1:45 صباحًا / 15 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

بيع الوهم و شراء الوقت ، بقلم : سفيان أبو زايدة

سفيان أبو زايدة

بيع الوهم و شراء الوقت ، بقلم : سفيان أبو زايدة


لايوجد تفسير اخر للبيان الغامض الذي صدر من الدوحه بعد انتهاء المفاوضات بين فتح و حماس في السابع و الثامن من هذا الشهر الجاري سوى الفشل العملي و المحدد ، وهذا بطبيعة الحال لم يحمل اي مفاجآت ، على الاقل للغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني و قياداته و فصائلة ، بما في ذلك ، بل في مقدمتهم غالبية قيادات حركتي فتح و حماس انفسهم الذين لم يكن لديهم ايضا امل في التوصل الى اتفاق ينهي الانقسام او على الاقل البدء بخطوات عملية محددة، بالرغم ان هذه الخطوات لا تحتاج الى مزيد من الاتفاقات و البيانات المبهمه ، ولا تحتاج الى ان يذهب الفلسطيني هناك الى الدوحه او اي عاصمه عربيه او اجنبية ، بل يحتاج الى اراده و صدر و اسع و احساس وطني خالص من كل الشوائب . وهذا حتى الان للاسف الشديد غير متوفر او خارج نطاق الخدمه. هذه اللقاءات وضعت منذ البدايه في سياقها الصحيح و الطبيعي وهو بيع الوهم و شراء للوقت .

الحكم على هذه اللقاءات او المفاوضات بالفشل قبل ان تبدء ، ليس فقط لان ابناء الشعب الفلسطيني فقدوا الثقه في مثل هكذا لقاءات و ما ينتج عنها من اتفاقات ، و فقد الثقة في قيادات هذه الفصائل حيث اصبح الجميع يحفظ عن ظهر قلب ما الذي سيقولونه قبل بدء اللقاء و ما الذي سيقولونه و يسربونه خلال اللقاءات و يحفظون عن ظهر قلب الكلمات و المصطلحات و التعبيرات الفضفاضه التي ستستخدم للتعبير عن الاجواء الاخويه الطيبة ، قبل ان يتم العودة لتصريحات المعاتبه و تحميل المسؤوليات و التهامات. الشعب الفلسطيني بغالبيته لم ينتظر مفاجآت من هذه اللقاءات ، و التي عبر عنها بيان الفصائل الفلسطينية الذي صدر خلال هذه اللقاءات و عبر عن استياءهم من هذه اللقاءات التي تتجاهل الكل الفلسطيني .

كان هناك امتعاض شديد من قبل الفصائل الفلسطينية مجتمعه على اجراء هذه المفاوضات بشكل ثنائي بين فتح و حماس ، اولا لان من حق هذه الفصائل ، خاصة الرئيسية منها ، وعلى رأسها فصائل منظمة التحرير و الجهاد الاسلامي ان يكونوا جزء من اي حوارات او اتفاقات او تفاهمات ، و الحقيقة ان هذا الامر يضر بحركة فتح اكثر مما يضر بحركة حماس، حيث يمكن ان يفسر ذلك على ان لا مشكله لحماس مع احد سوى مع حركة فتح ، وبمجرد انتهاء الخلاف بين فتح و حماس تنتهي مشكلة الانقسام. ما هذا الذكاء السياسي الذي يذهب عضوين من اعضاء لجنة مركزية لفتح للدوحه لمفاوضة حماس و يتركون خلفهم كافة فصائل المنظمة و معهم الجهاد الاسلامي . صحيح اتفاق حماس وفتح ينهي جزء كبير من المشكله و لكن الشرخ الفلسطيني اعمق من ذلك بكثير.

الامر الاخر وهو المكان الذي تجرى فيه هذه المفاوضات و هو الدوحه .مع كل الاحترام و التقدير لكل الاشقاء العرب و حرصهم على توحيد الصف الفلسطيني ، و هنا لا نريد ان نفترض سوء النوايا. على الرغم من ادراك حركة فتح لحساسية المكان الذي ستجرى فيه اللقاءات، و لذلك كان الحرص على ان يذهب السيد عزام الاحمد و السيد صخر بسيسو الى القاهره قبل توجههم للدوحه و كذلك الذهاب للقاهره قبل عودتهم الى رام الله بهدف وضع الاخوة المصريين في الصوره ، و مع الاحترام الشديد لقطر و الدوحه ، ورغم التصريحات التي صدرت من بعض قيادات حماس و قيادات فتح على انه لا بديل للدور المصري ، لكن مع الاسف قصدنا او لم نقصد ، لقد ادخلنا انفسنا في وضع حساس يخدم طرف على حساب طرف اخر.

الامر الثالث و الذي لفت انتباه الجميع وهو المبادرة التي اطلقاء الدكتور احمد بحر التي استبقت لقاءات الدوحه. بعيدا عن مضمون هذه المبادرة و التي لا تطرح اي جديد سوى التأكيد على ما تم الاتفاق عليه في جولات سابقه ، مع تفسير حماس لها، و لكن المهم في الامر هو التوقيت الذي فسح المجال للتفسيرات و التأويلات بأن هناك موقفين لحماس واحد في غزة و اخر في الدوحه. احد التفسيرات لتوقيت اصدار مبادرة الدكتور بحر من غزة قبل مفاوضات الدوحه بانها رساله ليس للكل الفلسطيني بل الى قيادة حماس في الدوحه تقول لهم اننا نتفهم ما تتعرضون له من ضغوط، و نتفهم الاعتبارات الاقليمية و ما يجري من تطورات متسارعه و لكننا هنا في غزة هذا هو موقفنا و لن نقبل باقل من ذلك، و هو تفعيل الاطار القيادي و تفعيل المجلس التشريعي و تشكيل حكومة وحده وطنية و الذهاب الى انتخابات ثلاثية متزامنه، اقل من ذلك يبعث الله. الرساله وصلت الى قيادة فتح قبل ان تصل الى السيد خالد مشعل الذي يبذل الكثير من الجهد من اجل تعزيز مكانته و منحه و لاية ثالثة رغم تعارض ذلك مع قوانين حركة حماس التي تنص بشكل واضح على عدم تولي قيادة الحركة لاكثر من دورتين متتاليتين.

لم يكن هناك شعور لدى غالبية الفلسطينيين بنجاح هذه المفاوضات لان الدعوه لهذه اللقاءات جاء بدون مقدمات. صحيح سبق ذلك حديث عن زيارة بعض القيادات الفتحويه الى الدوحه لم يعلن عن اسماءها ، و كذلك لقاءات غير رسميه من بعض اعضاء المجلس الاستشاري مع قيادات من حماس في الدوحه و اسطنبول، لكن اللقاءات الرسميه و التي كانت بناء على طلب قطري، وهناك حديث عن دور تركي ، هي تلك التي مثل فتح و الرئيس عباس فيها السيد عزام الاحمد و السيد صخر بسيسو. التخوف لدى الكثيريين ان الهدف من هذه اللقاءات لم يكن انهاء الانقسام و لملمة الشمل الفلسطيني فحسب بل كان ابعد من ذلك بكثير.


التخوف ان يكون الهدف هو استخدام انهاء الانقسام في ادخال الفلسطينيين في دوامة التحالفات الاقليمية و الدولية ، مستغلين حالة الوهن و الحصار و تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية و الضائقة المالية لزج الفلسطينيين في تحالفات ليس لنا فيها ناقه و لا بعير.


الشعب الفلسطيني دفع ثمن باهض نتيجة موقف القيادة الفلسطينية من حرب الخليج الاولى و غير مستعد ان يدفع اي ثمن اخر نتيجة مواقف ليس لها علاقه بالقضية الفلسطينية. الموقف الفسطيني الوطني هو الحفاظ على علاقة طيبه مع الجميع . الوجع الفلسطيني واحد ووحيد وهو انهاء الاحتلال الاسرائيلي و اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني. الامه العربيه و الاسلاميه و المجتمع الدولي يجب بل ملزم ان يقف معنا و نحن كفلسطينيين غير ملزمين ان ندخل في اي تحالف مع احد او ضد احد. الثمن الذي قد تدفعه السلطه و المنظمه و الفصائل نتيجة الاصرار و التمسك بهذا الموقف سيكون اقل بكثير من الثمن الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني اذا ما زج نفسه في تحالفات ليس لها علاقه به او بقضيته.


على اية حال ، من اجل انهاء الانقسام الفلسطيني لسنا بحاجه للذهاب هناك الى الدوحه او اي عاصمه عربية. غزة و رام الله بها ما يكفي من المساحه ، و كذلك لسنا بحاجه الى اتفاقات جديده بل الى نوايا صادقه و حس وطني صادق و مسئول يضع الحسابات الشخصية و الحزبيه جانبا، لان استمرار هذا الحال لن يقودنا سوى الى مزيد من التراجع و الانهيار.

Check Also

منى ابو حمدية

محاضرة ” تراثنا هويتنا … ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ” للدكتورة منى ابو حمدية

شفا – عقدت المدرسة الإسلامية للإناث في نابلس بالتعاون مع هيئة التوجيه السياسي والدكتورة “منى …