12:06 صباحًا / 25 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

“رياح الشمال” في مواجهة الحرب المفتوحة ، بقلم : راسم عبيدات

"رياح الشمال" في مواجهة الحرب المفتوحة ، بقلم : راسم عبيدات

“رياح الشمال” في مواجهة الحرب المفتوحة ، بقلم : راسم عبيدات

من يعتقد أن الحرب التي تشن على حزب الله اللبناني مرتبطة بموقفه العقدي والإيماني والوطني والمبدئي بالوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وفتج جبهة الإسناد الشمالية لها منذ اليوم الثاني لمعركة السابع من اكتوبر2023، فهو واهم ويعيش خارج الواقع والزمن.

فإسرائيل وأمريكا ومعها قوى الغرب الاستعماري، منذ تحرير الجنوب اللبناني في أيار 2000، وما تلا ذلك من تحقيق نصر على الجيش الإسرائيلي في تموز2006، وهذا الحلف بات ينظر إلى حزب الله على أنه القوة الرئيسية التي تشكل خطراً وجودياً على إسرائيل القاعدة المتقدمة لأمريكا في المنطقة، والحامية والمدافعة عن مصالحها في المنطقة، ولذلك بدأ وضع الخطط ورسم الاستراتيجيات لكيفية التخلص من حزب الله اللبناني، سواء عبر الضغوط والعقوبات الاقتصادية والمالية على لبنان والفراغ الأمني والسياسي، وصولاً إلى دفعه إلى متاهات الفتن والحروب الطائفية والأهلية.

وكذلك “شيطنة” الحزب ومحاصرته على الصعيد العربي والإقليمي، من خلال حلفاء أمريكا من عربان التطبيع العربي الرسمي.

إسرائيل تدرك أن الحاق هزيمة عسكرية بحزب الله بقدراتها الذاتية غير ممكن، ولذلك كانت تعمل بشكل دائم ومتواصل، لكي تكون أمريكا ودول الغرب والعديد من دول النظام الرسمي العربي حاضرة في معركة أو حرب مع محور المقاومة، وجعلته العنوان لـ” الشيطنة” والتحريض” التي تهدد الأمن والاستقرار وعروش الأنظمة العربية في المنطقة.

وشاهدنا كيف أن إسرائيل التي تبجح قادتها نتنياهو وغالانت وغانتس وبن غفير وسموتريتش، بأن إسرائيل ليست النجمة الواحدة والخمسين في العلم الأمريكي، وبأن إسرائيل قادرة لوحدها على مهاجمة إيران وإلحاق الهزيمة بها، لتأتي ليلة 14 – 15 نيسان الماضي، ليلة الرد الإيراني بالصواريخ البالستية والمسيرات على إسرائيل وعمقها وقواعدها العسكرية ومطاراتها، رداً على استهداف قنصليتها في دمشق، حيث دخلت إسرائيل في حالة هيستيريا، وطلبت من أمريكا ودول الغرب توفير الحماية لها، حيث عملت أمريكا على إقامة حلف أمريكي- غربي – عربي رسمي، يشكل درع حماية لها من صواريخ ومسيرات إيران.

وبالانتقال إلى خطط وبرامج واستراتيجيات القضاء على حزب الله، وتدمير قدراته العسكرية والتسليحية وإخضاعه، وتحويله إلى قوة هامشية، ليس فقط لبنانياً، بل على المستوى الإقليمي، وجدنا أن إخراج مخطط إسقاط حزب الله بالضربة القاضية، قد نقل إلى العلن في 17 و 18 من الشهر الحالي، حيث قامت أمريكا التي تمتلك الإمكانيات التقنية والعسكرية والتجسسية والتكنولوجية العالية، بالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي، بتفخيخ أجهزة النداء “بيجرز”، التي يستخدمها العاملون في المؤسسات المدنية للحزب والمشافي، والمدارس، والمجمعات التجارية والشركات وغيرها، بالإضافة إلى أفراد من الحزب.

عملية التفخيخ والتي نتجت عنها عشرات الشهداء وما يقارب من 3000 جريح، على مدار يومين، كانت تستهدف توجيه ضربة قاضية لحزب الله وإسقاطه.

ولم يستفق الحزب من هذا الخرق الأمني الواسع، حتى أقدمت أمريكا عبر طائرات “أف 15 ” وطائرات” أف35″، تحت اسم إسرائيل، بتوجيه ضربة للحزب باغتيال مجموعة من قادة الرضوان وفي مقدمتهم القائدان إبراهيم عقيل قائد وحدة الرضوان ومؤسسها ورفيقه أحمد وهبي، ولذلك كان الهدف ضرب البيئة الحاضنة للحزب وبنيته العسكرية والقيادية، من أجل خلق حالة من الفوضى والإرباك، وعدم القدرة على التحكم والسيطرة على المستوى القيادي، وكذلك وقف عملية الاتصال والتنسيق بين أذرع الحزب.

وقد سبق ذلك ضربة أخرى في أواخر تموز الماضي بإغتيال القائد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية من بيروت.

نتنياهو وجنرالاته والذين يركزون على الإبهار الأمني وتحقيق الإنجازات التكتيكية، المعتمدة على الاغتيالات والمجازر واستهداف المدنيين والبنى والمؤسسات المدنية، أعلنوا نقل المعركة من قطاع غزة بثقلها إلى جبهة الشمال، من أجل إعادة مهجري مستوطنات الشمال، وفك العلاقة بين جبهة الإسناد اللبنانية مع جبهة قطاع غزة، وقال بأنه ذاهب لتغيير وجه الشرق الأوسط وتغيير الوضع الأمني والعسكري على الجبهة الشمالية، وإبعاد حزب الله لمسافة 22 كم شمال الليطاني.

نصرالله ونائبه نعيم قاسم قالا بشكل واضح، رغم كل الضربات التي تلقاها الحزب وبيئته الحاضنة وبنيته العسكرية، لا فك للعلاقة مع جبهة قطاع غزة، ولا عودة للمستوطنين إلى مستوطناتهم سوى باتفاق سياسي، وبعد وقف العدوان على قطاع غزة، وهذه الضربات لم ولن تسقط حزب الله، ولن تثنه عن القيام بدوره الجهادي، ونائبه قاسم قال “نحن دخلنا مرحلة الحرب المفتوحة والتدرج الاستراتيجي، ورد حزب الله على اغتيال القائد فؤاد شكر بعملية الأربعين التي استهدفت منشأة استراتيجية للاستخبارات العسكرية، الوحدة (8200) وحدة التجسس والاغتيالات والتصفيات.

هذه الضربة وجهت لطمة قوية لنتنياهو ولحكومته، وقالت له بشكل واضح إن الحزب مصمم ومصر على السير في نهجه وخياره حتى يتحقق الهدف من العملية الإسنادية، ونتنياهو الذي خرج إلى العملية العسكرية الواسعة في الشمال، التصعيد الناري، وشن أكثر من 1400 غارة جوية عشوائية بحق المدنيين وممتلكاتهم وكل البنى المدنية في الجنوب والبقاع وبعلبك والشمال اللبناني، تلك الغارات التي خلفت أكثر من 2500 شهيد وجريح، ليس فقط محصورة أهدافها في إعادة مهجري مستوطنات الشمال وفك العلاقة بين جبهتي لبنان وقطاع غزة، واستعادة أسراه في قطاع غزة، بل هناك أهداف استراتيجية كبرى لأمريكا وإسرائيل، تتجاوز ذلك بكثير، أهداف تتعلق بالمصالح الاستراتيجية لأمريكا في المنطقة، وجودها العسكري والأمني والاستخباري في العراق، قواعدها العسكرية الاحتلالية في الشرق السوري، التي تنهب النفط والغاز السوري والثروات السورية، ومنع تشكل النظام العالمي الجديد وتقدم روسيا والصين لملء الفراغ في المنطقة.

ولذلك الخطة الأمريكية – الإسرائيلية التي تحدث عنها بايدن الوصول إلى تعادل التهجير المتبادل، بما يسمح بعودة مهجري مستوطنات الشمال، والذين هم معضلة اقتصادية واجتماعية لإسرائيل، مقابل عودة مهجري الجنوب، والذين يقفون خلف المقاومة ولا يصرخون ويتذمرون.

ولذلك هذه العملية” رياح الشمال”، تريد تحويل قضية تهجير سكان قرى وبلدات الجنوب اللبناني ليس فقط من بيئة المقاومة، بل ومن السكان العاديين، حتى تصبح قضية المهجرين قضية وطنية، فوق طاقة الحزب لجهة الاستيعاب والإيواء وتغطية التكاليف، لكي تمارس الدولة اللبنانية الضغوط على حزب الله لوقف جبهة الإسناد وفك العلاقة مع جبهة قطاع غزة.

والحزب الذي قال غالانت متبجحاً بأنه قضى على نصف قدراته الصاروخية وهاجم مئات الأهداف للحزب، وبأن نصر الله بقي وحيداً، أطلق دفعات جديدة من صواريخ أحدث من الصواريخ التي أطلقها على القواعد العسكرية ومجمعات الصناعات العسكرية “رامات ديفيد” ومصانع “رفائيل العسكرية الإكترونية” ومديات أوسع ولكن باستهداف للقواعد والمنشآت العسكرية والجوية، حيث طالت صواريخ المستوطنات في الضفة الغربية وقاعدة عسكرية في مجدو ووصلت إلى الناصرة والعفولة وعكا، موجهة رسائل واضحة لنتنياهو، بأن نشوة الانتصارات التكتيكية والإبهار الأمني، لن تعيد مهجري مستوطنات الشمال، بل تزيد من أعداد المهجرين، وستفاقم من أزمة نتنياهو الاقتصادية، وستشل جبهته الداخلية ومطاراته وموانئه بشكل كبير.

نتنياهو الذي يلتف حوله الجنرالات وبعد أن تتوسع الحرب ويغرق في مستنقع حرب استنزافية طويلة لا يريدها، وبعد تعمق أزماته الاقتصادية وزيادة أعداد المهجرين، وعدم القدرة على تحقيق ما وعد به المستوطنين، ستعود الخلافات بين المؤسستين العسكرية والأمنية مع المؤسسة السياسية إلى التفجر من جديد، وهذا سيترافق مع ضغط داخلي وضغوط دولية.

هي حرب حتى اللحظة يمكن توصيفها بأنها بالحرب المفتوحة سقوفها زمنياً ومفتوحة على كل الاحتمالات، ولكنها ليست الحرب الكبرى التي تسقط فيها كل السقوف والضوابط والخطوط الحمراء.

الردود التي يقوم بها حزب الله باستهداف المنشآت الاستراتيجية عسكرية وأمنية واستخبارية في “العمق الإسرائيلي” ، وخاصة حيفا ومحيطها، تفتح الطريق نحو المزيد من التهجير، وإقامة توازن أشد قوة في التهجير نفسه، لكنه تهجير يحمل عنواناً سياسياً يدفع قيادة إسرائيل نحو أحد ثلاثة أبواب، قصف العمق اللبناني، وتلقي الرد المماثل بما يتضمن من مفاجآت، أو تفعيل الجبهة البريّة واكتشاف ما ينتظر جيش الاحتلال عندها، أو العودة إلى المربع الأول المتمثل باتفاق حول غزة يُنهي الحرب حتى يتوقف إطلاق النار على جبهة لبنان ويعود المهجّرون.

شاهد أيضاً

إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنين

إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنين

شفا – أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، في بلدة الفندقومية جنوب …