فلسطين ولبنان نفس الجرح والمعاناة ، بقلم : محمود جودت محمود قبها
أخبِروا زيتون فلسطين أن أرز لبنان يعانقه وأخبِروه أننا باقون شامخين شموخ الأرز ثابتين كما هي جذور الزيتون التي تتشبث بأرضنا إن المعاناة التي تعيشها فلسطين منذ عقود تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي ليست قصة شعب وحده بل هي مرآة تعكس ذات الجرح الذي ينزف في لبنان إذ تتلاقى أرواح الشعبين في درب الألم والتضحية وتتشابك أياديهما في مواجهة عدوانٍ لا يرحم يغتال الأرض والإنسان معاً.
في فلسطين تزداد المعاناة يوماً بعد يوم، إذ يعاني الشعب من تدمير البيوت اجتياح القرى قتل الأطفال واعتقال الأحرار يُحرم الفلسطينيون من حقهم في العيش بأمان وسلام على أرضهم التي احتلتها القوات الإسرائيلية ورغم الصمود الأسطوري الذي يظهره الفلسطينيون إلا أن الهجمات لا تعرف التوقف كأنما قدَرهم أن يبقوا في نفقٍ مظلم لا نهاية له هذا الاحتلال الذي يسعى إلى قمع أي صوت يطالب بالحرية يشكّل أكبر تحدٍّ أمام أي محاولة لتحقيق سلام عادل.
وفي لبنان القصة ليست ببعيدة عن هذه المأساة الاعتداءات المتكررة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على لبنان تظل شاهداً حياً على الظلم والعدوان الذي لا حدود له إن الشعب اللبناني الذي تحمّل على مر السنين جراح الحرب والاحتلال يعيش اليوم نفس الألم مع شعب فلسطين القصف التدمير والاعتداءات العسكرية المستمرة لا تهدف سوى لزرع الرعب وتفكيك الروابط الإنسانية التي تبنيها الشعوب إلا أن الشعب اللبناني كالشعب الفلسطيني يثبت يوماً بعد يوم أن جذوره أعمق من أن تُقتلع وأن إرادته في الحياة والسلام أقوى من أي آلة حرب.
وفي وسط هذه المعاناة لا يمكن تجاهل دور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في محاولاته المستمرة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين فمنذ توليه الرئاسة كرّس أبو مازن جهوده السياسية والدبلوماسية لرفع صوت الشعب الفلسطيني في المنابر الدولية ولم يتوقف عن مطالبة العالم بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة ونتيجة لهذه الجهود الدبلوماسية الحثيثة اعترفت أكثر من 140 دولة حول العالم بدولة فلسطين وهو إنجاز كبير في مسار القضية الفلسطينية نحو تحقيق حلم الدولة المستقلة.
رغم هذه الانتصارات الدبلوماسية يظل التحدي الأكبر هو تحويل هذا الاعتراف الدولي إلى واقع ملموس على الأرض بعيداً عن العنف والدمار إن الانتصاراتُ الحقيقيةُ والدائمةُ هي انتصاراتُ السلامِ وليست انتصاراتُ الحروبِ فالحرب لا تجلب سوى المزيد من الدماء والمزيد من الدمار السلام وحده هو السبيل لتحقيق الأمان والكرامة للشعبين فما الفائدة من الحروب التي تُحرق الأخضر واليابس إن كان الهدف المنشود هو حياة حرة وكريمة إننا حين نقول إن السلام هو الانتصار الحقيقي فإننا نؤكد أن هذا الانتصار لا يتحقق إلا حين يعترف العالم بأسره بحقوق الشعبين الفلسطيني واللبناني في العيش بكرامة على أرضهم بلا خوف من قنابل أو دبابات بل بالأمل في غدٍ أفضل.
في النهاية تبقى رسالة فلسطين ولبنان واحدة أن الحق لا يُسلب بالقوة وأن الأرض التي روتها دماء الشهداء ستظل صامدة تنتظر شروق شمس الحرية نريد سلامًا حقيقيًا نريد أمانًا دائمًا ونريد حرية تمنح الإنسان حقه الطبيعي في الحياة.
باحث في درجة دكتوراه العلوم السياسية