شهادات بلا عِلم ، بقلم : سارة النومس
فيما مضى، عندما كنا نقرأ الصحف والمجلات يومياً وما تحمله من مواضيع فنية وعلمية وثقافية وغيرها وتصبح الصحف أولى مصادر الأخبار والمعلومات الثقافية التي يجتهد فيها العديد من الصحافيين المجتهدين. كانت هناك صفحة أو اثنتان يستضيفون بها شخصيات مثقفة في المجتمع، معنونة باسم الشخصية ورأس موضوع يلفت الأنظار ثم تفاصيل زاخرة بالمعلومات المفيدة تعكس شخصية أحبت مجالها وسعت في نشره.
عندما كنا نقرأ «د» قبل اسم الشخص كنا نشعر بهيبته وبمعلومات مخزونة في عقله، حصل على شهادته بتعب وجهد. وإن اغتر بعضهم بنفسه سيظل موضع احترام الناس، خصوصاً عندما يظهر في مقابلة تلفزيونية ويتحدّث بمنطلق علمي وثقافي وبلغة مفهومة، كلامه مدعّم بالأرقام والبراهين، فيشارك نفسه في مؤتمرات عالمية ويدرس على يده العديد من طلبة العلم ومحبي علمه.
سابقاً، كنا نرى المثقفين ولا نرى شهادات كثيرة واليوم نرى السوق غنياً بالشهادات ولا نرى مثقفين، وإذا سألت أحد المتحمسين للحصول على شهادة علمية «ما الهدف من حصولك على الشهادة؟» يجتمع الغالبية على أن زيادة الراتب هي أول هدف يسعون له من خلال الشهادة. أحياناً عند التحدث مع شخص يحمل شهادة الدكتوراه أو الماجستير لا تحصل من الحوار معه على لغة مفهومة أو فائدة علمية، بل إن بعضهم يتحاشى الخوض في نقاش علمي أو ثقافي مُثمر، حينها تعلم حقيقة أن سعي بعض الجامعات في العالم على بيع الشهادات بمقابل مادي مغرٍ، هي حقيقة لا غُبار عليها وأن النتائج واضحة أمامنا وضوح الشمس.
وقد يقول البعض إن ليس كل من يحصل على الدرجة العلمية يجب أن يكون مثقفاً، هذا صحيح ولكن على الأقل يملك معلومات صحيحة متعلقة بدراسته. وقلة المثقفين اليوم واردة في أنحاء العالم، فلا أرى اليوم بيننا شاعراً عربياً يتغنّى بالفصحى في قصيدته ويتابعه العالم العربي كله، ولا فنان كاريكاتير عربياً رسوماته جريئة وينتظر الناس آخر رسوماته الساخرة، ولا حتى كاتباً يحافظ على نجوميته في ظل المنافسات الهلامية، بل يموت بعض المثقفين وينعاهم الناس أسفاً بأن لم يحظوا باهتمام الناس لثقافتهم وعلمهم.
تسعى رابطة الأدباء مشكورة بإحياء الثقافة في الكويت، وغيرها من الجهات المهتمة بالعلم والثقافة، ولكن رواد الثقافة قليلون، والساحة مليئة بالشهادات العلمية لكنها تشح بالمثقفين.