2:07 صباحًا / 22 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

رسالة الى رفاقي اصدقائي الاعزاء ، بقلم : غازي الصوراني

غازي الصوراني

رسالة الى رفاقي اصدقائي الاعزاء …..التمسك بالماركسية كبوصلة ومنهج للتحرر من الاضطهاد والاستغلال ……موقف واضح ورؤية موضوعية ، بقلم : غازي الصوراني

ان الفقير الذي لا يملك قوت اسرته أو علاج اطفاله أو تأمين دخل لائق له ولأسرته ، لا يمكن ، بل يستحيل أن يناضل من أجل القضايا السياسية الوطنية الكبرى ، ولذلك فإن الموضوعية في مسيرة النضال الكفاحي والسياسي الوطني التحرري والاجتماعي لأحزاب وفصائل اليسار الماركسي ، تقتضي ايلاء القضايا الديمقراطية والمجتمعية والاقتصادية للجماهير الفقيرة اهتماماً فائقاً يتوازى ويندمج مع القضايا السياسية الوطنية التحررية، ذلك إن الضعف الشديد في هذه الممارسة تجاه الشرائح الفقيرة عموما والعمال والفلاحين الفقراء خصوصا جعل اليسار يفقد البوابة الرئيسية للصراع الطبقي وللنشاط الوطني السياسي ومن ثم تراجع التوسع التنظيمي او غيابه في أوساط الفئات الفقيرة والالتحام بها تمهيداً لتأطيرها في خضم النضال الوطني التحرري، لذلك لا بد من استعادة الرؤى الثورية بالمعنيين الوطني والاجتماعي الطبقي لدى كافة احزاب وفصائل اليسار الماركسي كشرط لاندماجها في اوساط الفقراء وتوعيتهم وتنطيمهم وتحريضهم لممارسة الكفاح الثوري في مسيرة النضال التحرري ضد العدو الوطني من جهة أو ضد كل اشكال وادوات الاستغلال الطبقي من جهة ثانية.


ان الموقف ضد الاستبداد والتخلف والاستغلال وكل أشكال الاضطهاد وأدواته ورموزه في أي نظام عربي تابع ومستبد، يجب أن يتوحد مع الموقف ضد القوى الامبريالية وركيزته الحركة الصهيونية ، وهذا هو المقياس الاول -من وجهة نظري – لمصداقية الفصائل والأحزاب الوطنية والديمقراطية واليسارية في علاقتها مع جماهيرها، إذ أن هذا الموقف هو الكفيل -عبر الممارسة في أوساط الجماهير- بالتصدي لمخاطر التدخل الخارجي (العسكري والسياسي) من جهة والتصدي للقوى اليمينية وقوى الثورة المضادة التي تسعى بالفعل لإعادة انتاج التبعية والتخلف القبائلي والطائفي بأشكال جديدة.


وبالتالي فإن النقد الجاد الكامل والصريح، هو نقطة البداية، لإعادة صياغة فصائل وأحزاب اليسار ، إلى جانب إعادة صياغة أهداف الثورة التحررية الديمقراطية العربية، وممارستها على أساس علمي، بعد أن توضحت طبيعة الطريق المسدود الذي وصلته الحركة اليسارية العربية في ظل انظمة الاستبداد والتخلف والتبعية، وما انتهت إليه مسيرة هذه الحركة بسبب أزمة فصائلها وأحزابها اليسارية ، وأزمة قياداتها خصوصاً، وهي ازمة تستدعي المبادرة إلى تقييم ونقد التجربة السابقة ، الى جانب تعميق وتكريس الوعي بالنظرية الماركسية ومنهجها المادي الجدلي من جهة ودراسة الخصائص والمنطلقات السياسية والفكرية التي تميزت بها تلك الفصائل والاحزاب طوال الحقبة الماضية، والتي ربما كان إهمالها في الماضي أحد الأسباب الرئيسية لتعثر قوى اليسار العربي وفشلها من جهة ثانية….


وهنا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار بأن الشرط الأول من شروط تكوين الكادر الماركسي في كل الأحزاب والفصائل اليسارية، هو الإيمان الواعي بأن الماركسية علم تاريخي واجتماعي قابل للتطور، باعتبارها علم القوانين الطبيعية التي تتحكم في سير وتطور المجتمع الإنساني، وهي بهذه الصفة علم متجدد ومتطور لا يقل دقة عن سائر العلوم الطبيعية، بالإضافة إلى أنها علم تطبيق المادية الجدلية على تاريخ المجتمع البشري بجميع مراحله وأنماطه المختلفة.


ذلك ان السمات الرئيسة للماركسية تتحدد وتتميز عن غيرها في أنها تستمد عناصرها ومعطياتها ، وبالتالي قوانينها من الدراسة العلمية العينية الملموسة للواقع الاقتصادي والاجتماعي الفكري والصراعي (ضد الاستغلال الطبقي) في كل بلد من البلدان وفق خصوصيته، كما أنها ليست مجرد نظرية معرفية علمية تستمد هدفها من الدراسة العلمية الموضوعية وإنما تتضمن كذلك موقفاً موضوعياً كنظرية لتغيير الواقع تغييراً جذرياً لإقامة واقع مغاير يتخلص فيه الإنسان من الاضطهاد الوطني والطبقي ومن الفقر والقهر والاستغلال، وتتفجر فيه إنسانيته الإبداعية وتتوفر له الحرية الحقيقية، بالإضافة إلى أن الممارسة العملية تتم وفق هذه المعرفة، وهي شرط لها، كما أن الحفاظ على الماركسية ومتابعة رسالتها الإنسانية لا يكمن في الدفاع اللاهوتي أو الدوغمائي عن تعاليمها، وإنما بالنقد الدائم لأفكارها وتجديدها ارتباطاً بالأهداف العظيمة من أجل التحرر الوطني والقومي والديمقراطي ، الأمر الذي يستدعي من الرفاق في كافة قوى اليسار في مغرب ومشرق الوطن العربي استيعاب القضايا والمفاهيم الأساسية والمبادئ العامة للماركسية المتمثلة في ضرورة الالتزام بها لكونها أداة منهجية تتأسس على الجدل المادي، تسهم في وعينا للواقع بصيرورته ( و بالتالي بتاريخيَّته) و تنوّعه و تعدّد تناقضاته، و بدور البشر فيه، كما أنها هي التي تعبّر عن مصالح الطبقة العاملة و عن الفلاحين الفقراء، وتعبر عن المصلحة العامة لمجمل جماهيرنا الشعبية الفقيرة في نزوعها نحو التحرّر و تحقيق التطوّر في إطار النضال من أجل انتصار المبادئ الإنسانية الهادفة إلى إلغاء الاستغلال والاضطهاد و عدم المساواة و التأسيس عبرها لعلاقات أممية حقيقية، والانطلاق دائما من الواقع الملموس و الالتزام بالبرنامج الواقعي المنطلق من تحليل الواقع لتحديد المهمات و آليات التغيير.


وفي هذا الجانب لا بد من ادراك الجميع في قوى اليسار، بأن كل القضايا المتعلّقة بالماركسية و بتاريخها، هي مجال حوار و نقاش، وبالتالي فهي خاضعة لحق الاختلاف، لكنها ليست بالضرورة أساس انقسام أو تكتل، حيث أنها قابلة لتعدّدٍ في وجهات النظر، كما أنها ليست مقدّسات، لهذا فهي خاضعة للانتقاد و النفي و إعادة الصياغة، لأنها تغتني بالواقع و الوقائع كما بالتجربة .


فمن المعروف ان الماركسية نشأت في أتون الاستغلال الرأسمالي والصراع الطبقي، وتميزت بنضوجها ووعيها لطبيعة النظام الرأسمالي القائم على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج في مقابل عمل الطبقة العاملة الجماعي،كما حددها الفيلسوف العبقري كارل ماركس في سفره العظيم ” رأس المال” وهي طبيعة تكشف جوهر الاستغلال القائم على الاستيلاء على القيمة الزائدة أو فائض القيمة الذي يحصل عليه الرأسمالي من الجهد المبذول من العمال دون أي مقابل.
وأكد أن ماركس بَيّن بالملموس أن الصراع الطبقي هو القوة المحركة لتطور التشكيلات المتناحرة، أي إنه فقط “عن طريق الصراع الطبقي وعبر الثورة الاشتراكية، ستصل البروليتاريا إلى البناء والتجديد الاشتراكي للمجتمع، مبرهناً عبر الفهم المادي للتاريخ على أن صانع التاريخ هي الجماهير المضطهدة داخل كل تشكيلة اجتماعية وأن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ.


فالنظرية الماركسية بفضل اكتشاف ماركس لقانون القيمة الزائدة أكدت أن الرأسمالية لا تستغل الطبقة العاملة وتضطهدها وتستعبدها فقط ، بل تُصَلّب عودها أيضاً، مشدداً على أهمية أن تبني طبقة البروليتاريا حزبها الخاص بها ولا يمكنها التحرر إلا عبر تحرير نفسها بنفسها ، كما ولا يمكنها أن تقود عملية التحرر من الاستغلال، تحررها كطبقة وتحرر كافة الكادحين والمضطهدين داخل النظام الرأسمالي، إلا بتأسيس حزب اشتراكي ثوري مستقل، لأن الاشتراكية اليوم ضرورة حتمية لاستمرار الحضارة البشرية ، وضمان لا غنى عنه لبقاء الجنس البشري.


هنا أشير بوضوح إلى أن أعظم انجازين لماركس هما الأول منهجه المادي الجدلي في دراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية (بما في ذلك قوانين الديالكتيك ومقولاته) والذي لم يظهر إلى الآن منهج يضاهيه أو يصل إلى مستواه، والثاني دراسته العلمية للرأسمالية، مشيراً أن كتابه رأس المال صورة تاريخية لأصل الرأسمالية، نشأتها وتطورها في أوروبا، ولم يظهر ما يوازيها في طابعها العلمي حتى الآن ، ما يعني أن الماركسية ليست تصور أو مجموعة أفكار فقط، بل إنها فلسفة الشك التي تفترض إعادة تقييم الظواهر بلا توقف، إنها قوة فعل كذلك، وعلينا – كقوى يسارية -ان نشدد دوما على ضرورة تحديد دورها في الصراع الراهن، التحرري الوطني او الطبقي او كلاهما معاً .


وبالتالي فان على الحزب الماركسي – في أي بلد عربي – أن يأخذ دوره في توعية الجماهير الشعبية الفقيرة، بشرط أن يكون موحداً فكرياً وسياسياً وتنظيمياً بعيداً عن كل مظاهر الأزمات المتمثلة في الشللية أو الانتهازية أو الليبرالية أو الهبوط الفكري ..إلخ، بالإضافة لأهمية الإدراك أن النضال ضد التحالف الصهيوني الإمبريالي لا يكفي وحده بل يجب أن يمتد في سياق الصراع الطبقي من تحقيق عملية النهوض والتطور وتجاوز كل أشكال الاستغلال والاضطهاد والاستبداد في مجتمعاتنا، الأمر الذي يفرض ان يكون الحزب او الفصيل عنصر رئيسي في الصراع أو المواجهة.


في هذا الجانب فانني استعيد كلمات الرفيق الراحل المؤسس جورج حبش بقوله : ” إننا نمر في فترة سياسية معقدة مما يولد في نفوس البعض حالة من الشكوك واليأس والارتباك … وفي مثل هذه اللحظات الصعبة تبرز أهمية النضال على الجبهة الثقافية .. وبالتالي فإن أول شرط من شروط تكوين الإنسان الماركسي الحريص على التمسك والدفاع عن هوية الحزب الماركسية ، هو إيمانه بأن الماركسية علم قابل للتطوير والتجديد، فلا يجوز لطالب الطب أن يمارس الطب قبل حصوله على شهادة طبيب، وهذا ينطبق على الإنسان الذي يريد أن يصبح ماركسياً أن يدرس علم الماركسية من مصادرها”.


انني اعتقد أن صمام الامان الثوري القادر على حماية الجبهة الثقافية وانتصارها في تكريس الهوية الفكرية الماركسية ومنهجها لدى كل الرفاق، كمحدد رئيسي لراهنية احزابنا ومستقبلها، وكضمانة هامة وأساسية في تطوير وارتقاء العملية السياسية والتنظيمية يتلخص في أن الماركسية هي الصياغة النظرية الواعية لمشروع البروليتاريا التاريخي في لحظتيه الديمقراطية والاجتماعية مع التأكيد على وحدة هاتين اللحظتين في العصر الإمبريالي الرأسمالي وما يقتضيه هذا من الضرورة التاريخية للماركسية بالنسبة للمسألة العربية في النهوض القومي الديمقراطي والتحديث الاجتماعي والصناعي، وعلى أرضية العجز التاريخي للبرجوازيات الطرفية العربية في إنجاز مهامها الديمقراطية في التحديث الاجتماعي والصناعي وفي مواجهة المشروع الصهيوني الإمبريالي.


ان المرحلة المنحطة الراهنة بكل محدداتها ومتغيراتها السياسية في إطار الصراع مع التحالف الامبريالي الصهيوني، تشير بوضوح إلى أن آفاق النضال القطري الفلسطيني او اللبناني او التونسي …الخ مسدود ليس بسبب عوامل خارجية فحسب بل أيضاً بسبب عوامل داخلية في هذا القطر او ذاك ، مرتبطة إما باليمين السياسي (في السلطة والنظام العربي) أو اليمين الأصولي / الإسلام السياسي أو كلاهما معاً، وبالتالي فأن مهمة قوى اليسار في الوطن العربي يجب أن تكون في إدراك طبيعة هذه المرحلة وسبل الخروج منها واستنهاض وضعها الذاتي كشرط رئيسي لتوفير القدرة على المواجهة، من خلال تفعيل العلاقة الجدلية بين نضالنا الوطني والتحرري الديمقراطي وبعده القومي العربي.


وعلينا ان نتذكر دوما أن الماركسية ليست نظرية انعزالية، بل يجب التعامل معها بأنها فكر حي مبدع ومتجدد ، فقد صاغت الماركسية على الصعيد الفلسفي، الديالكتيك المادي الذي شَكّل ثورة في المعرفة والتفكير، كمنهج علمي يقبل الاحتكام للخيار الديمقراطي في إطار الصراع الطبقي صوب الاشتراكية، وأما على صعيد الفكر السياسي، فقد أرست التأسيس لنظرية علمية عن الاشتراكية كبديل للمجتمع الرأسمالي.


وعلى هذا الأساس فان استرشاد قوى اليسار العربي بالنظرية الماركسية ومنهجها ينطلق من كونها نظرية علمية قابلة للتطور والتجدد ؛ لا تقبل الأحكام المطلقة أو الجمود والثبات، لأنها مرتبطة بالمتغيرات السياسية الاجتماعية الاقتصادية في كل مرحلة من مراحل تطور البشرية.


كما أن التناقض الأساسي الذي يحرك كافة التناقضات في المجتمع الرأسمالي في تطوره المتفاوت، هو التناقض الذي كشفه ماركس كتناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، فهناك من جهة، التطور العاصف للقوى المنتجة على أساس الثورة المتواصلة في مجالات العلم والتكنولوجيا، بحيث تفقد عمليات الإنتاج المادي كل طابع فردي، أو حتى قومي، وتتجاوز حدود الدول، حتى الكبرى منها، وتكتسب الطابع الجماعي بتقسيم متجدد للعمل، وبترابط مختلف مجالاته في آن…


وبهذا المجال اؤكد على أن الحل الوحيد الممكن لهذا التناقض الأساسي، يكمن في الاشتراكية، التي لا تزال، كما كانت في زمن ماركس، ماثلة على جدول أعمال البشرية، وأن الطبقة العاملة، متمثلة بفكرها ونظرتها الى العالم ووعيها وبرنامجها الديمقراطي الثوري هي ـ وليست الطغمة المالية ، هي الطبقة التي تتطابق مصالحها مع مصلحة المجتمع البشري، واهدافه في البقاء والتطور السلمي، وفي الإخاء بين الأفراد والشعوب، وفي المساواة والحرية.


لذلك أشدد على الحاجة الملحة أمام الرفاق في اطار اليسار العربي، صوب مزيد من الوعي بالماركسية ومنهجها المادي الجدلي بما يمكنهم من معرفة كل جوانب واقعنا المأزوم والمهزوم في المرحلة الراهنة ومن ثم مواصلة النضال بكل أشكاله السياسية والديمقراطية والكفاحية وفق رؤيتنا وبرامجنا والانطلاق منها ضد الوجود الأمريكي الصهيوني في بلادنا وضد سيطرة الطغم المالية وكل أشكال السيطرة الطبقية الرأسمالية في آن واحد .


وهنا أدعو رفاقي الماركسيين العرب – في سياق قراءتهم النقدية الثورية للوضع العربي- أن يجعلوا المسألة الفلسطينية مسألتهم وان ينطلقوا من أن الصراع مع العدو الصهيوني هو جزء من الصراع مع الإمبريالية.


وهنا لا بد لنا من مجابهة وفضح الانتهازيين الذين دفنوا ماركس وتعاليمه والذي كانوا يمجّدونه بحماسة لا نظير لها واستبدلوه بمصالحهم الانتهازية الجديدة، وباتوا يرون أنه لا بد (وبكل تأكيد) المرور بالمرحلة الرأسمالية. وهم الآن يقبلون التطبيع مع دولة العدو، والسيطرة الإمبريالية والتبعية للرأسمالية، وللكمبرادور المحلي. والهدف هو قطف ثمار الليبرالية الجديدة في خدمة مصالحهم الذاتية فقط، وأصبحوا أدوات رخيصة العديد منNGO S وغيرها من المؤسسات في خدمة النظام الرأسمالي، رغم إدراكهم لبشاعته من جهة ولأزمته البنيوية والراهنة من جهة ثانية.


ذك ان نضال قوى اليسار ضد التحالف الامبريالي الصهيوني وضد أنظمة التبعية والتخلف في بلداننا العربية ، هو في حقيقته نضال ضد النظام الرأسمالي الامبريالي المعولم برمته، وأن النضال مع كل القوى اليسارية الماركسية القومية يقوم على رفض الرأسمالية و بالتالي العمل على تقويضها، باعتبار أنها أساس التناقضات التي تحكم العالم الراهن ، ما يعني أن تحليلنا للنظام الرأسمالي المعولم يستند على أن الصراع ضد الراسمالية المهيمنة لا يزال في إطار النمط الرأسمالي العالمي هو المحرّك لكل التناقضات و الصراعات العالمية، حيث أنها هي قوّة الاستغلال و النهب من أجل تحقيق الربح الأعلى عبر تحقيق النهب الأقصى لفائض القيمة، وأن العولمة هي شكل إعادة إنتاج النمط الرأسمالي في المرحلة التالية لانهيار الاشتراكية، وأن الثالوث الأمريكي – الأوروبي – الياباني هو الأداة الرئيسية للشركات الاحتكارية الإمبريالية .


وبهذا السياق أدعو الى ضرورة العمل من أجل إعادة اصطفاف القوى الماركسية على صعيد عالمي انطلاقاً من هذه الأسس،و السعي لتوحيد الحركة المناهضة للرأسمالية و للعولمة الراهنة عبر العمل الجاد من أجل تأسيس أممية جديدة ثورية وديمقراطية تلتزم بتعزيز الميل الاشتراكي عالميا، والسعي من أجل تعزيز قدرات الأمم المتخلّفة على التطوّر عبر تأسيس الاقتصاد المتمحور على الذات وفق أسس وقواعد التنمية المستقلة .


وذلك انطلاقا من أن المهمة المركزية للحركة الماركسية- في بلادنا والعالم الثالث- تتمثل في تجاوز أنظمة التبعية والتخلف أولا ، تمهيدا للبدء في عملية تجاوز احتجاز تطور أممنا وشعوبنا، وذلك بالعمل على تحديثها وتصنيعها وتطوير القوى المنتجة فيها، وتطوير التعليم وبناء المؤسسات وتحقيق التكافؤ والمساواة والديمقراطية، مؤكداً على أن هذه الأهداف لن تتحقق في ظل الرأسمالية، لهذا يفترض تحقيق هذه الأهداف، النضال ضد الرأسمالية ومواجهة توسعها الاقتصادي وسياساتها وحروبها ، ومواجهة استغلالها ونهبها لمقدرات شعوبنا.


وهنا تتجلى مجموعة من الأهداف التي ينبغي الاهتمام بها من أجل مجتمع ماركسي مستقبلي، وهي أن الهدف الأساس الذي يشكّل محور اللحظة الراهنة هو إعادة بناء الحركة الماركسية في كل قطر عربي أولا ، لكي تصبح – في مرحلة لاحقة – قوّة فعل في الوطن العربي، هذا يقتضي إعادة الاعتبار للماركسية كونها أداة تحليل فاعلة قادرة على وعي الواقع بشموليته و عمقه و كونيّته، و كونها قادرة على التحوّل إلى حركة اجتماعية ناشطة توحّد و تنظم و تفعّل الطبقات الفقيرة و بالخصوص العمال و الفلاحين الفقراء، كونها المعبّر الحقيقي عنهم، الدفاع عن الاشتراكية كونها أفق البشرية و مخرجها من همجيّة الرأسمالية ووحشيتها .

انني اعتقد أن صمام الامان الثوري القادر على حماية الجبهة الثقافية وانتصارها في تكريس الهوية الفكرية الماركسية ومنهجها لدى كل الرفاق، كمحدد رئيسي لراهنية احزابنا ومستقبلها، وكضمانة هامة وأساسية في تطوير وارتقاء العملية السياسية والتنظيمية يتلخص في أن الماركسية هي الصياغة النظرية الواعية لمشروع البروليتاريا التاريخي في لحظتيه الديمقراطية والاجتماعية مع التأكيد على وحدة هاتين اللحظتين في العصر الإمبريالي الرأسمالي وما يقتضيه هذا من الضرورة التاريخية للماركسية بالنسبة للمسألة العربية في النهوض القومي الديمقراطي والتحديث الاجتماعي والصناعي، وعلى أرضية العجز التاريخي للبرجوازيات الطرفية العربية في إنجاز مهامها الديمقراطية في التحديث الاجتماعي والصناعي وفي مواجهة المشروع الصهيوني الإمبريالي ، الأمر الذي يعني ضرورة امتلاك وعي الماركسية، بمنهج الجدل المادي، وهي الخطوة الضرورية من أجل بناء التصورات والأفكار، انطلاقاً من إدراكنا لطبيعة ومفهوم الحزب الذي هو شكل «الاتحاد» بين فئات مثقفة وفاعلي (أو ناشطي) الحركة الاجتماعية (المحددة في العمال والفلاحين الفقراء وجماهير الفقراء أساساً).


ذلك ان تقدم ونجاح المسار النضالي لأحزابنا وفصائلنا اليسارية مرهون بتوفر شرطين :


الأول هو وعي العضو الحزبي بالمنطلقات الفكرية والتنظيمية والسياسية المادية الفلسفية، الديالكتيك، المفهوم المادي للتاريخ، الصراع الطبقي، مذهب ماركس الاقتصادي، القيمة، القيمة الزائدة، الاشتراكية، تكتيك نضال البروليتاريا الثوري.


والثاني: قدرة الحزب على بلورة وتطبيق السبل الكفيلة ببناء وتكوين المناضل الماركسي في صفوفه، لضمان تحقيق التفاعل الإيجابي بين العامل الذاتي (العضو ) والموضوعي (الحزب)،الذي يشكل عاملاً رئيسياً من عوامل وحدة الحزب وتقدم حركته وتوسعه .

شاهد أيضاً

نداء فلسطين يرحب بقرار الجنائية الدولية ويؤكد أن العبرة بالتنفيذ

نداء فلسطين يرحب بقرار الجنائية الدولية ويؤكد أن العبرة بالتنفيذ

شفا – رحب (نداء فلسطين) بإصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرتي اعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال …