4:00 صباحًا / 27 ديسمبر، 2024
آخر الاخبار

الثواب والعقاب في تربية الطفل – قيود وفوائد ، بقلم : ا.م .د. محمود حسين

الثواب والعقاب في تربية الطفل – قيود وفوائد ، بقلم : ا.م .د. محمود حسين


“الثواب والعقاب” هو مبدأ راسخ في الأدبيات يُستخدم لتحفيز الأفراد على بذل المزيد من الجهد أو لتصحيح سلوكياتهم المنحرفة. يُعتبر هذا المبدأ من أبرز أنواع الحوافز. في هذا المقال، سنستعرض مبدأ “الثواب والعقاب” لنبحث في مدى كونه حافزًا فعليًا أم مجرد دافع للسلوك. كما سنستكشف تأثيره ليس فقط في مجال الأعمال، بل أيضًا في مجال التربية، خاصة مع اقتراب العام الدراسي الجديد. سنناقش مدى ملاءمته لتحفيز الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات، وكيف يمكن للآباء والأمهات الاستفادة منه في توجيه أبنائهم نحو تحقيق أهدافهم وأهداف الاسرة بشكل عام.


وتعد تربية الأطفال بأسلوبي الثواب والعقاب من أفضل أشكال التربية، لأنها مرتبطة بنزعة فطرية لدى الإنسان، وهي الفرح بالثواب والخوف من العقاب، ولهما تأثير على سلوكه وبنائه النفسي، فالثواب يساعد في تعزيز وتثبيت السلوك الإيجابي وتدعيمه، وتحسين الأداء وتقويمه، فعندما نكافئ الأطفال على سلوكياتهم الحسنة ونقابلها بالاستحسان والقبول، فإننا نبث الثقة في نفوسهم ونشجعهم على اكتساب المزيد من السلوكيات الجيدة.


كيفية تربية الطفل بأسلوبي الثواب والعقاب، من حيث الضوابط والفوائد والقيود التربوية؟


يعرف الثواب بأنه شكل من أشكال التعزيز الإيجابي للسلوك الإنساني، ويشمل مجموعة من الحوافز والمكافآت المادية والمعنوية، مثل الهدايا والجوائز وعبارات الثناء والشكر والتقدير، وتقدم للطفل مقابل السلوك الجيد الذي يظهر منه، وذلك لتنمية العادات السليمة في شخصيته.


أما العقاب فهو إجراء تأديبي إصلاحي يقصد منه نبذ السلوك السيء ومنع الطفل من ممارسات غير مرغوبة، بوسائل موضوعية، تحفظ كرامة الطفل، وتضبط سلوكه، مما يكفل تعديل سلوكه نحو الأفضل، فالعقاب هو إيقاع الجزاء على الطفل نتيجة لقيامه بسلوك مرفوض أو فشله في أداء سلوك مطلوب، ومن أنواع العقوبات: الحرمان واللوم والتوبيخ والإنذار والضرب.


وحتى يؤدي الثواب دوره في تعزيز السلوك الإيجابي، وتعديل السلوك السلبي، لا بد من توفر مجموعة من الشروط والضوابط في استخدامه، نذكر منها ما يلي:


التنويع في استخدام المكافآت حتى لا يشعر الأطفال بالملل والفتور، فأحياناً تكون هدية عينية مثل ساعة يد أو قلم أو كتاب، وأحياناً تكون شهادة تقدير أو درع أو لوحة شرف.


أن تتناسب جودة المكافآت مع طبيعة الأطفال، فقد يناسب بعض الأطفال التعزيز اللفظي، وقد يناسب البعض الآخر التعزيز المادي، فالوالدان والمربون هم أقرب الناس إليهم وأدرى باحتياجاتهم ومتطلبات نموهم والفروق الفردية بينهم، وميولهم ونمط شخصياتهم وقدراتهم.


أن تكون المكافأة منطقية وغير مبالغ فيها، وذلك باستخدام العبارات التحفيزية التي تتناسب مع مستوى السلوك، فليس من المنطقي الثناء على فكرة تافهة، أو ذم فكرة ممتازة، وعدم المبالغة في شراء الهدايا والجوائز العينية الغالية الثمن أو الرخيصة، فلا إفراط ولا تفريط.


الإكثار من الثناء والجوائز في البدايات، ثم التقليل منها تدريجياً حتى لا يتعلق الطفل بالجائزة فيفقد الحافز الذاتي والعمل المتقن، كما أن الاقتصاد في الثواب يجنب الطفل الغرور.


اقتران الجائزة أو المكافأة بجملة تحفيزية ودعاء صادق، قال رسول الله e: من صُنع إليه معروفاً فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء .


ضوابط استخدام العقاب في تربية الطفل:


يحتاج الطفل إلى العقاب عندما يسعى لاختبار حدود السلوك المقبول وغير المقبول. في هذه الحالة، يجب تطبيق نظام صارم دون تردد أو انفعال. من المهم أيضًا أن يتم استخدام العقوبات بشكل تدريجي، وأن تكون إنسانية وفي أضيق الحدود، بحيث لا تترك أثرًا سلبيًا على شخصية الطفل أو نفسيته. العقاب الفعّال هو الذي يسهم في القضاء على السلوك السلبي، مما يعني أنه لا حاجة لتكراره. ومن الضروري مراعاة بعض الضوابط عند استخدام العقاب في تربية الطفل، ومنها:


التغافل والتجاهل لخطأ الطفل في البداية، مع الإشارة والتلميح دون المواجهة والتصريح، حتى يعطى فرصة لمراجعة سلوكه وتصحيح خطأه، وبعد التلميح يأتي التصريح بالتوبيخ والعتاب سراً، مع مراعاة عدم الإكثار من ذلك حتى لا تسقط هيبة المربي.


عتاب الطفل ولومه جهراً، وذلك عندما يستمر على خطأه بعد معاتبته سراً، فيعاتب أمام إخوانه في الأسرة أو أمام زملائه في المدرسة، مع مراعاة استخدام الألفاظ الخالية من الشتم أو السب أو التحقير، لأن الهدف من معاتبة الطفل جهراً هو استغلال خوف الطفل على مكانته بين أقرانه، بالرجوع عن الخطأ وتعديل سلوكه، وأيضاً حتى يكون عظة وعبرة للآخرين.
العقاب: بادئ ذي بدئ فإن التربية لا تتحقق إلا بقدر من الحزم والاعتدال غير أن اللجوء للعقاب لتحقيق النظام لا يعني أبدا استخدام العقاب الجسدي أو النفسي؛ لأن بعض المربين يستعمل ــ أحيانًاـــ جسده كوسيلة للهجوم على التلميذ، ويشمل العقاب الركل واللكم والضرب وجر الأذن والوقوف على أحد الرجلين، وقد يصل إلى إصابات جسدية بالغة في جسم التلميذ.


خلاصة القول إن الثواب والعقاب من الأساليب التربوية التقليدية، وقد أثبتت كفاءتها وفعاليتها في تعزيز السلوك الإيجابي وتعديل السلوك السلبي في الماضي والحاضر وربما في المستقبل، لأنها تتناغم مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي حب الخير وكراهية الشر، ويبقى الدور الأكبر على الوالدين والمربين في حسن استخدامها وفق الضوابط والقيود التربوية.

  • – الاستاذ دكتور محمود حسين

شاهد أيضاً

استشهاد شاب برصاص الاحتلال جنوب غرب جنين

شفا – استشهد شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في بلدة يعبد جنوب غرب جنين. وبحسب …