ينغبي للفلبين أن تترك سياستها الخاطئة بشأن بحر الصين الجنوبي، بقلم : تشو شيوان
شهدت منطقة بحر الصين الجنوبي توترات متزايدة إذ تحاول الفلبين بالتعاون مع الولايات المتحدة لزعزعة الاستقرار في هذا الجزء الهام في العالم. ويرى كثيرون أن هذا التواجد الأمريكي عاملا إضافيا يُعقّد المشهد ويزيد من حدة النزاعات.
بالنسبة إلى أمن الملاحة فإن حرية الملاحة والطيران في بحر الصين الجنوبي مضمونة بالكامل لكل من السفن والطائرات العسكرية والمدنية، كما أن تأثير العوامل الجيوسياسية وتنافس القوى الرئيسية والنزاعات البحرية محدود ولا يشكل أي خطورة ولكن هناك أيدي تحاول العبث بالمنطقة وزعزعة أمن دولها، في حين أنني أجد بأن هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، بالنظر إلى أهمية بحر الصين الجنوبي كخط تجاري رئيسي، وففي حال تصاعد النزاع وتحوله إلى مواجهة عسكرية، فقد يؤدي إلى إغلاق طرق بحرية حيوية، مما سيؤثر على التجارة العالمية ويزيد من تكاليف الشحن وأسعار السلع، وهذا ما تتحنبه الصين وتحاول إرساء دعائم الأمن والاستقرار على جميع الأصعدة.
ما يجب أن ندركه جميعاً أن الولايات المتحدة ليست طرفاً في قضية بحر الصين الجنوبي، ولا يحق لها التدخل في النزاعات البحرية بين الصين والفلبين، ولا ينبغي لها استخدام المعاهدات الثنائية كذريعة لتقويض السيادة الإقليمية للصين وحقوقها ومصالحها البحرية، وجميع التوترات الحالية في بحر الصين الجنوبي ناجمة عن الاستفزازات المتكررة للفلبين وأفعالها المتهورة غير المدروسة، فضلا عن تصرفات الولايات المتحدة في التحريض على المواجهة وتأجيج التوترات في تعطيل التنمية الصينية والعبث بأمنها واستقرارها.
وعلاوة على ذلك، لقد وقع الرئيس الفلبيني فرديناند روموالديز ماركوس يوم الجمعة الماضي ما يسمى قانوني “المناطق البحرية” و”الممرات البحرية الأرخبيلية”، اللذين أدرجا بشكل غير قانوني جزيرة هوانغ يان ومعظم الشعاب المرجانية في جزر نانشا تشيونداو الصينية ضمن المنطقة البحرية الفلبينية، وحاولت الفلبين تقنين القرار غير القانوني المتعلق بما يسمى التحكيم في بحر الصين الجنوبي من خلال وضع القوانين المحلية، ويعتبر ذلك “خطوة سوداء” سياسية في ظل إستراتيجية الأمن القومي الجديدة والسياسة الخارجية اللتين تتخذهما الحكومة الفلبينية الحالية.
الجدير بالذكر أنه قد مضت 13 عاما منذ بدء تخطيط ما يسمى “قانون المناطق البحرية” حتى تم التوقيع عليه، وهكذا مضى وقت طويل لوضع ما يسمى “قانون الممرات البحرية الأرخبيلية”. إذن، لماذا اختارت الفلبين هذه المناسبة للتوقيع عليهما؟ في اعتقادي أن الفلبين وقعت على هذين القانونين في اليوم التالي بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذا ليس مصادفة، بل بترتيب منها محكم ودقيق التخطيط، وهي تضمر بذلك ثلاثة أهداف: أولا، محاولة “الصيد في الماء العكر” نظرا لاضطراب الأوضاع الدولية وبمناسبة انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومحاولة تقليل ضغوط الرأي العام الإقليمي والدولي للتوقيع على القانونين المذكورين آنفا. ثانيا، محاولة جعل تصرفاتها غير القانونية في بحر الصين الجنوبي شرعية، وخلق “أمر واقع”، لفرض الضغوط على الحكومة الأمريكية المقبلة لمواصلة تقديم دعمها السياسي والعسكري للفلبين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي. ثالثا، محاولة كشف نوايا الحكومة الأمريكية المقبلة وتملقها.
وبغضّ النظر عن دقة تخطيطات الفلبين، لكنها لن تحقق نيتها. السبب بسيط: لأن ما يسمى بالقانونين ينتهكان بشكل خطير سيادة الصين الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية في بحر الصين الجنوبي، وخالفا المبدأ المهم “حل الخلاقات عبر الحوار والتشاور” الذي يؤكده “إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي”، ويقوّضان منظومة قواعد القانون الدولي القائمة، فهما باطلان، والصين لديها كامل الصلاحيات للتحرك سياسيا وقانونيا بما يضمن سيادتها على أراضيها وبحورها وجزرها.
في أكتوبر الماضي، دعا رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ أثناء كلمته التي ألقاها خلال قمة شرق آسيا الـ19 في فيينتيان حيث قال إنه لا يمكن تحقيق التنمية والازدهار الإقليميين بدون تحقيق السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي، مضيفا أن الجانب الصيني ملتزم دائما بالامتثال للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، واتباع إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي، وهذا سؤكد أن الصين لديها حقوق مكفولة في بحر الصين الجنوبي وفقا لقوانين وأعراف دولية، وهناك ما يثبت أن جزر نانشا، بما في ذلك جزيرة شيانبين جياو، هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، مؤكدا على أن أنشطة حماية حقوق الصين وإنفاذ القانون في المناطق البحرية ذات الصلة مشروعة ومهنية.
وتعهد خفر السواحل الصيني يوم الأحد الماضي بأنه سيواصل تعزيز الدوريات وإنفاذ القانون في المياه الإقليمية قبالة جزيرة هوانغيان داو والمياه المحيطة بها، وستحافظ بقوة على النظام في هذه المياه، كما ستعمل على حماية البيئة الإيكولوجية والموارد البيولوجية، وحماية السيادة الإقليمية للصين وحقوقها ومصالحها البحرية. ومن هنا نعرف أن الصين تسعى إلى إدارة الخلافات مع الفلبين في بحر الصين الجنوبي، ولكنها أيضا تعمل على حماية السيادة الوطنية وسلامة أراضيها بشكل ثابت. وأتمنى أن تترك الفلبين سياستها الخاطئة مع الصين وتساهم في عودة العلاقات الصينية الفلبينية إلى مسارها الطبيعي.