكوك حول نواياها.

تركيا تعلم أن أي مشروع شرق أوسط جديد يتجاهل القضية الفلسطينية سيكون قنبلة موقوتة على حدودها. ورغم طموحاتها التوسعية، تدرك أن التلاعب بالخرائط دون حل عادل للفلسطينيين سيجلب مزيدًا من الفوضى، وهو ما لا تحتمله.

إيران: المعارض الصامد أم المستفيد الخفي؟

إيران تراقب هذا المشروع كخصم يسعى لتقويضه. تستخدم أدواتها في المنطقة – من اليمن إلى لبنان – لإبقاء نفوذها حاضرًا، وتعتبر أن أي شرق أوسط جديد لا يشملها هو محاولة لعزلها ومحاصرتها. وهي تُصر على أن دعم القضية الفلسطينية أحد أعمدة سياستها الخارجية، وإن كان هذا الدعم مُسيّسًا لخدمة أهدافها الإقليمية فقط.

هل تُمحى فلسطين من الخريطة؟

أكثر ما يثير السخرية في كل هذه المخططات هو الاعتقاد بإمكانية بناء شرق أوسط جديد دون فلسطين. كأن شعبًا بأكمله يمكن أن يُمحى من الوجود بقرار أو صفقة! فلسطين ليست مجرد “عقبة” أو “تفصيل صغير”؛ إنها جوهر الصراع واختبار لكل مشاريع السلام والعدالة.

أي مشروع يتجاهل حقوق الفلسطينيين هو مشروع ساقط أخلاقيًا وسياسيًا، وسيظل هشًا مهما حاولوا تجميله بشعارات براقة أو اتفاقيات سطحية.

قادة العرب: حُماة المصالح أم سماسرة التاريخ؟

ننظر إلى قادة الدول العربية، فنجدهم يتسابقون على توقيع الاتفاقيات والتقاط الصور التذكارية، وكأن التاريخ لن يُحاسبهم. يظنون أنهم يربحون بتحقيق مكاسب آنية، بينما يبيعون ما تبقى من كرامة شعوبهم وحقوقها.

النهاية: شرق أوسط جديد أم كذبة كبرى؟

أيها السادة، شرق أوسط جديد بلا عدالة هو مجرد وهم كبير. مشروع يقف على رمال متحركة، وسيغرق في أول موجة غضب شعبي. الشعوب تحفظ، والتاريخ لا يرحم، وفلسطين ستبقى قضية تختبر بها الأمم وضمائرها.

إننا أمام سؤال حاسم: هل نحن شركاء في بناء المستقبل، أم مجرد دمى في أيدي صانعي الخرائط؟

الإجابة واضحة كالشمس: إذا كان الثمن هو محو فلسطين، فكل هذا المشروع إلى زوال.

م. غسان جابر ( قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

د. مجدلاني ينعى المناضل الوطني الكبير شيخ الأسرى اللواء فؤاد الشوبكي

د. مجدلاني ينعى المناضل الوطني الكبير شيخ الأسرى اللواء فؤاد الشوبكي

شفا – نعى الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني د. أحمد مجدلاني المناضل الوطني، الأسير …