الظاهرة الإستعمارية الغذاء والحرب والقانون الدولي ، بقلم : سوما حسن عبدالقادر
إن الغذاء هو أحد أسلحة الحرب وشأنه شأن الأسلحة النووية فإن تحويل الغذاء إلى سلاح يؤدي إلى حالات موت جماعي بين المدنيين وفظائع لا يمكن تصورها مما يثير غضبا أخلاقيا مشروعا بخصوص احتمال استعماله، غير أن المضحك المبكي في آن واحد هو أنك تجد اختلافا بين اقوياء النظام الدولي حول استعمال الأسلحة النووية لكنك تجد عندهم إجماعا روتينيا بخصوص استعمال الغذاء كسلاح في الحروب .
لقد كانت الصراعات الدولية على الرقعة العربية منذ فترة طويلة المحرك الرئيسي للجوع عند المدنيين ويتجلى هذا النمط الدائم بصورة مأساوية اليوم في في أماكن شتى مثل قطاع غزة والسودان حيث أصبح ملايين المدنيين حاليا على حافة المجاعة وأن الصلة بين الصراعات والجوع تنشأ جزئيا من استخدام الغذاء ذاته كسلاح وهو أسلوب يجري اتباعه في الحرب من خلال التعطيل القسري للمؤن الغذائية الحيوية وتدمير المزارع والتلاعب بالإمدادات قوافل الغذاء واستغلالها من أجل فرض السيطرة السياسية واستخدام الحصار الغذائي بغرض تجويع المدنيين في المدن .
ولقد شهدت الحرب السورية المثال الأحدث على استخدام الغذاء كسلاح… إذ اعتمدوا ما اسموه( الاستسلام أو الموت جوعا) مما أفرز حالة من النزوح المدني تطورت إلى موجات لجوء بحري وبري إلى الدول الأوروبية بينما في غزة لجأت إسرائيل منذ أكثر من عام إلى سلاح التجويع الإجرامي للمدنيين وهو سلاح طويل المدى بمعنى أنه سيدوم لفترة أطول لكنه أكيد المفعول حيث أنه يحقق لإسرائيل ثلاثة مكاسب في آن واحد:
قتل عدد أكبر من الفلسطينيين دون خسائر في الجنود الصهاينة وإجبار قيادات المقاومة على إخراج بقية المقاتلين وتحسين صورة الصهاينة أن قتل الأطفال قد توقف بالقصف .
بينما هو مستمر برغيف الخبز .
إلا أن الهدف الأساسي من عمليات التجويع الممنهجة لسكان غزة الوصول إلى معادلة الرهائن الاسرائيليين/ مقابل الغذاء .
نأتي الآن للكلام على القانون الدولي تخيلوا وافترضوا أننا استقدمنا رجلا عاش في تاريخ العصور الوسطى رجل فايكينغ مثلا ثم جعلناه يتعرف على الكم الهائل من الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية التي نشأت بعد الحرب العالميه الثانيه ،فماذا سيقول رجل الفايكينغ القادم من التاريخ المظلم ، حتما سيتصور أن العالم يعيش في جنة للسلم والسلام والوئام والعدل الدولي لكن المسكين سيصدم لو اطلع على أعداد ضحايا الحروب قتلى وجرحى وأعداد اللاجئين والجوعى والمرضى بل سيتعجب من وجود جالية فلسطينية وعراقية وسورية في عاصمة الفايكينغ (كوبنهاجن) وسيطيش عقله تماما حينما يعرف أن اليهود الذين تم اضطهادهم في أوروبا في العصر الوسيط والحديث كانوا يعيشون بسلام بصفتهم مواطنين مكتملي الحقوق داخل المجتمعات العربية المسلمة.
ولجبر خواطرهم ( اليهود) بعد الندم الأوروبي على اضطهادهم لقرون أهدوهم دولة إسلامية (فلسطين) كهدية لتهجيرهم من أوروبا .
يجرنا كل الكلام أعلاه الى أكذوبة القوانين الدولية والسلام لأنها للأسف وضعت لأجل مصلحة من يمتلك القرار في النظام الدولي أي لصالح ذلك النظام الذي يتمتع بسلطة القوة أو سلطة الإقتصاد فهي بمثابة سوط يجلد به النظام الدولي تلك الحكومات أو الشعوب التي لا تستطيع مجاراة هذا النظام الجبري المتسلط والمهيمن على النظام الدولي في نفس الوقت . إضافة إلى امتلاكه مفتاح تفعيل تلك القوانين إن كانت تصب في مصلحته، وفي حال العكس يضرب بها عرض الحائط،
وعلى الدول الأوروبية حكومات وشعوبا أن تعي تماما أن اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعراقيين واليمنيين المقيمين في الأراضي الأوروبية إنما يمارسون حقا احتجاجيا صامتا ضد الغرب الذي جعل الخارطة العربية مسرحا لمصالحه الإستعمارية ولسان حالهم ( اللاجئين) يقول: انتوا الغرب عم تقتلونا وتجوعونا على المباشر في بلادنا الأصلية ونحنا راح ننزح لعندكن مشان نعيش تحت قوانينكم يلي بتعيشوا فيها مواطنيكم الشقر… فبلا منية من حدا نحنا عم نأخذ بعض من حقنا هيك)