شفا – قدم الطالب التونسي إيهاب عبد الناجي مذكرة تخرج في الهندسة المعمارية، الى المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير ــ سيدي بوسعيد بتونس ، بعنوان (هندسة الصمود.. تصميم مساكن طارئة في غزة) وذلك يوم 13 نوفمبر 2024 وقد تشكلت لجنة المناقشة من رئيسة اللجنة الأستاذة الخبيرة سلاف عويديدي: مديرة جمعية صيانة مدينة تونس. والمشرف على الاطروحة الأستاذ الجامعي في الهندسة المعمارية أنس التريكي. وعضوية الأستاذ الجامعي والمهندس المعماري العروسي الدّاب. والاستاذة الجامعية في الفنون التشكيلية أسماء بن الشاذلي. والأستاذ عابد الزريعي مدير مركز دراسات ارض فلسطين للتنمية والانتماء.
وقد حدد الطالب في مذكرته التي تندرج في سياق ما يعرف بهندسة الكوارث، الإشكالية الأساسية المتمثلة في الاستجابة للتحديات الناجمة عن العدوان الهمجي الذي يشنه الاحتلال على قطاع غزة، والذي استهدف بشكل منهجي مدروس المأوى بوصفه أحد الاحتياجات الإنسانية الأولية. مؤكدا على مسألة جوهرية مفادها ان المأوي ليس مكانا فيزيائيا لكنه مكان رمزي يعبر عن علاقة الانسان بالعالم بكل ما يعنيه ذلك من علائق ثقافية واجتماعية.
الامر الذي يتأكد من خلال طوبوغرافية التدمير التي ينتهجها الاحتلال والتي تستهدف في عمقها تلك العلائق. لذلك فان أي عملية لتصميم المأوي كمساحة معمارية، عليها ان تأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني والاجتماعي والثقافي والوظيفي. وفي سياق التمهيد للمشروع قدم دراسة تفصيلية على المستويين النظري والهندسي التحليلي لنموذجين من عمارة الطوارئ العالمية، وهما انموذج هيكس هاوس، الذي صمم للمهاجرين الذين هم في حالة عبور مكاني، وانموذج بيت جذوع الورق. للمهندس المعماري الياباني شيغيرو بان ويتميزان بكونهما مرنان وقابلان للطي والنقل، ومصنعان من مواد محلية. وفي الجانب القسم الخاص بالمشروع، قدم الباحث دراسة طوبوغرافية لقطاع غزة بشكل عام ومدينة غزة بشكل خاص، وحدد الموقع التنفيذي للمشروع المقترح وبنى التصميم الهندسي على ضوء الاحتياجات الممثلة في الامن والايواء والصحة والمياه والصرف الصحي والغذاء والتعليم والاحتياجات الثقافية والدينية والدعم النفسي والمجتمعي. وبالنسبة للمواد المستخدمة أشار الى انها مواد انشائية صلبة وخفيفة لتسهيل عملية التركيب والتجميع والنقل، ولتوفير القوة والمتانة اللازمة لتحمل الظروف الصعبة. وخلال المناقشة تم لفت نظر الباحث الى التفكير في تصميم نوع من الالواح التكميلية التي يمكن ان تدمج مع بعض البيوت المدمرة جزئيا. والتفكير في إمكانية استخدام البيوت القابلة للطي والتركيب داخل البنية العمرانية المدمرة بعد تنظيفها في ظل طول عملية الاعمار المتوقعة.
ولقد شكلت هذه المذكرة الاستجابة العلمية الأولى لمقتضيات معركة طوفان الأقصى، وللتحديات الناجمة عن العدوان الهمجي الذي يشنه العدو على قطاع غزة. كما انها تندرج بحكم التخصص فيما يمكن ان نسميه بالإسناد القطاعي للمعركة سواء من الموقع الاجتماعي او التخصصي الامر الذي بات أكثر نجاعة وتأثيرا إيجابيا في دعم الصمود. كما انها تفتح الباب لبحوث علمية مقاومة ومستجيبة لقضايا امتنا الحية في كافة التخصصات.