5:21 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

مروان البرغوثي … مهندس الهواء الطلق في سجون الاحتلال

شفا – أصدرت وزارة شؤون الاسرى والمحررين تقريرا شاملا بمناسبة الذكرى العاشرة لاختطاف القائد والنائب مروان البرغوثي بتاريخ 15/4/2002 على يد سلطات الاحتلال الاسرائيلي، ووصف التقرير مروان البرغوثي بمهندس الهواء الطلق في سجون الاحتلال، والمقلق دائما لدولة اسرائيل منذ لحظة اعتقاله وبسبب مواقفه الوطنية والسياسية.


واعتبر التقرير أن تجربة مروان هي تجربة حالة رمزية فلسطينية لا زالت تشكل الروح الجمعية للنضال الوطني الفلسطيني.


فلسطيني مائة بالمائة:


مروان البرغوثي المقاتل والسياسي، الأسير والبرلماني، المحبوب جماهيرياً حامل التجربة الفلسطينية الصعبة في كافة مراحلها منذ أن كان طالباً وأسيراً ومبعداً وأمين سر حركة فتح في الضفة الغربية ولم ينحاز إلا لشعبه وقضيته وقناعاته فلسطيني مائة بالمائة كما يصف نفسه عنيد في الحق، واقعي إلى درجة الاستفزاز، ديمقراطي يؤمن بالتعددية وحرية الرأي والتعبير، مبدع في الخروج من الأزمات وفي تقديم الحلول، حريصاً كحرصه على روحه على الوحدة الوطنية الفلسطينية والمشاركة، يكره الاحتلال والاستعباد والذل والفساد، ليس له حلم سوى حلم الحرية والاستقلال، متفائل، يمسك بالأمل حتى في أقسى الظروف والمحن، يشحنك بالفرح، مؤمناً بالنصر وبانتصار الحق على المدفع، يشتبك دائماً مع الغموض ومع الليل، في لمعان عينيه ضوء لا ينطفئ


الرجل الذي راهن الأعداء على اختفائه وعزله وإبعاده عن الساحة السياسية والميدانية في مرحلة الحرب الشرسة على السلطة الوطنية وتقويضها وحصار واغتيال الرئيس الرمز أبو عمار وإعادة احتلال الضفة الغربية وارتكاب المجازر البشعة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.


الرجل الذي لم يذكر حتى اسمه للمحققين طوال مائة يوم في التحقيق، وقد تعرض لشتى أنواع التعذيب والقهر والحرب النفسية والتشويهية بعد ان خاب أمل قادة إسرائيل أن يجدوا البرغوثي رماداً في جرة، فوجدوه صلباً لا يعترف بهم ولا بإجراءاتهم ولا بمحاكمهم صارخاً في وجههم: الاحتلال إلى زوال متمسكاً بحقه الشرعي في مقاومة الاحتلال وفي الدفاع عن قضية شعبه وثوابته الوطنية…


أنه المقلق الدائم لدولة إسرائيل، لم يستطع السجن ان يوقف حصانه الجامح ولا صولاته البطولية، كأنه لم يسجن، ازداد حب شعبه له، وصار اسمه عنواناً لكل الأحرار والشرفاء في العالم، حاضراً في كل حين، فهو ليس أسيراً عادياً، لم يستسلم لزمن وروتين الأسر وأوامر السجان، منفلت من العتمة، له موقف عند كل قضية، له رأي مسموع ومؤثر في كل أزمة.


اعتقد الإسرائيليون أن خمسة مؤبدات وأربعين عاماً كفيلة أن تدفن البرغوثي في الغياب والمنفى وبلا رجعة، ولكن هذا الرجل الذي حول محاكمته إلى محاكمة دولة الاحتلال على جرائمها في أكبر تظاهرة قضائية وسياسية وإعلامية شهدتها محاكم الاحتلال منذ عام 1967، عاد بقوة وبحضور أوسع رافعاً يديه المكبلتين إلى الأعلى، خارجاً من ثوب الضحية إلى مشهد رجل الحرية الباحث عن العدالة والتعايش، المناضل ضد الظلم والقهر والعنصرية، معرياً دولة إسرائيل وأعمالها وجرائمها، ليكون بخطابه وكلماته أكثر وقعاً في المجتمع الإسرائيلي الذي بدأ يشعر وكأن البرغوثي أصاب الحقيقة


الغائبة وأوقعهم في مأزق أخلاقي وإنساني وقانوني مرتبكين بين أسئلة مصيرية تقع في المسافة بين عبء الاحتلال وثمن السلام…


المطلوب رأس ياسر عرفات:


أن مائة يوم من التحقيق العنيف والمذل التي واجهها البرغوثي في أكثر من مركز تحقيق كالمسكوبية وبيتح تكفا والجلمة والسجن السري، تركز الجزء الأكبر فيها حول علاقته بياسر عرفات وتمويل نشاطات الانتفاضة والقرارات الصادرة حولها في محاولة إسرائيلية لإدانة ياسر عرفات الذي اعتبره شارون غير شريك وفرض حصاراً على المقاطعة مقر إقامته وقام بتدمير مقرات السلطة وإعادة احتلال المناطق الفلسطينية في عملية أطلق عليها “السور الواقي”…


وكانت الأوساط الأمنية الإسرائيلية تعتبر مروان البرغوثي الذراع المساند لياسر عرفات ومفجر الانتفاضة وصوتها العالي وتحاول أن تجد أي إدانة لياسر عرفات كمبرر لتنفيذ المخطط الإسرائيلي بتدمير السلطة وإعادة الاجتياحات العسكرية وتدمير اتفاقيات أوسلو وتنفيذ مخطط الفصل العنصري.


وحسب البرغوثي فان كبار المحققين الإسرائيليين الذين تناوبوا على استجوابه في أقبية التحقيق كانوا ينتظرون أية معلومات تدين الرئيس الراحل ياسر عرفات معتبرين ذلك حسب أقوالهم جوهر التحقيق وخاصة علاقته بكتائب شهداء الأقصى…


كان رد البرغوثي حاسماً وقاطعاً في التعامل مع المحققين حيث رفض التجاوب معهم والتعاطي مع اتهاماتهم التي اعتبرها باطلة وان اعتقاله غير شرعي وغير قانوني وكان يفضل الموت على التجاوب مع سياسة وأساليب المحققين.


وقد استخدمت أساليب تعذيب قاسية واهانات مذلة بحق البرغوثي طوال مائة يوم من التحقيق وخاصة حرمانه من النوم والضغوطات النفسية والشبح والتحقير والعزل الانفرادي…


ويقول مروان بهذا الصدد ((يبدو جلياً ان هذه الأساليب الإحباطية والنفسية والمصحوبة بالنزعة العنصرية والغرور وتشويه الحقائق والتاريخ كانت تستهدف مني اعترافاً على ياسر عرفات الرأس المطلوب واقراراً مني بفشل الانتفاضة والمقاومة وعدم جدواها…)).


كان هم حكومة شارون حينها أن تجد مبرراً ودلائل تعزز مصداقية حربها العسكرية وإعادة احتلالها لمناطق السلطة الفلسطينية وإعلان أن الرئيس عرفات (لا شريك) وليس ذي صلة وأنه لا يريد السلام…


اعتقد الإسرائيليون أن مروان البرغوثي هو الدليل والشاهد الذي يوصلهم إلى هذه الغاية ولكنهم فشلوا أمام صمود مروان ورفضه لكل هذه الادعاءات.


وقد تبين أهداف المحققين مع البرغوثي من خلال أقوالهم أن رئيس الحكومة شارون ورئيس الشاباك ووزير الدفاع يتابعون أولاً بأول مجريات التحقيق مع البرغوثي وأنهم غاضبون لأن مروان يرفض الحديث وهذا سيدفعه ثمناً غالياً.


وهدد المحققون مروان بأنهم سيجعلونه يفقد السيطرة على نفسه وعلى عقله وأنه سيقضي طوال حياته بالسجن…


يقول مروان البرغوثي:(أقطع يدي ولا اكتب اعترافاً، واني اعتبرت نفسي في مهمة نضالية استشهادية وأنني أمثل الشعب الفلسطيني وانتفاضته المباركة ومقاومته الباسلة وإذا كان الجلاد يملك من أدوات القتل والتعذيب والقهر الكثير وأنا منفرد وأسير مقيد لا أملك سوى إرادة المقاومة والإيمان المطلق بعدالة قضية شعبي وإذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي فسأدفع هذا الثمن).


أن اعتقال البرغوثي جاء ضمن مخطط بدأ فيه جيش الاحتلال عمليات السطو المسلح في الضفة الغربية والحصار والعدوان ليرتكب خلاله سلسلة من المجازر في جنين ونابلس ورام الله ويحاصر المقاطعة وكنيسة المهد وأن اعتقال البرغوثي اعتبرته حكومة إسرائيل صيداً ثميناً كفيلاً بإنهاء الانتفاضة وضرب معنويات الشعب الفلسطيني.


شارون قال حينها: (أنه يؤسفه إلقاء القبض على البرغوثي حيا وكان يتمنى أن يكون رماداً في جرّة).


أما الياكيم روبنشتاين المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت فقد قال: (أن البرغوثي مهندس إرهابي من الدرجة الأولى وقد راجعت ملفاته طوال ثلاثين عاماً ووجدت أنه من النوع الذي لا يتراجع ولذلك يجب أن يحاكم بلا رحمة وأن يبقى في السجن حتى موته).


أما وزير الدفاع موفاز فقد قال: (ان اعتقال البرغوثي هو هدية جيش الدفاع للشعب الإسرائيلي في عيد الاستقلال).


والبرغوثي أوضح أن هذا الحقد من وراء اعتقاله برز من خلال إصرارهم على معرفة العلاقة بالرئيس ياسر عرفات مدعين أن لديهم معلومات تفيد أن البرغوثي مكلف بقيادة الانتفاضة وأن عرفات زوده بالمال والسلاح.


وقد حاول المحققون إغراء مروان بأن التعاون في هذا الملف سيساعد كثيراً في إغلاق الملف.


يقول مروان بهذا الصدد: (إن التحقيق حول علاقتي بأبي عمار أخذ عدة أسابيع من جولات التحقيق مورست عليّ فيه ألوان لا تحصى من الضغط والتعذيب..).


محاكمة دولة الاحتلال:


لقد تحولت محاكمة البرغوثي إلى محاكمة دولة الاحتلال مستقطباً مروان الأوساط الدولية السياسية والقانونية والإعلامية وقد أعلن في المحكمة عدم اعترافه بصلاحية إسرائيل في اعتقاله واختطافه وأن التحقيق معه ومحاكمته جريمة من جرائم الحرب وأن الاحتلال هو أعلى مراحل الإرهاب…


وكانت حكومة إسرائيل قد وجهت لائحة اتهام سياسية لمروان تهدف إلى محاكمة القيادة الفلسطينية ورموزها وأساليب كفاحها أمام القضاء الإسرائيلي من منطلق تشويه هذا الكفاح ووصفه بالإرهاب.


منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها البرغوثي في قاعة المحكمة وأمام الحشد الإعلامي الهائل رافعاً يديه المقيدتين والتلويح بقبضة واحدة باليدين صارخاً الاحتلال إلى زوال… الانتفاضة ستنتصر… تحول البرغوثي إلى رمز وطني عالمي وإنساني ورقماً سياسياً هاماً في الدفاع عن حقوق شعبه المشروعة…


ان 10 سنوات من اعتقال البرغوثي لم تنجح خلالها حكومة إسرائيل من كسر الإرادة الفكرية والسياسية له… وأن الإسرائيليين بدأوا يدركون أن هذا الرجل المحبوب من شعبه ومن كل الأحرار في العالم قد نجح في تعرية الاحتلال وممارساته وأنه يشكل لهم إحراجا دائماً أمام المجتمع الدولي خاصة أنه يطالب بالسلام القائم على إنهاء الاحتلال وأن السلام والاحتلال لا يتعايشان.


معجزة مروان انه استطاع أن يخترق المجتمع الإسرائيلي الذي بدأ يصدق مروان ولا يصدق حكومته ومبرراتها وادعاءاتها مما دفع أوساطاً رسمية في حكومة إسرائيل للبدء بإعادة النظر في اعتقال مروان البرغوثي والمطالبة بإطلاق سراحه..


احدث استطلاعات الرأي في إسرائيل أشارت أن 71% من الإسرائيليين يؤيدون إطلاق سراح البرغوثي.


الخطاب السياسي للبرغوثي:


من يتابع التصريحات والمقابلات الصحفية المختلفة وما صدر عن مروان البرغوثي طوال 10سنوات من اعتقاله يكتشف معالم الخطاب السياسي لمروان البرغوثي في مسائل عديدة وكثيرة نبرز أهمها:


أولاً: المقاومة والمفاوضات…


يرفض البرغوثي الارتهان إلى شكل وحيد من النضال، مؤكداً التمسك بإستراتيجية العمل السياسي والدبلوماسي والتفاوضي إلى جانب المقاومة المشروعة التي كفلتها المواثيق الدولية والشرائع السماوية، ويقول مروان أن هذا الخيار سيبقى رئيسياً وأساسياً لدى حركة فتح طالما بقي الاحتلال.


ويوضح البرغوثي أن الهدف الوحيد للمفاوضات يجب أن يكون ترتيب الانسحاب الإسرائيلي الشامل من الأراضي المحتلة عام 1967 ولا معنى للتفاوض تحت وطأة الاستيطان والعدوان والاعتقالات وبناء الجدار والحواجز العسكرية وغيرها…


ويرى البرغوثي أن المفاوضات واللقاءات الجارية منذ ثلاث سنوات ما هي إلا رماد في العيون ولتضليل الأسرة الدولية، بل ان إسرائيل تستغل هذه المفاوضات لتكريس الاحتلال ولفرض حل من جانب واحد على الشعب الفلسطيني…


وفلسفة البرغوثي في هذا الجانب تستند حسب قوله بأننا نعمل من أجل السلام ونقاتل ونناضل من أجل السلام ولكن السلام الذي ينهي الاحتلال والاستيطان ويتيح لنا إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة مستقلة ديمقراطية عاصمتها القدس الشريف ويحقق حق العودة للاجئين طبقاً لقرار الشرعية الدولية…


ثانياً: التسوية السياسية…


ان مفتاح حل الصراع حسب مروان البرغوثي يتمثل في إنهاء الاحتلال كلياً عن الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين في العودة وفق قرار 194 والإفراج الشامل عن جميع الأسرى الفلسطينيين والعرب.


ويعتقد البرغوثي أن حكومة إسرائيل لم تأخذ بعد قراراً استراتيجياً بالسلام وإنهاء الاحتلال، وأن إسرائيل غير جادة في المفاوضات وأن السلام لا يستوي مع الاستيطان والاغتيالات والاعتقالات والتجويع والحصار.


ويقول البرغوثي أن المفاوضات لن تثمر ما لم تتخذ حكومة إسرائيل قراراً بإنهاء احتلالها للشعب الفلسطيني.


وحذر البرغوثي من العودة إلى الاتفاقيات الجزئية وتكرار التجربة السابقة وأكد رفضه لما يسمى الدولة ذات الحدود المؤقتة وطالب المفاوض الفلسطيني انجاز اتفاق شامل غير منقوص وعدم تأجيل أية قضايا والتمسك بثوابت الموقف الفلسطيني المجمع عليه، واعتبر البرغوثي أن اليوم الأخير في عمر الاحتلال هو اليوم الأول للسلام في المنطقة.


وقال مروان أن المشكلة ليست في أن يكون هناك نيلسون مانديلا فلسطيني بل المشكلة في إسرائيل أنه ليس هناك “دي كليرك” حتى الآن الذي كان له الشجاعة لإنهاء نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا والتسليم بحق الغالبية السوداء في قيادة البلاد.


ويعتبر البرغوثي أنه لم يعد هناك حاجة للمفاوضات بل هناك حاجة لاتخاذ القرارات من الجانب الإسرائيلي على وجه التحديد، وهم يستخدمون المفاوضات للتهرب من الاستحقاقات وليس كأداة للتوصل لسلام حقيقي.


ثالثا: استراتيجية فلسطينية جديدة


دعا مروان البرغوثي في كلمته التي ألقيت نيابة عنه في الذكرى العاشرة لاعتقاله الى تصعيد المقاومة الشعبية والسلمية ضد الاحتلال والى مقاطعة دولة اسرائيل بسبب عدم التزامها بالشرعية الدولية واستمرار ممارساتها الاستيطانية والعدوانية على الشعب الفلسطيني.


خطاب مروان لقي اصداءا واسعة، وأثار غضبا لدى قادة الاحتلال الذين سارعوا بعزله لمدة 3 أسابيع وحرمانه من زيارة ذويه ومحاميه، حيث اعتبر الإسرائيليون أن مروان البرغوثي يدعو الى انتفاضة جديدة، وأنه يرسم لإستراتيجية وطنية فلسطينية تتجه نحو العصيان المدني على مؤسسة الاحتلال.


والرؤية التي طرحها مروان تخيف اسرائيل لأنها تشكل بداية شق مسار جديد في المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل بهدف عزلها دوليا وهو ما تعتبره اسرائيل خطرا داهما عليها.


وأشارت صحيفة هآرتس الاسرائيلية أن مروان البرغوثي يعتبر من أكثر الزعماء الفلسطينيين مصداقية ويمكنه قيادة شعبه، وأن دعوته الجديدة هي صحوة سلمية تشمل العصيان المدني على دولة اسرائيل، وأن دعوته سببت قلقا أخلاقيا وسياسيا لدولة اسرائيل.


رابعا: الوحدة الوطنية الفلسطينية…


أدان مروان وبشدة وألم انقلاب حماس العسكري في قطاع غزة وما صحبه من أعمال دامية وانقسام خطير على الصعيد السياسي والجغرافي واعتبر الانقلاب ضربة شديدة للتجربة الديمقراطية وللنظام السياسي ولوثيقة الأسرى التي على أساسها أقيمت حكومة الوحدة الوطنية، وهي أول حكومة وحدة وطنية في التاريخ الفلسطيني معتبراً ذلك خطأ استراتيجي على حماس مراجعته قبل فوات الأوان.


ورحب البرغوثي باتفاق الدوحة وبضرورة الإسراع في تنفيذه لطي صفحة الانقسام.


البرغوثي دائماً يؤكد على أهمية الوحدة الوطنية وأنه لا خيار أمام الفلسطينيين إلا الوحدة على أساس ديمقراطي والعمل المشترك وترسيخ مبدأ الشراكة ورفض سياسة الإقصاء والتفرد.


ويرى مروان أن من يريد أن يواجه الاستيطان والاحتلال ويسير بالشعب الفلسطيني نحو الحرية والعودة والاستقلال لا يستطيع تحقيق ذلك بدون الوحدة الوطنية فهي سياج الثوابت الوطنية وهي سياج المقاومة وهي في الحالة الفلسطينية ضرورة كما الماء والهواء للإنسان.


ويقول مروان ان المستفيد الوحيد من حالة الانقسام هم أعداء شعبنا.


خامساً: أسرى الحرب…


قضية الأسرى هي الهاجس الدائم عند مروان البرغوثي، ويركز مروان على أهمية العمل على تجاوز تجربة إعلان المبادئ في أوسلو الذي لم يأت ولو بجملة واحدة على قضية الأسرى وتم تجاهلهم تماماً، كما ان الاتفاقيات اللاحقة مثل اتفاق القاهرة وطابا وواي ريفير عجزت عن الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين.


ويطالب مروان السلطة الفلسطينية العمل على إجبار إسرائيل الاعتراف بالأسرى كأسرى حرب أو مقاتلين من أجل الحرية كما هو الحال في تجارب العالم ووفق الاتفاقيات الدولية.


ويرفض مروان أن يبقى الأسرى رهينة للاشتراطات الإسرائيلية العنصرية ويبقى القرار بأيديهم بما يتعلق بالإفراج عنهم.


ويعتبر مروان أن الأسرى هم موضع إجماع للشعب الفلسطيني ناضلوا وقاتلوا من أجل وطنهم وشعبهم وقضيتهم ومن واجب شعبهم وسلطتهم وفصائلهم وقياداتهم تحريرهم.


ويرى أن أي اتفاق سيتم التوقيع عليه لا يشمل الإفراج الشامل عن كافة الأسرى والمعتقلين لن يكون مقبولاً أو مشروعاً ولن يكتب له النجاح.


وفي كافة رسائله يركز مروان على أولوية الإفراج عن الأسرى القدامى الذي يقضون أكثر من عشرين عاماً إضافة إلى النساء والأطفال والمرضى.


ويذكر مروان كيف يتعرض الأسرى الفلسطينيون والعرب في السجون الإسرائيلية إلى سلسلة من إجراءات القهر والاضطهاد والإذلال وترفض حكومات إسرائيل الاعتراف بهم كأسرى حرب ومقاتلين من أجل الحرية وأعضاء في حركة التحرر الوطني، وتصر حكومة إسرائيل على تقديم الأسرى لمحاكم عسكرية جائرة وباطلة وظالمة وهي محاكم ناطقة باسم الاحتلال وأجهزته الأمنية.


ويرفض مروان بشدة الموقف الإسرائيلي التعاطي مع الأسرى كمجرمين وإرهابيين لأن الأسرى هم مناضلون من أجل السلام والحرية ومفتاح السلام هو إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.


ويشرح مروان عن واقع الأسرى الذين لا يحظون بشروط حياة إنسانية، من إهمال طبي، وتعذيب، وعزل انفرادي، وحرمان من الزيارات…


الحرية الفردية لا تعني شيئاً لمروان البرغوثي، فالحرية الحقيقة بالنسبة له هي في حرية شعبه ووطنه، هو متفائل دائماً أن زوال الاحتلال قريب.


سادساً: رؤية بنائية…


المتابع لكتابات ورسائل مروان البرغوثي يجد أن له رؤية بنائية واضحة حول بناء المستقبل الفلسطيني وبناء الدولة الفلسطينية وحول آليات الوصول إليها، وهذه الرؤية ذات الأبعاد الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية تستند إلى مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وسيادة القانون واحترام الحريات العامة والفردية، واحترام التعددية السياسية وحمايتها واحترام حرية العقيدة والتفكير والرأي والتعبير واحترام حقوق المرأة بشكل فعال وحقيقي.


ويتطلع مروان إلى دولة يكون فيها للقضاء دوراً حاسماً لإحقاق الحقوق والدفاع عن قضايا الناس.


ويركز كثيراً على نبذ العنف واستخدام السلاح والقوة في حل الخلافات الداخلية وعدم تغليب المصالح الحزبية على المصالح الوطنية.


وحول الوضع الاقتصادي يرى البرغوثي أنه لا يمكن نجاح أي خطة تنموية في ظل استمرار الاحتلال وفي تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وانتشار مئات الحواجز واستمرار سياسة الاستيطان ونهب الأراضي وعزل مدينة القدس وتجويع قطاع غزة ومحاصرته ويقول أنه يجب تحرير الاقتصاد الفلسطيني من تبعية الاقتصاد الإسرائيلي.


البرغوثي من أكثر المنادين الى الإصلاح الإداري والمالي والأمني والاقتصادي، ويدعو إلى فتح ملفات الفساد وإحالة المتهمين للقضاء وتعزيز روح المواطنة واحترام القانون وحقوق الإنسان.

شاهد أيضاً

غسان جابر

قرار المحكمة الجنائية الدولية: انتصار للعدالة أم خطوة رمزية؟ بقلم : م. غسان جابر

قرار المحكمة الجنائية الدولية: انتصار للعدالة أم خطوة رمزية؟ بقلم : م. غسان جابر بعد …