11:23 مساءً / 25 أكتوبر، 2024
آخر الاخبار

عذرا أبو صابر ، بقلم : بديعة النعيمي

عذرا أبو صابر ، بقلم : بديعة النعيمي

عذرا أبو صابر ، بقلم : بديعة النعيمي

رافقنا أبو صابر كبشر عبر مسيرتنا الإنسانية الطويلة، فكان نعم الصاحب الصابر وقد اتخذناه رمزا للغباء والعناد والاستسلام. كما ضربنا به الأمثال في الذلة والضعة.


فقلنا عنه “أذل من حمار مقيد” و “أجهل من حمار” وانتزعنا منه الكرامة حين اتهمناه بقولنا “لا يأبى الكرامة إلا حمار”.

لكنه في غزة أثبت أنه أبعد ما يكون عن الذلة والجهل وأنه يمتلك من الكرامة أطنان ما يمتلكه بعض العرب، عندما وقف شامخا متحديا آلة العدو الصهيوني والأمريكي وحلفائه وممن يقولون عن أنفسهم عربا.


نعم كما أقول لكم أبو صابر في غزة تحدى الطائرات والجرافات والدبابات المجنزرة قاطعا الطريق غير آبه بوحشيتها ودمويتها


يحمل الجرحى وجثامين الشهداء إلى المستشفيات التي تلتقط اليوم أنفاسها الأخيرة وخاصة في شمال غزة. حتى أصبح هو بطل المواصلات راكلا بقائمته المركبات التي ركنته سابقا لزمن طويل.


حتى أن دولة الاحتلال تنبهت لخطر أبي صابر فقيدت كما باقي مستلزمات الحياة دخوله إلى القطاع.


إلا أنه وكما يقال “بيت السبع لا يخلو من العظام”. فأهل غزة اهتموا بهذا الصديق فكان لهم المخلص وكانوا له نعم الصاحب، فأضافوا له عربات بعضها يحمل السكان في تنقلاتهم داخل القطاع وبعضها ينقل النفايات وآخر المنتجات الغذائية.


ففعل هذا البطل ما لم تفعله الأنظمة العربية مجتمعة لأهل غزة في حصارهم وتجويعهم وذبحهم من قبل وحوش العالم التي تجمعت عليها من كل حدب وصوب.

وفي الوقت الذي فعلت تلك الأنظمة طاقاتها لإمداد يهود الشتات باحتياجاتهم عن طريق الجو والبحر والبر كان أبو صابر الذي لم يسلم من مذمتنا يوما يتحدى جوعه وتعبه ووعورة الطرق والركام وينطلق مسرعا ليوصل هذا وينقل ذاك وسط الموت والقنص.


أبو صابر الذي فعّل ما أعطاه الله من جهاز Gps ليخدم أهل غزة المنكوبين، فحفظ طريق الكرامة عن ظهر قلب ونبذ تلك المؤدية إلى الغدر والخيانة.


بينما الأنظمة العربية فعّلت جميع أنظمتها الالكترونية لدرء الأخطار عن دولة الاحتلال ويهودها.

وأبو صابر غزة تحول إلى *حمار الحكيم” في رواية توفيق الحكيم. حيث انقلب ليصبح ذلك السياسي المخضرم الوطني الذي يستخدم أفعاله السياسية لا آراءه لصالح غزة وأهلها، بينما بعض السياسيين من بني جلدتنا أصبحوا أبواق أنظمتهم العميلة.

هذا المخلوق الجميل الذي يدعى أبو صابر لم يرفع قائمتيه منذ بداية الحرب -كما تفعل أفراد فصيلته عندما تجوع- ولا مرة ليعلن عن جوعه، بل هو لا زال صابرا على الجوع مثل أهله في غزة، فأنّ له أن يشبع وأهله جياع.


بينما الأنظمة الصهيوعربية رفعت لا قائمة واحدة بل كلتا القائمتين من شدة التخمة وأعقبوها بكأس سكْر، لا لكي ينسوا الخيانة بل من أجل أن يستمتعوا بها ويزدادوا منها حتى الثمالة.

وبذلك فإن أبا صابر غزة أصبح في المركز وألقى بتلك الأنظمة إلى الهامش، عفوا إلى مزابل التاريخ، حين أثبت أنه الثرى أما هي فالقذارة التي تمتلك رجلين وتمشي على الأرض متبخترة فخرا بقذارتها.

واليوم أقول لأبي صابر، عذرا أبو صابر على عدم فهمي لك طيلة سنوات عمري، اليوم أقدم لك اعتذاراتي الكثيرة وأرفع لحضرتك القبعة وأنت الذي قدمت طاقاتك طيلة ٢٤ ساعة هناك في الأرض المذبوحة. وأقول لك بأن الأوسمة تليق بك لأنك تستحقها وبجدارة بينما بيننا من يزخرف بدلته العسكرية برطل من الأوسمة الكاذبة.
فطبت يا أبا صابر وطابت مساعيك. وخابت إمعاتنا من الأنظمة العربية وخابت خياناتها.

شاهد أيضاً

فريق المحامين الدولي ينفي الشائعات التي دارت حول تنحي رئيسة القضاة في المحكمة الجنائية الدولية

فريق المحامين الدولي ينفي الشائعات التي دارت حول تنحي رئيسة القضاة في المحكمة الجنائية الدولية

شفا – بعد أن أعلنت المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة أنها إستبدلت لأسباب صحية واحدة …