شفا – أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، اليوم الإثنين، أن ما يشهده شمال قطاع غزة يُعتبر تصعيداً نوعياً في مسار الإبادة الجماعية التي يتعرض لها كافة سكان القطاع، إلا أن هذه العمليات في الشمال بلغت مستويات غير مسبوقة من القتل والتجويع واستهداف المؤسسات الصحية والبنى التحتية ومصادر المياه ومقومات الحياة للسكان، منذ بداية العدوان الإسرائيلي، ما يفاقم الكارثة الإنسانية بشكل مقلق.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي للهيئة عقد في مركز التضامن الإعلامي بدير البلح التابع لنقابة الصحفيين الفلسطينيين.
ووجهت الهيئة تحذيراً حول خطورة ما يجري في شمال قطاع غزة، حيث تتعرض المنطقة لحملة تطهير عرقي ممنهجة، ويُجبر السكان على النزوح جنوباً، يتم بعدها نسف واحراق ما تبقى من منازلهم، بهدف تفريغ الشمال من ساكنيه وفرض واقع احتلال دائم، يترافق مع إقامة معسكرات عسكرية، وهو ما يمثل تهديداً خطيراً يمهد الطريق لإعادة الاستيطان في المنطقة.
وأضافت على الرغم من صعوبة إحصاء دقيق لعدد الضحايا، فإن التقديرات تشير إلى سقوط أكثر من 500 شهيد منذ بدء الحملة العسكرية في 5 أكتوبر الجاري، أغلبهم من النساء والأطفال، والعدد مرشح للزيادة بشكل كبير مع استمرار العدوان الوحشي.
وأشارت إن النزوح الجماعي لآلاف العائلات من شمال قطاع غزة نحو مدينة غزة والمناطق الجنوبية، وخاصة منطقة المواصي، أدى إلى تعميق الأزمة الإنسانية وزيادة الضغط الهائل على المناطق والمراكز التي تستقبل النازحين. وفي ظل انعدام الأمن الغذائي في كافة أنحاء القطاع، فإن الوضع في الشمال بات ينذر بحدوث مجاعة حقيقية في بعض المناطق نتيجة الحصار الخانق المفروض عليها.
وقالت الهيئة إن التصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية، التي تمنح الاحتلال مهلة زمنية لتعزيز إدخال المساعدات الإنسانية، تمثل في حقيقتها غطاءً سياسياً يتيح لقوات الاحتلال مزيداً من الوقت لارتكاب المجازر ومواصلة عمليات التطهير العرقي بحق المدنيين العزل.
وأوضحت أن الاستهداف المكثف لمنطقة جباليا ومحيطها، والتي تعرضت لقصف إسرائيلي وحشي وعمليات قتل وتفجير وحرق منازل على نطاق واسع، فان منطقة بيت لاهيا وبيت حانون أيضا تتعرض لحصار وعدوان كبيرين.
وبينت أنه في 19 أكتوبر 2024، استشهد أكثر من 80 مواطناً جراء قصف الاحتلال لمنازل سكنية في منطقة مشروع بيت لاهيا، وأصيب المئات، بينما لا يزال العديد من المفقودين تحت الأنقاض دون معرفة مصيرهم. كما استهدف الاحتلال بشكل مباشر مستشفيي كمال عدوان والعودة، وحاصر مراكز إيواء، مجبراً النساء والأطفال على الخروج واحتجاز الرجال، ولم تُعرف مصائر الكثير منهم حتى الآن.
وأضافت ” ان بيت حانون، شمال قطاع غزة، لا يزال حوالي 6,000 مواطن محاصرين في منازلهم وفي مراكز الإيواء، حيث تنتشر الآليات العسكرية الإسرائيلية في محيط المنطقة، وتمنع حركة السكان. ويعاني المحاصرون من نقص حاد في المواد الغذائية والصحية الأساسية، بما في ذلك مياه الشرب والأدوية المنقذة للحياة”.
وأشارت الي أن قوات الاحتلال احتجزت أعداد غير معروفة من المواطنين من فئات عمرية مختلفة خلال عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة ، واقتادت عدد منهم الى أماكن مجهولة الامر الذي يثير القلق على مصيرهم خاصة على ضوء ما تم توثيقه من جرائم وحشية بحق الاسرى الفلسطينيين.
وطالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لوقف هذه الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين في شمال قطاع غزة، وأكدت على ما يلي:
- اتخاذ إجراءات تنفيذية وفورية لوقف عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في جباليا وشمال قطاع غزة، وضرورة محاسبة قادة الاحتلال على هذه الجرائم، التي تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما يتوجب وقف جميع عمليات التهجير القسري للسكان
- تحمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر مسؤولياتها الإنسانية، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لضمان وصول المساعدات الطبية والإغاثية إلى الضحايا المدنيين، وتقديم الخدمات المنقذة للحياة في المناطق المحاصرة، وفتح ممرات امنة لوصول المساعدات وإخراج الجرحى والحالات الطبية الحرجة
- نفاذ قرارات محكمة العدل الدولية ومجلس الامن والجمعية العامة المتعلقة بوقف الحرب ودخول المساعدات وفتح المعابر ووقف الإبادة الجماعية.
- الكشف عن مصير الاسرى والمعتقلين من قطاع غزة، واجبار سلطات الاحتلال على تقديم قائمة بأسماء جميع المعتقلين لديها وأماكن احتجازهم والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم وكذلك لمحاميهم وعائلاتهم بالتواصل معهم لحين الافراج عنهم.
- وقف استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام والسماح بدخول مؤسسات الإغاثة الإنسانية الدولية الى شمال القطاع للوقوف على حقائق الاوضاع الكارثية وتقديم المساعدة للضحايا.