كنيسة مغارة الحليب ، بقلم: سلام شما
كنيسة مغارة الحليب هي من المواقع المقدسه المسيحيه في بيت لحم، حيث يقع هذا المزار في اخر الطريق المُسمى بإسمه طريق مغاره الحليب، وقد نالت هذه المغاره المحفوره في الجير الأبيض، اسمها من تقاليد قديمه، حيث يقال أن مريم العذراء لجأت إليها خلال هربها مع يوسف النجار إلى مصر.
تقع المغاره اليوم إلى جانب دير، وقد وكّلت حراسته إلى راهبات السجود الدائم للقربان الأقدس، ويربط المغاره بكنيسه القربان الأقدس وبالكنيسه العُلوية ممر داخلي في الكنيسه وهي ملك الرهبان الفرنسيسكان.
مسيحيوا بيت لحم زينوا داخل المغارة بـ أشغال الصدف حتى الدرجات التي تؤدي إلى داخل المغاره، وتعود واجهه البناء الجميله إلى سنة 1925، فهي من تقدمة أهالي المدينه المسيحيين، خاصة أنهم مشهورون بنحت الحجر، وأشغال الصدف، والمُدهش أن كل المغارات القديمه التي إكتشفتها الحفريات في الجوار صخورها وترابها حمراء وبنية اللون.
يعود تاريخ الكنيسه إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، وأهمية الموقع تعود للعصور التوراتية، حيث تقع هذه الكنيسة على رأس منحدر من الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة بيت لحم، على بعد أمتار قليلة من كنيسة المهد، وقد أُعطيت الأرض للآباء الفرنسيسكان مجاناً مقابل تعليم الأطفال.
تشمخ الكنيسة على مغارتين طبيعيتين من الصخر الابيض الجيري الكلسي، وترتبط أهمية هذه المغاره في العباده المسيحيه بالقصه الوارده في إنجيل القديس متّى، والتي تروي قصه ظهور الملاك للقديس يوسف في حلم يحثه على الفرار إلى مصر هرباً من غضب الملك هيروديس، ووفقاً لتقليد قديم جداً فإن هذا المكان هو أحد الأماكن التي توقفت فيها مريم العذراء للراحه والاعتناء بحاجات طفلها وإطعامه، وبحسب التقليد أيضاً فقد سقطت بعض القطرات من الحليب على الارض، بينما كانت السيدة العذراء تُطعم يسوع، وإرتجفت خوفاً من بعض الأصوات خارج الكنيسة، فـ غيّرت لون الصخرة هنالك من الوردي إلى الابيض، وقد إرتبطت بهذه الصخرة قصص الشفاء، خاصه بالنسبه للنساء اللواتي يجدن صعوبه في الرضاعه الطبيعيه، وأولئك اللواتي لم يتمكن من الحمل.
منذ القرن السادس عرفت بعض الذخائر المأخوذه من هذه المغارة، سواء في أوروبا أو في الشرق، وكانت تؤخذ على شكل قطع صغيره من الصخور المسحوقه والمضغوطه، ولا يزال هذا التعبّد قائماً حتى اليوم كـ علامة حيّة تذكرنا بلحظه رمزيه تشير إلى أمومه العذراء مريم.
تعتبر مغاره الحليب في بيت لحم جنباً إلى جنب مع كنيسة البشارة في الناصرة ومزار الزياره في عين كارم، من أكثر المزارات شهرة للسيده العذراء في الارض المقدسه، فـ كل حاج بعد زيارته لـ مغارة الميلاد والصلاه فيها، يتوجه مروراً بالساحة الرئيسية لمدينة بيت لحم عبر الطريق الذي يقع إلى الجنوب من مجمع كنيسة المهد لزياره هذا المكان المقدس، والذي يسهر على العنايه به اليوم رهبان حراسه الأرض المقدسة.
وعلى مر الأجيال قامت العديد من النساء من كل الأديان اللواتي لا ينجبن ويئسن من حلول الأرض، فـ لجان إلى حلول السماء، وبزيارة المغارة والصلاة في المزار تنبثق مشاعر الثقة الكاملة بالله ومشيئته وبشفاعه قلب الأم مريم العذراء.
هذه الكنيسة مليئة بالتاريخ وشواهده، والحجاج يستطيعون قراءة المصادر التاريخية حول المغارة كما يقول الأب لوي سيجوفيا حارس كنيسه المهد، وفي الغرفة المجاورة مئات الرسائل والشهادات الموثقة بتقارير طبية، عن معجزات حلّت مشكلة العقم لدى كثير من الأزواج وشفاء الكثير من المرضى الذين فتك المرض بأجسادهم.
السلام لـ فلسطين وشعبها.
سلام محمد شما – كاتبة وصحافية سورية