5:51 مساءً / 26 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

البرد والجوع في غزة: معاناة صامتة تنتظر الإنقاذ ، بقلم : هنادي طلال الدنف

البرد والجوع في غزة: معاناة صامتة تنتظر الإنقاذ ، بقلم : هنادي طلال الدنف

البرد والجوع في غزة: معاناة صامتة تنتظر الإنقاذ ، بقلم : هنادي طلال الدنف

في غزة، لا يحمل الشتاء سوى مزيد من المعاناة لأطفال وأسر تعيش في ظروف قاسية تتحدى أبسط حقوق الإنسان. البرد والجوع هناك ليسا مجرد مشاعر عابرة، بل هما واقع يومي يثقل كاهل الجميع، حيث تتشابك آثار الحصار مع قسوة الطقس لتصنع مأساة إنسانية صامتة تنتظر من يسمعها وينقذها. مع أولى نسمات الشتاء، تصبح الحياة في غزة أكثر صعوبة. تنعدم الكهرباء لساعات طويلة قد تصل إلى أيام، تاركة المنازل تغرق في الظلام والبرد. الأسر تضطر إلى استخدام وسائل بدائية للتدفئة، مثل حرق البلاستيك أو الخشب، رغم المخاطر الصحية. المياه النظيفة شبه معدومة، ومعظم السكان يعانون من نقص في الطعام الذي بات من الكماليات في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الدخل.

أطفال غزة: ضحايا البرد والجوع

الأطفال هم الأكثر تضررًا من هذه الظروف. على الطرقات وفي الأزقة، تقف أجساد صغيرة مرتعشة، ترتدي ملابس ممزقة بالكاد تغطيها، وأقدامهم الحافية تغوص في الطين. “سمر”، طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات، تقول: “أشعر بالبرد طوال الوقت، وأحيانًا لا أستطيع النوم. أحلم بأن أمتلك حذاءً جديدًا وبطانية دافئة.” الأمر لا يتوقف عند الشعور بالبرد، بل يتجاوزه إلى الجوع الذي يحاصر بطونهم الصغيرة. وجبات الطعام في معظم المنازل لا تتجاوز قطعة خبز أو كوب شاي، وأحيانًا لا يجدون حتى ذلك. تقول “أم أحمد”، وهي أم لثلاثة أطفال: “أطفالي يطلبون مني الحليب والطعام، لكني لا أملك شيئًا. أنظر إليهم وأشعر بالعجز. كيف أشرح لهم أنني لا أستطيع توفير لقمة تسد جوعهم؟”

الحياة تحت الخيام: مأساة البرد والجوع المستمر

للعائلات التي فقدت منازلها بسبب القصف أو الفقر، يصبح الشتاء أكثر قسوة. الخيام التي يعيشون تحتها بالكاد تحميهم من الأمطار والرياح. حين تهطل الأمطار، تتحول الخيام إلى برك صغيرة من الطين، وتزداد احتمالات الإصابة بالأمراض بسبب الرطوبة والبرد. “خالد”، رب أسرة يعيش في خيمة مع أطفاله الثلاثة، يصف الوضع قائلاً: “حين تهب الرياح، أشعر أن الخيمة ستطير. الأطفال يبكون طوال الليل بسبب البرد، ولا أملك شيئًا لأدفئهم.”

تأثير الشتاء والحصار على الصحة النفسية

الصحة النفسية هي أحد أبرز الجوانب المتضررة في غزة نتيجة الظروف الحالية. الدراسات النفسية تظهر أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات مليئة بالضغوط النفسية، مثل البرد والجوع، يعانون من مستويات عالية من القلق والاكتئاب. وفقًا لدراسة أجرتها “منظمة الصحة العالمية”، فإن الأطفال الذين نشأوا في مناطق صراع، مثل غزة، يعانون من اضطرابات نوم شديدة بسبب الخوف المستمر من المستقبل، وعدم شعورهم بالأمان. التأثير النفسي على الآباء أيضًا واضح. الضغوط المستمرة بسبب العجز عن توفير احتياجات الأسرة، إضافة إلى القلق المستمر حول سلامة أطفالهم، تؤدي إلى مستويات عالية من التوتر والقلق. هذه الضغوط تتسبب في تفاقم مشكلات الصحة النفسية لدى الآباء، مثل الاكتئاب والقلق المزمن. تراكم هذه الضغوط يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية أكبر، مما يؤثر بشكل سلبي على العلاقات الأسرية ويزيد من الأعباء النفسية التي تتحملها الأسر.

صرخة إنسانية في مواجهة التجاهل

هذه المعاناة التي يعيشها سكان غزة، خصوصًا في فصل الشتاء، ليست مجرد أرقام أو تقارير، بل هي حياة يومية لملايين الأشخاص الذين يواجهون البرد والجوع بلا أمل. مع استمرار الحصار وغياب الدعم الكافي، تصبح الحلول بعيدة المنال. أهل غزة لا يطلبون المستحيل. هم فقط يريدون حقوقهم البسيطة: طعام يسد جوع أطفالهم، مأوى يحميهم من البرد، وكهرباء تضفي قليلًا من الدفء في لياليهم القاسية. في ظل هذه المعاناة الصامتة، يبقى السؤال مفتوحًا: متى يسمع العالم صرخات غزة؟ متى تُفتح الأبواب لحلول حقيقية تنقذ أرواحًا أنهكها البرد والجوع؟

  • – هنادي طلال الدنف اخصائية نفسية فلسطين غزة – فلسطين

شاهد أيضاً

أمل جادو

السفيرة أمل جادو تقدم أوراق اعتمادها لملك بلجيكا

شفا – قدمت سفيرة دولة فلسطين لدى مملكة بلجيكا أمل جادو شكعة ، أوراق اعتمادها …