الصين تسعى إلى تقاسم فرص العام مع العالم بقلم : تشو شيوان
يصادف هذا العام الذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وإذا نظرنا للأمر من زوايا عدة فإن السنوات الـ75 الماضية ليست شاهدة على معجزة التنمية الاقتصادية الصينية فقط بل على المنفعة المتبادلة والفوز المشترك بين الصين ودول العالم، فما حدث في الصين من تنمية انعكس ايجاباً على جميع دول العالم دون استثناء، ولهذا يمكننا القول بأن الصين تقاسمت فرص التنمية مع العالم.
تأسست جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر عام 1949، وتطورت الصين من دولة فقيرة وضعيفة لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر دولة مصنعة، وأكبر تاجر للسلع عالمياً، وأصبحت الصين محركاً مهماً للنمو الاقتصادي العالمي خلال السنوات الأخيرة، ومنذ عام 1979 إلى عام 2023، نما اقتصاد الصين بمعدل سنوي قدره 8.9٪، وهو أعلى بكثير من متوسط معدلات نمو الاقتصاد العالمي البالغ 3.0٪ خلال نفس الفترة، كما حلت الصين مشكلة الفقر المدقع بشكل تاريخي وحققت مجتمعاً رغيداً باعتدال من جميع النواحي، وكل هذه الإنجازات كان لها انعكاساتها الداخلية وأقصد هنا تأثيراتها على حياة الشعب الصيني وكيف تغيرت طيلة هذه المدة لتصبح أفضل وأيسر، وأيضاً كان لهذا انعكاسات خارجية فحتى شعوب العالم استفادت بشكل مباشر من التنمية الصينية حيث أن الكثير من المشاريع والكثير من الحاجيات اليومية لسكان العالم صنعت في الصين، وهنا تكمن الفائدة الكبرى للتنمية الصينية التي هدفت لكسر الاحتكار الغربي وسهلت حياة الناس في جميع بقاع الأرض.
الصين في الوقت الذي عملت فيه على التنمية الذاتية من خلال الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي، ساهمت في الاستقرار والازدهار العالميين وأصبحت عاملاً مهماً لاستقرار الاقتصاد العالمي وقوة دافعة رئيسية له، من خلال دورها في مجالات سلاسل الإنتاج والتوريد والابتكار والاستثمار، ومن منظور أوسع تتجسد علاقة المنفعة المتبادلة والتقدم المشترك بين الصين والعالم أيضاً في مشاركة الصين العميقة في الحوكمة العالمية وجهودها الفعالة في بناء اقتصاد عالمي منفتح، فمذ الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997 إلى الأزمة المالية الدولية في عام 2008، ثم إلى تفشي جائحة كوفيد واشتداد الصراعات الجيوسياسية، فإن العولمة الاقتصادية قد تحركت إلى الأمام وسط تقلبات ومنعطفات كبيرة.
في الوقت الذي ازداد عجز التنمية العالمية وظهور مشاكل اقتصادية عالمية شديدة كان لا بد من حلول فعالة لحل هذه المشكلة، ولهذا ظلت الصين تدعوا إلى وضع التنمية في صدارة الأجندة الدولية، وإطلاقها مبادرة الحزام والطريق التي كانت ومازالت محركاً قوياً للتنمية العالمية، وفي قمة بكين الأخيرة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، طرحت الصين “الشراكات العشر” بين الصين وأفريقيا من أجل تعزيز عملية التحديث، في إطار جهود الصين الدؤوبة لدفع العولمة الاقتصادية باتجاه أكثر شمولا واستيعاباً مما أوجد للعالم حلاً تنموياً مستداماً وهذا ما كانت الصين تريده أن لا تتركز التنمية الاقتصادية في اقتصادات كبرى فقط بل تحث عن تقاسم الفرص الاقتصادية مع جميع دول العالم.
في النهاية يمكننا القول أنه لا يمكن فصل تنمية الصين عن العالم، ولا يمكن فصل تنمية العالم عن الصين، هذه الحقيقة البسيطة أثبتها 75 عاماً من التاريخ وسيستمر المستقبل في تأكيدها.