ما بين غزة ورام الله وبيروت ، العِرقبادة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، بقلم : د. مكرم خوري – مخول
اغتيال الحركة الصهيونية العالمية المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، في بيروت لثلاثة رفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في إطار العِرقبادة (الإبادة الجماعية والتطهير العرقي) التي يقترفها في فلسطين (غزة، قطاع غزة والضفة الغربية) ولبنان (حاليا….؟) فجر 30.09.2024 في قصف الاحتلال لشقة سكنية بمنطقة الكولا وسط بيروت، وهم: الشهيد القائد نضال عبد العال عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤول الدائرة العسكرية الأمنية – الشهيد القائد عماد عودة عضو الدائرة العسكرية للجبهة وقائدها العسكري في لبنان والشهيد عبد الرحمن عبد العال،
هو إثبات للعرب والعالم أن احتلال سفحياهو الذي يُحرض مُدعيا أن حربه ضد “الإسلام الشيعي” أو “التطرف الإسلامي” “أو محور الشر المتدين بقيادة إيران” هو كذب من ثلاجة جرائم نتنياهو واحتيال آخر، يخرج من فرن القتل المشتعل الذي يُشغّله؛ ومن واجب كل من يتعامل في الدفاع الإعلامي عن فلسطين ومسانديها أن يبرزها للجميع.
لأن الاحتلال (ورغم تسويقه للإسلاموفوبيا أو الفلسطينوفوبيا أو العربوفوبيا) يريد أن يقتل كل مقاومٍ كان: ماركسي أو متدين؛ علماني أو مؤمن؛ مسيحي أو مسلم؛ شيعي وكاثوليكي وسني وأرثوذكسي.
لأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، (وهي فصيل علماني يساري ماركسي كان الفصيل الثاني بحجمه بعد حركة “فتح” في منظمة التحرير الفلسطينية وهي اليوم الحركة الثالثة فلسطينياً في غزة بعد حماس والجهاد، وهي جزء من المقاومة، والآن غير ممثلة في اللجنة التنفيذية لـ. م. ت. ف) والتي تأسست على يد الراحل “الحكيم” الدكتور جورج حبش (العربي الماركسي القومي الفلسطيني اللداوي المسيحي الأورثوذكسي) ومجموعة من رفاقه، ليست حركة إسلامية ولا دينية.
فمن جميع فصائل منظمة التحرير، بقيت الجبهة الشعبية الفصيل المقاوم الأبرز بالسلاح أيضا، وعليه فقد اقترف الاحتلال اغتيال الأديب غسان كنفاني رئيس تحرير مجلة “الهدف” الناطقة بلسانها في مكتبه في بيروت عام 1972 وبعدها بأسبوعين حاول اغتيال نائب غسان كنفاني، المناضل المخضرم بسام أبو شريف الذي تشوه نتيجة إرسال الموساد إلى مكتب “الهدف” كتاب عن “تشي غيفارا” محشو بالقنابل انفجرت بوجهه؛ كذلك اغتيال أمينها العام الشهيد الراحل أبو علي مصطفى في الانتفاضة الثانية التي انطلقت من القدس في أيلول 2000 في مكتبه في رام الله المحتلة عام 2001، كما اعتقل (بعد أن ثأرت الجبهة الشعبية من اغتيال أبو علي مصطفى واغتالت في عملية معقدة الوزير الصهيوني اليميني المتطرف رحبعام زئيفي) أمينها العام الحالي السجين السياسي القائد أحمد سعدات – أبو غسان (ومؤخرا اعتقل زوجته الرفيقة عبلة – أم غسان في رام الله).
إن اغتيال ثلاثة من الجبهة الشعبية فجر اليوم، إثنين منهم من قيادة الصف الأول هو استمرار لنهج الاغتيالات في قطاع غزة والضاحية في بيروت واستمرار لاستهداف رفاق في الجبهة الشعبية في الضفة الغربية: فمنهم من تم سجنه ومنهم من تم قتله ومنهم من تم التنكيل به وبمؤسساته وبشكل نمطي من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
فإضافة إلى أن الحركة الصهيونية تريد الفلسطيني: إما ١. لاجئا أو ٢. جثة هامدة ممثل بها أو ٣. عبدا مطيعا لها، فهي لا تريد أن تظهر حركات مقاومة، غير دينية لكي لا تكتسح هذه الحركات التي لها علاقات عالمية متشعبة مع اليسار العالمي فضاءات متزايدة من التضامن مع فلسطين.
وتبقى إحدى المتاعب التي تؤرق الاحتلال هو المقاومة الفلسطينية، غير المتدينة ولذلك تحاول تصفيتها لكي “يسهل” (هكذا يظن الاحتلال) ومقاومة دول عربية غير متدينة مثل سورية تقاتل الاحتلال. كما يغيظ الاحتلال التضامن العربي المسيحي مع المقاومة على أصعدة متعددة: من الديني وإلى السياسي!