شفا – قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية، إن “خطة الجنرالات” محكومة بالفشل منذ البداية؛ لأنها لم تتناول القضية الأكثر أهمية، مشيرة إلى أن “إسرائيل” رسمت لنفسها سيناريوها خياليا، وهي الآن على وشك دفع الثمن لذلك.
وذكرت الصحيفة في مقال للسياسي الإسرائيلي حاييم رامون أنه “كما هو متوقع، فرضت الإدارة الأمريكية على “إسرائيل” تهديدًا كبيرًا، ومن جانبها، اضطرت للرضوخ له”.
وأضاف “رامون” عندما اتصل بي أحد واضعي “خطة الجنرالات” طالبًا دعمي، كتبت له: “للأسف، الخطة غير قابلة للتنفيذ على المستوى الدولي”، وأضفت أن السبب الرئيسي في ذلك هو الولايات المتحدة. وما كنت أخشاه، قد حدث.
وتابع: “من اعتقد أنه بعد عام من بدء الحرب، ستتمكن إسرائيل من تجويع 300 ألف من سكان غزة في شمال القطاع، ثم طردهم إلى الجنوب، فهو يعيش في وهم”.
“خطة الجنرالات”.. أسباب الفشل
وحول أسباب فشل “خطة الجنرالات” منذ البداية وفقا لـ “رامون”، فإنها “لا تقتصر على كونها لم تتناول مسألة الحكم المدني، ولكن أيضًا لأنها كانت مبنية بالكامل على افتراض أن السكان في شمال القطاع سيتخلون عن مناطقهم في مواجهة الحصار والتطويق”.
وأردف “كما ذكرت مرارًا وتكرارًا فيما يتعلق بكل الخطط الغريبة لاستبدال الحكم المدني في القطاع التي روج لها وزير الدفاع غالانت في العام الماضي، فإن الإدارة العسكرية المؤقتة فقط هي التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار حكم حماس”.
وأوضح “رامون” أن “خطة الجنرالات” حاولت أيضًا تجاوز إنشاء إدارة عسكرية مؤقتة، ولذلك كان فشلها متوقعًا مسبقًا.
وخلافًا لتوقعات الجنرالات، لم يهرب السكان المدنيين من شمال القطاع، ونتيجة لذلك، بدأت الخطة في الانهيار على نفسها، بحسب “رامون”.
وختم “رامون” مقاله بقوله: “علاوة على ذلك، فإن الفكرة القائلة بأن إسرائيل ستتمكن من تجويع مئات الآلاف من سكان غزة دون تدخل العالم، وخاصة الولايات المتحدة، هي فكرة بعيدة تمامًا عن الواقع”.
خطة الجنرالات.. المقترح والفكرة
وفي وقت سابق كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، أن خطة الجنرالات التي اقترحها مجموعة من الجنرالات المتقاعدين، تدعو نتنياهو والكنيست الإسرائيلي إلى تصعيد الضغط، من خلال إعطاء الفلسطينيين مهلة أسبوع واحد لمغادرة الثلث الشمالي من قطاع غزة، بما في ذلك مدينة غزة، قبل إعلانها منطقة عسكرية مغلقة.
ولفتت إلى أن “إسرائيل” ستعتبر من يبقون فى المنطقة من المقاتلين، ما يعنى أن القوانين العسكرية ستسمح للجنود بقتلهم، وسيمنعون من الحصول على الطعام والماء والدواء والوقود، وفقا لنسخة من خطة أرسلها مهندسها الرئيسي لوكالة أسوشيتد برس، الذى يقول إن الخطة هي الطريقة الوحيدة لكسر حماس في الشمال والضغط عليها لإطلاق سراح المحتجزين المتبقين.
وتدعو الخطة “إسرائيل” إلى الإبقاء على سيطرتها على شمال غزة لفترة غير محددة في محاولة لإنشاء إدارة جديدة بدون حماس، مما يقسم قطاع غزة إلى قسمين.
وتشير نسخة من الخطة إلى أنه إذا كانت الاستراتيجية ناجحة فى شمال غزة، يمكن أن تُطبق فى مناطق أخرى، بما فى ذلك مخيمات الخيام فى الجنوب التى تأوى مئات الآلاف من الفلسطينيين.
الخطة.. احتمالات تأييد “ضئيلة”
وفي وقت سابق، نقلت” هآرتس” الإسرائيلية عن مصادر رفيعة بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية إن الحكومة لا تضغط للمضي بصفقة تبادل، وإن المستوى السياسي يدفع نحو ضم زاحف لأجزاء كبيرة في قطاع غزة بدلاً من إنهاء الحرب وإعادة المخطوفين.
وفي محادثات مغلقة، قالت هذه المصادر إن احتمالية التوصل إلى اتفاق تبدو “ضئيلة” الآن، لأنه منذ تم وقف الاتصالات حول عقد الصفقة لم يتم إجراء أي محادثات في هذا الشأن مع أي جهة دولية.
وحسب قولها، لم يتم إجراء نقاش في المستوى السياسي مع جهات رفيعة في جهاز الأمن حول وضع المخطوفين منذ ذلك الحين.
وتحدث قادة ميدانيون مع “هآرتس”، قالوا إن قرار الانتقال للعمل في شمال القطاع اتخذ من دون نقاش معمق، ويبدو أنها خطوة استهدفت بالأساس الضغط على سكان غزة، الذين مطلوب منهم الانتقال مرة أخرى من هذه المنطقة إلى منطقة الشاطئ، رغم الشتاء الذي على الباب من غير المستبعد أن ما ينفذ الآن يمهد الأرض لقرار سياسي لإعداد شمال القطاع لتنفيذ خطة الحصار والتجويع لصاحبها الجنرال الاحتياط غيورا آيلاند، الذي بحسبه سيتم إخلاء كل سكان شمال القطاع إلى مناطق إنسانية في جنوب القطاع، ومن سيختار البقاء في شمال القطاع سيعتبر ناشطاً في حماس وسيكون بالإمكان المس به.
صمود جباليا وإفشال المخطط
وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، قد قالت “إن صمود الفلسطينيين في جباليا ورفضهم أوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالإخلاء يُحبط تنفيذ ما تسمى “خطة الجنرالات” الهادفة إلى إخلاء شمال غزة من سكانه”.
وأوضحت الصحيفة في تقرير نشرته السبت الماضي، واطلعت “شفا” أنه “في الأسبوع الماضي، جرى تحويل قطاع غزة رسمياً إلى منطقة قتال ثانوية من الجيش الإسرائيلي، مع بداية العملية البرية في جنوب لبنان”، وذكرت أنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عُدَّ قطاع غزة “ساحة الحرب الأساسية فيما عُدّت الحدود الشمالية مع لبنان ساحة حرب ثانوية”.
وتابعت: “ومع ذلك، ترك الجيش الفرقة النظامية للقيادة الجنوبية لمداهمة جباليا، وهذه المرة لفترة ممتدة لأكثر من بضعة أسابيع، وذلك بسبب إصرار السكان غير المعتاد على عدم الإخلاء جنوباً”.
وذكرت الصحيفة أن صمود السكان في جباليا ورفضهم طلبات الجيش الإسرائيلي منهم الإخلاء يُحبط التجربة العملية الأولى لتنفيذ ما تسمى “خطة الجنرالات” الداعية لإخلاء شمال قطاع غزة من السكان.
وقالت الصحيفة “تشكل العملية الآن نسخة أصغر وأولية من مبادرة اللواء المتقاعد غيورا آيلاند، الذي اقترح نقل ما يقرب من 300 ألف من سكان غزة المتبقين في شمال القطاع، خصوصاً بمدينة غزة إلى جنوب القطاع من خلال التفتيش والفحص في ممر نتساريم” وسط القطاع.
وكان آيلاند قد أعلن مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي ما سمّاها “خطة الجنرالات” لإخلاء شمال قطاع غزة من السكان.
شمال القطاع.. حصار متواصل وثبات متجذر
في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في جباليا بذريعة “منع المقاومة من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع هي الأعنف منذ مايو/أيار الماضي.
وأنذر جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين بإخلاء مساكنهم في جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا والتوجه جنوباً، وسط تحذير وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة المواطنين من الاستجابة لذلك، معتبرةً إياه “خداعاً وكذباً”.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاره وعدوانه على شمال قطاع غزة، لليوم الـ 12 تواليا، وسط قصف، وإطلاق نار ومنع المواطنين من الحركة أو إدخال المساعدات.
ويترافق الحصار الإسرائيلي على شمال قطاع غزة مع قصف مدفعي وجوي مكثف، واطلاق النار على كل من يتحرك ويتنقل من خلال الشوارع العامة أو الفرعية.
ويأتي العدوان الإسرائيلي الأخير على الشمال في محاولة لاستمرار تهجير عشرات الآلاف من المواطنين، وتنفيذ “خطة الجنرالات”، فيما تؤكد مصادر حقوقية وصحفية، أن سكان الشمال مازالوا ثابتين في بيوتهم وفي مراكز الايواء ويرفضون تهجيرهم نحو جنوب القطاع .