الحرب بين الأيديولوجيا والتكنولوجيا ، بقلم : جهاد عياش
بعد عام ونيف من الحرب الشرسة التي تشنها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة برزت أهمية التكنولوجيا في حسم الكثير من المواجهات بين أيديولوجيا طوفان الأقصى و تكنولوجيا السيوف الحديدية ، فكلما احتدت لغة الطوفان اشتد وقع السيوف وأصبح صليلها يصم الآذان ووقعها يمزق الأجساد وينثر الأشلاء وتترك من نجا يتساءل عن نهاية المشوار في انتظار خبر يشرح له معنى الطوفان قبل أن يصبح الضحية التالية، فلا يجد سوى شخص يرتدي أجمل الثياب ،يجلس على كرسي ، تعلو محياة الابتسامة ويقول ما قالته الشعراء من فصاحة وبلاغة مغلفة بتقنيات كلامية حديثة وتكنولوجيا لسانية عصرية لا تسمن ولا تغني من جوع .
وعلى الطرف الآخر تجد الإجابة التي تحقق لك الكابوس بأن تكون الضحية دون أن تسمع له همسا بعد أن أعد عدته التي بنيت على التقنيات الحديثة و التقدم الهندسي والتكنولوجي التي أصبحنا من خلالها كتابا مفتوحا يقلب صفحاته ويختار منها ما يشاء وهو يجلس على كرسيه في غرفة مكيفة ضاغطا على الأزرار غير مكترث بأي قانون إنساني فيقتل ويجرح ويدمر ويشرد حتى نصبح أرقاما تحصى يوما بعد يوم.
وعلى الرغم من أن شعبنا الفلسطيني المظلوم ،له الحق في المقاومة حسب القوانين الدولية طالما بقي الاحتلال بشتى الوسائل و الاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مواجهته، إلا أننا نحتاج لسنوات ضوئية لنصل حدا مقبولا مما وصل عدونا، خاصة أن إسرائيل مدعومة من القوى العالمية المتقدمة صاحبة الخبرة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي اتخذت من أبناء شعبنا حقل تجارب لأنواع كثيرة من الأسلحة المحرمة دوليا، في الوقت الذي تخلت فيه الدول العربية والإسلامية عن الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الشعوب التي لم يكن لها رد فعل كالذي يجرى في بعض الدول الغربية وفي جامعاتها وشوارعها .
والعجيب أنه مع مرور الأيام يزداد نهم العدو في إبادة أبناء شعبنا مستخدما تقنيات متعددة وأساليب متنوعة متخطياً كل الحواجز والموانع وضاربا بعرض الحائط القرارات التي صدرت عن المؤسسات الدولية خاصة قرار محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، وكلنا شاهدنا ما فعلته التكنولوجيا في جنوب لبنان من تفجير لأجهزة الاتصال والخسائر الفادحة التي لحقت بهم بكبسة زر.
وبعد نجاح نتنياهو في تهذيب سلوك المقاومة عن طريق التكنولوجيا اتجه إلى تنفيذ الأيديولوجيا بإقامة دولة إسرائيل الكبرى حسب زعم اليمين المتطرف ، بل أنه بدل اسم الحرب من السيوف الحديدية إلى يوم القيامة.
فهل نعتبر في المستقبل ونحترم الواقع ونضع موازين القوى في الاعتبار ونحافظ علي ثورتنا البشرية وحقنا الأصيل في استرداد أرضنا شريطة التخطيط السليم حسب العلم .