كيف نُعد الطالب القائد؟ بقلم : د. محمود حسين
تعتبر تربية الطالب القائد من المهام الأساسية التي ينبغي أن تشارك فيها جميع مؤسسات المجتمع، كلٌ وفق اختصاصه ومسؤولياته. تلعب الأسرة، ممثلة بالوالدين والإخوة والأقارب، دورًا حيويًا في توفير البيئة المناسبة للطفل لاكتساب السمات القيادية منذ سنواته الأولى. ففي مرحلة الطفولة، تتشكل ملامح الشخصية وتتكون العادات والاتجاهات، وتبدأ القدرات في الظهور، وتنمو الميول والاستعدادات والقيم والمهارات.
بعد ذلك، يأتي دور المدرسة ليكمل جهود الأسرة في تطوير الشخصية القيادية للطفل من خلال الأنشطة الصفية واللاصفية.
كما تسهم كل من المساجد والأندية والمؤسسات الإعلامية والثقافية في المجتمع في تعزيز هذه العملية..
لا نبالغ إذا قلنا إن المجتمعات العربية والإسلامية تواجه نقصًا في القادة المؤثرين، وذلك نتيجة لتوجهات مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وخاصة الأسرة والمدرسة، التي تركز على تطوير الجوانب الذهنية للطفل، بينما تهمل المهارات الاجتماعية والانفعالية والقيادية التي تلعب دورًا حيويًا في تحقيق النجاح للطفل والمجتمع. لذا، نحن في حاجة ماسة إلى إعداد وصناعة القادة من أجل النهوض بالمجتمع وتطويره، فالقائد يُصنع ويُبنى.
ومن هنا، يتجلى الدور الكبير للوالدين والمربين في تهيئة القادة المبدعين، ليتمكنوا من قيادة مجتمعاتهم وأمتهم في المستقبل، والعمل على رفع شأنها إلى المجد والرفعة.
وسنتناول في هذا المقال: كيف نُعد الطالب القائد ؟
فالقائد هو الذي يملك القدرة على التأثير على الآخرين وتوجيه سلوكهم للعمل بحماس، لتحقيق أهداف محددة تصب في المصلحة العامة المشتركة على المدى البعيد، ومهارة الطفل القائد تعني قدرته على التعامل مع الأطفال من حوله وتحديد دور كل منهم ومساعدتهم لتحقيق أهداف معينة.
يتسم الطالب القائد منذ صغره بمجموعة من الصفات الفطرية، أبرزها: الرغبة في السيطرة على الآخرين وإصدار الأوامر والتعليمات، وسرعة البديهة، وحب المبادرة، والقدرة على اتخاذ القرارات، وإدارة الضغوط، والتصرف بحكمة في الأزمات، وتنظيم الأنشطة بين الأقران وتوزيع الأدوار، بالإضافة إلى تقديم الاقتراحات، ومد يد العون للآخرين، والإقناع، والثقة بالنفس.
كما يتميز الطفل القائد بأنه غالبًا ما يكون أكبر سنًا وأكثر ذكاءً من أقرانه. سنستعرض الصفات العامة للقائد الناجح لتكون مرجعًا ومعيارًا للآباء والمربين في تدريب الأطفال على تحقيقها، سواء كانت لديهم صفات قيادية فطرية أم لا. ومن أهم صفات القائد الناجح ما يلي:
القدرة على التحدث وإقناع الآخرين: وتعني تبسيط الأفكار الكثيرة والمعقدة وإيصالها للآخرين بسهولة ويُسر حتى تصبح مفهومة لدى جميع المستمعين مما يحمسهم لتنفيذها.
القدرة على الاستماع: فالاستماع الجيد يمكّن القائد من فهم الآخرين بشكل واضح، وفي نفس الوقت يوصل رسالة إلى المتحدث بأن كلامه محل احترام وتقدير، والمستمع الجيد يكون متحدثاً جيداً.
القدرة على استيعاب الآخرين وتحفيزهم: وتعني فهم شخصيات الآخرين وطموحاتهم، حتى يتمكن من حسن التعامل معهم وسهولة توجيههم نحو الأهداف التي يرغب في الوصول إليها، ومساعدتهم على توظيف مواهبهم وطاقاتهم وإسهاماتهم بشكل صحيح، وإشباع حاجاتهم وطموحاتهم مما يشعرهم بالرضا والارتياح.
الشجاعة: وتعني القدرة على مواجهة الحقائق القاسية والأزمات بشجاعة وإقدام، مما يسهم في تماسك الآخرين من حوله، والتمكن من إدارة الأزمات بنجاح، ولنا في رسول الله e الأسوة الحسنة والمثل الأعلى، فقد كان أشجع الناس، حيث كان أصحابه يحتمون به إذا اشتد القتال في المعركة.
الصدق والإخلاص والوفاء والتضحية: وتعني إخلاص القائد لعمله وزملائه وأسرته ومجتمعه والوفاء بالتزاماته معهم، وتقديم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية، والصدق في أقواله وأفعاله.
الهمة العالية: وتعني التفاؤل والسعي نحو التطور والارتقاء، والقدرة على إنجاز المهمات الصعبة، والسعي لتحقيق أهداف وطموحات عالية.
النضج والحكمة والعدل: وتعني تقديم آراء ومقترحات جيدة ورصينة، والتمييز بين المهم وغير المهم، والخطأ والصواب، والخير والشر.
الحماس للعمل: وتعني النشاط والحيوية والرغبة في العمل بغض النظر عن الظروف المحيطة أو الحوافز الممنوحة.
وضوح المهام لديه والجدية في إنجازها: وتعني وضوح الرؤية والرسالة والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها في أعماله، وتحويلها إلى برنامج عملي، والسعي إلى تنفيذها.
الأساليب الناجحة لتربية الطالب القائد:
تقوم مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع بدور أساس في تشكيل الشخصية القيادية لدى أطفالها، ويمكن للأسرة والمحضن التربوي والمدرسة وغيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية تنمية السمات القيادية لدى أطفالها، من خلال مجموعة من البرامج والأساليب التربوية أهمها:
منح الطفل الحب الصادق: وذلك بمنح الطفل مشاعر الحب الصادق والأمان، لإشباع حاجته الى الحب، فهذا الإشباع يجعله يحب نفسه وتتكون لديه العاطفة المتزنة مما ينعكس هذا الحب والعاطفة على الآخرين من حوله، ويمكن للوالدين والمربين إظهار مشاعر الحب من خلال الاحتضان والمكافآت المادية والمعنوية، وكلمات الشكر والتقدير والثناء.
تدريب الطفل على تحمل المسؤولية: يتطلب ذلك تعليم الطفل أهمية تحمل عواقب أفعاله وكلماته، وعدم البحث عن أعذار لأخطائه، مما يساعده على التعلم منها. من الأنشطة البسيطة التي تعزز هذا المفهوم: تنظيف فراشه وترتيبه يومياً، والاهتمام بغرفته، والعناية بأطباق طعامه بعد الانتهاء من تناولها، وتنظيم ملابسه وشراء الملابس المناسبة له.
كما يمكن تشجيعه على اختيار أصدقائه وألعابه، واستشارته في تحديد أماكن النزهات والرحلات العائلية أو المدرسية.
- – الأستاذ مساعد دكتور محمود حسين – فلسطين