مريم أمين بشارات : أسطورة فلسطينية في سماء الكاراتيه ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
من رحم المعاناة وتحت وطأة الاحتلال والحصار، سطع نجم مريم أمين بشارات كأيقونة فلسطينية لا تتكرر، حينما حققت إنجازًا خالدًا بحصولها على الميدالية الذهبية في بطولة العالم للكاراتيه لعام 2024. مريم، ابنة مدينة نابلس الأبية، خطّت اسمها بأحرف من ذهب في سجل الرياضة العالمية، لتكون مثالاً حيًا لصمود الشعب الفلسطيني وإرادته التي لا تعرف الانكسار.
نشأت مريم في أسرة فلسطينية عريقة غرست فيها قيم العزة والكرامة، وتربّت على حب الوطن والإصرار على النجاح مهما كانت العقبات. مسيرتها لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والصعاب التي تجاوزتها بعزيمة لا تلين، وإيمان عميق بدعم والدها ومدربها العالمي أمين بشارات، الذي كان لها السند والقدوة. تحت توجيهه الحكيم، تبلورت شخصية مريم لتصبح رمزًا للأجيال الصاعدة، تؤكد لهم أن الأحلام العظيمة تتحقق بالصبر والتحدي.
ميدالية مريم لم تكن مجرد انتصار رياضي؛ بل كانت صرخة فلسطينية مدوية في وجه العالم. وكأنها تقول: “رغم الألم ورغم القيود، نحن هنا، نرفع راية فلسطين عاليةً خفاقة في المحافل الدولية، ونثبت أن الفلسطيني قادر على تحقيق المجد مهما كانت الظروف”.
وفي لحظة مؤثرة، حين احتضنت مريم والدها بعد تتويجها بالذهب، تجلت صورة الكفاح والتضحية. وكأنها تقول: “ارفع رأسك يا أبي، فهذا هو ثمرة تعبك وتضحياتك”. تلك اللحظة لم تكن مجرد لحظة فوز؛ بل كانت تعبيرًا عن سنوات من الصبر والعمل الدؤوب، حيث أعادت إلى قلوب الفلسطينيين شعور الفخر والعزة في وقت تملؤه الآلام والجراح.
من مدينة فينيتسيا الإيطالية، حيث ارتفع علم فلسطين عاليًا بين أعلام الدول، حققت مريم إنجازها الاستثنائي في فئة وزن +61 كجم كومتيه فردي ناشئات، لتكون بذلك مثالًا يحتذى به لكل فتاة فلسطينية تحمل الحلم الكبير. ميداليتها الذهبية لم تكن مجرد معدن ثمين؛ بل كانت رمزًا للإرادة التي لا تنكسر، والتصميم الذي لا يعرف حدودًا.
مريم أمين بشارات ليست مجرد بطلة رياضية؛ بل هي رمز للمرأة الفلسطينية التي أثبتت أن العزيمة والإصرار يمكن أن يكسر كل الحواجز، ويُعلي اسم فلسطين في كل ساحة عالمية.