لماذا نقرأ كتاب “بيغن” في عهد “نتنياهو”؟ بقلم : بكر أبوبكر
“العالم لا يشفق على المذبوحين، لكنه يحترم المحاربين” هذا ما يلخص رؤية رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن (1913-1992م) السياسية التي ارتبط بها منذ تعرف على العقل الصهيوني المتطرف “فلاديمير جابوتنسكي” (1880-1940)-وهو أي جابوتنسكي لمن لا يعلم صديق والد نتنياهو-البولندي الأصل، رئيس وزراء الكيان حاليًا-ومعلم بنيامين نتنياهو الحالي أيضًا، كما تفاخر كثيرًا- وقد أفضت رؤية بيغن-نتنياهو “بعدم الاشفاق على المذبوحين” الى سلسلة طويلة من القتل و”التبشير” بالقتل وما نراه اليوم في فلسطين غزة او الضفة.
كتاب بيغن أسماه (الثورة revolt) ومن المذموم أن يكون الإرهاب والقتل الذي مارسه بيغن وعصابته عصابة الإرهابية “أرغون” أن يكون نضالًا أو ثورة، بل هو كما أسماه المترجم إرهابًا وقد أصاب.
ما اكتشفته مؤخرًا أن المترجم معين محمود قد قدم للكتاب بشكل مميز واضعًا تصوره عن الشخصية وعن رأيه بالقضية العربية الفلسطينية عامة والدور العربي، وهو الكتاب الذي سبقه بترجمته الاخ جبريل الرجوب (وهو بالمعتقل) عضو مركزية فتح حاليًا، ما يستحق الاطلاع، وأخذ الدروس والعبر للحاضر وللمستقبل.
يتمثل “بيغن” رؤى بالمنام!؟ تراوده (وكأنه نبي أو ما شابه)، فالملك داوود هو من حرّضه على نسف فندق الملك داوود بالقدس-في زمنه! الذي يحمل صفة (الملك-توراتيا) وما حدا ببيغن الى شنق الجنود البريطانيين وأن يغني لزهرة البرتقال! وكما يفعل تمامًا اليوم “نتنياهو” المدان في المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب، إضافة الى يمين العمى التوراتي والتطرف العنصري الإسرائيلي، بما يقوم به من إبادة جماعية لم يحصل لها مثيل بالتاريخ منذ النكبة عام 1948م. وامام أعين كل العالم الحر وغير الحر!
يقول مترجم كتاب بيغن عنه، أنه “الجريمة التي تمشي على قدمين”! وأراه تشبيها قويًا ينطبق تمامًا على “بنيامين نتنياهو” حاليًا وحكومته الفاشية القاتلة التي لا تملّ المذابح والدمار والإبادة بغزة والضفة وكل ماتطاله يديها، بل وتجمّلها وتنظّر لها وتعطيها صفة “حق الدفاع عن الذات” المكذوبة لاحتلال إحلالي فاشي يدمر أرض وشعب وكل أشكال الحياة والحلم.
آمن الروسي الصهيوني “بيغن” بالقلنسوة الحاخامية (التعصب الديني)، كما آمن بالتقانة (التكنولوجيا) والى ذلك آمن بأنه “من العبث المشاركة والتعايش..” مع الفلسطينيين، لأن “هذه الأرض أرضنا”، وهوذات ما يؤمن به ويسعى له “نتنياهو” اليوم الذي ملّ من القول بأنه لن يسمح قط بدولة فلسطينية على أرض فلسطين، فهو هنا “من 4000 عام” كما قال ببدعته التي يفندها علماء الآثار طُرّا أي بدعة “أرض إسرائيل” التي لم توجد قط ولا “الشعب” اليهودي تاريخيًا، كما يفصّل التقدمي اليهودي العالم “شلومو ساند” في كتابيه: اختراع أرض إسرائيل، واختراع الشعب اليهودي.
لقد قال الإرهابي جابوتنسكي-الأب الروحي لنتنياهو واليمين الصهيوني-“عندما تضرب الفولاذ بمطرقة فإن الجميع يتهيبون صوت الدويّ، وعندما تستعمل القفاز، فإن أحد لا ينتبه الى وجودك”، وكما أن “ان الاحذية الثقيلة هي التي تصنع التاريخ”!
كلنا سمعنا وقرأنا تصريحات أقطاب الدولة اليمينية الإسرائيلية التي مارست أسوأ أنواع الإبادة الجماعية في قطاع غزة الفلسطيني، وبأشكال أخرى بالضفة الفلسطينية. فهي الشخصيات التي طالبت بتسوية غزة بالأرض، وإلقاء قنبلة نووية عليها (عميحاي إلياهو) أو تدميرها كما حدث بالحرب الأوربية المسماة العالمية الثانية مع مدينة درسدن الألمانية، وطالبت ونفذت إبادة “الحيوانات البشرية” كما سماهم (نتنياهو، ووزير حربه غالانت).
وما كان هذا الحاصل اليوم ببعيد عن فكر الصهيونية عامة، ومنه فكر “بيغن”-جابوتنسكي الذي كان يسعى قبل قيام الكيان لإبادة الفلسطينيين والعرب وطحنهم، لا سيما أن الانسان لدى الأربعة (جابوتنسكي، بيغن، نتنياهو، هرتسل) لا قيمة له، حيث أشار “هرتسل” بأن الانسان “مخلوق سطحي ساذج لا عقل له…!؟ يخضع لإرادة العباقرة….وهو حيوان خال من البراءة”!
لقد طبق مناحيم بيغن كما يقول مترجم كتاب بيغن، معين أحمد محمود الفهم الهرتزلي للانسان في منظمته، لا سيما أنه كان يتعامل معها كأنه نبي! فلم يختلف عن الحاكم الإسرائيلي اليوم الذي يرى بذاته ملكًا من ملوك الإسرائيليين، بل كان يمارس هو وعصابته القتل على أنغام أغنية زهرة البرتقال العبرية!
لنتساءل ماذا يفعل الصهيوني الإرهابي والفاشي المنفلت اليوم (بالدعم الامريكي العنصري أوالمهووس تناخيًا-توراتيًا) بكل من فلسطين ولبنان وسوريا وإيران، وكل المنطقة بلا جهد أن يرفع أحد من الأمة أصبعًا واحدًا في وجهه؟! ويقول قف! لا مكان للعنصرية او الإبادة أو القتل وإلا!؟
إن كان “بيغن” من أشهر الصقور لدى الإسرائيلي ومن مؤيدي “إسرائيل الكبرى” الذي لا يعترف بوجود الشعب العربي الفلسطيني حتى انه يرفض استعمال كلمة فلسطين، ويعتبر أن إقامة دولة فلسطينية عمل انتحاري “للشعب اليهودي”، فماذا نقول عن “نتنياهو” وكل حكومته اليمينية الفاشية؟! لقد أصبح الفكر الأيديولوجي القمعي العنصري المنفرد فكرًا عامًا لدى ساسة الدولة الصهيونية! ما يحتاج لاستراتيجية أمة، وبرنامج عمل ليس فلسطيني فقط وإنما عربي مؤمن وواثق بذاته، مطلع على حقائق التاريخ والفكر، والمستقبل الذي لن يرحم كل المتخاذلين عن نُصرة فلسطين والحق العربي المُبين.