الأموال الفلسطينية المسروقة ، كيف تتحدى السلطة الفلسطينية بريطانيا للاستحواذ على ثروة الشعب ، بقلم : م. غسان جابر
منذ انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في العام 1948، تحتفظ الحكومة البريطانية بأرصدة مالية ضخمة تعود ملكيتها للشعب الفلسطيني.
هذه الأموال، المقدرة بنحو 80 مليار دولار بالأسعار الحالية، تم تجميدها من قبل السلطات البريطانية قبيل انسحابها من فلسطين. الآن، وبعد قرار مجلس العموم البريطاني بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، تواجه السلطة الفلسطينية تحديًا قانونيًا وسياسيًا كبيرًا للمطالبة باسترداد هذه الأموال المهمة لتنمية اقتصادها المنهك.
بحسب المحامي الخبير في القانون الدولي محمد الصبيحي، فإن صك الانتداب البريطاني على فلسطين منح لندن السيطرة الكاملة على الشؤون الإدارية والسياسية والمالية للبلاد.
وقبيل انتهاء الانتداب في 1948، قامت بريطانيا بتجميد أرصدة سلطة النقد الفلسطينية بموجب قانون “الدفاع المالي البريطاني”، ونقلت ما يعادل ألف طن من الذهب إلى لندن.
هذه الأموال التي قُدرت آنذاك بـ 138 مليون جنيه فلسطيني، تشكل اليوم ثروة هائلة تتجاوز 6 تريليونات دولار بسبب التضخم والفوائد المتراكمة.
هناك التحديات القانونية والسياسية لهذا الأمر الشائك ، حيث إن استرداد هذه الأموال الضخمة سيواجه عقبات قانونية وسياسية شرسة من جانب بريطانيا ، فبصفتها عضو دائم في مجلس الأمن، تملك بريطانيا حق الفيتو الذي قد تستخدمه لإحباط أي قرار دولي يطالب بإعادة الأموال. كما أن إعادة هذه الودائع قد تؤدي إلى كارثة مالية بالنسبة للخزينة البريطانية.
لذا وضع استراتيجيات استرداد الأموال في ظل هذه التحديات، حيث تحتاج السلطة الفلسطينية إلى اتباع استراتيجية متعددة الجوانب لاسترداد هذه الأموال المنهوبة.
أولاً، يمكن للسلطة الفلسطينية تقديم شكوى إلى مجلس الأمن للمطالبة باسترداد الأموال، بالرغم من احتمالية استخدام بريطانيا لحق الفيتو.
ثانيًا، طرح القضية على الجمعية العامة للأمم المتحدة لإضفاء الشرعية الدولية على مطالب الفلسطينيين.
ثالثًا، بناء تحالفات دولية قوية للضغط على بريطانيا سياسيًا ودبلوماسيًا وعزلها في مجلس الأمن.
رابعًا، النظر في إمكانية رفع دعاوى قضائية ضد بريطانيا أمام المحافل القانونية الدولية. خامسًا، تعبئة الرأي العام والضغط الإعلامي لتسليط الضوء على هذه القضية المهمة.
إن استرداد الأموال الفلسطينية المجمدة لدى بريطانيا منذ عقود طويلة سيكون مفصليًا لتعزيز استقلالية الاقتصاد الفلسطيني والنهوض بالتنمية. على السلطة الفلسطينية التحرك بحزم وإبداع لتحقيق هذا الهدف المشروع، متجاوزة كافة العقبات القانونية والسياسية التي ستضعها بريطانيا في طريقها. إن استرداد هذه الأموال المنهوبة سيشكل انتصارًا كبيرًا للحقوق الفلسطينية.