8:22 مساءً / 18 سبتمبر، 2024
آخر الاخبار

حال الناس (2) بقلم : د. غسان عبد الله

غسان عبدالله

حال الناس (2) بقلم : د. غسان عبد الله


طوال الصراع العربي الاسرائيلي، يرى المتتبع لمسلسل المفاوضات العقيمة ، أنه لم تسجّل حالة انجاز واحدة رشحت عن هذه المفاوضات، سواء الرسمية منها أو تلك التي جاءت عبر مبادرات حزبية أو شخصية.


هناك سمات عديدة لهذا المسلسل المقيت ، الذي يمكن ادراجه فنيا تحت تصنيف عمل ( open-end ) ،كونه يعتمد على الابتزاز المتواصل ومطالبتنا بدوام تقديم التنازلات عن حقوقنا وثوابتنا ، مما فتح شهية الطرف الاّخر للمطالبة بتغيير بعض الأمور الممنوع الاقتراب منها ،وبشرط على طبق من فضة، من باب اظهار حسن النوايا ، سيرا نحو منعنا من تجسيد حلمنا الوطني المتمثل في الحق بتقرير المصير وانجاز الهدف الوطني المتمثل في اقامة الدولة العتيدة.


من هنا جاءت حملة المطالبة بتغيير المناهج الفلسطينية ، حيث انتبهنا الى المصائد الخفيّة وراء ذلك ، فقمنا ومن خلال عقد يوم دراسي مطوّل بتاريخ 29/6/2000 / قاعة بلدية البيرة ،حضره لفيف من المؤسسات الرسمية التربوية والأهلية ، تناولنا فيه : مناهجنا في عيونهم من خلال استعراض ما كتبه موشيه ايلان ( مدير مركز المناهج الاسرائيلية في وزارة التربية والثقافة والرياضة في حينه)،وتقرير مركز قياس تأثير السلام ،الذي تم انشاءه خصيصا كمنظمة اسرائيلية مختصة بهذا الشـأن،يديرها مجموعة من اليمين الاسرائيلي ،والذي اعتمد التلمود أساسا لدراسة وتقييم المناهج الفلسطينية ، كما تم طرح شخصية الفلسطيني في الأدب العبري .

للمزيد يمكنك مراجعة : المناهج التربوية التعليمية الفلسطينية والاسرائيلية ، مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE ، 1992.


تبع ذلك اصدار العديد من الدراسات الاسرائيلة حول موضوع المناهج هذه ، منها على سبيل المثال لا الحصر : صورة العرب والاسلام في الكتب المدرسية الاسرائيلية من اعداد د. دان بيتنان – معهد ترومان للأبحاث / القدس.


في 10/9/1992 تم لفت دائرة التعليم في منظمة التحرير الفلسطينية ( مكتب عمّان ) الى خطورة ما يتم الاعداد له لمحاربة احدى الأعمدة الرئيسة للهوية الوطنية الفلسطينية، ألا وهو التعليم الفلسطيني ،وذلك من خلال تزويدهم باّراء 32 خبيرا ومختصا تربويا التقوا معا في قاعة رابطة الصحفيين العرب بالقدس بمبادرة من مركز الدراسات والتطبيقات التربوية وبالتنسيق مع مجلس التعليم العالي في حينه ( الكائن في احدى العمارات في سوق البيرة التجاري ، للبحث في الموضوع وصياغة خطوات عمل لمواجهة الجهود الرامية الى تدمير المنهاج التربوي التعليمي ،والتي وصلت الى درجة ابتعاث ثلاثة تربويين فلسطينيين الى الخارج لإعداد منهاج بديل للتربية الاسلامية تحت مسمى التربية الانسانية/ الاخلاقية . للمزيد من المعلومات ، يمكن الرجوع الى ” رؤية مستقبلية للتربية الفلسطينية في المرحلة القادمة ، مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE ، 1992 .


اليوم، ومع احتدام رحى معركة القدح وتشويه المناهج الفلسطينية ،لدرجة أن بعض الدول المانحة تشترط تغيرا غير مقبول تربويا وأخلاقيا، لمواصلة تقديم العون والمساعدة للفلسطينيين ، ومع احترامنا الكبير لكل من أدلى بدلوه في هذا الشأن العصيب ، نقول ونطمئن الجميع، خاصة من” وما تبع أكثرهم الا ظنا ، ان الظن لا يغني من الحق شيئا ، ان الله عليم بما يفعلون” الآية الكريمة 36 – سورة يونس .
نهتدي بهذا للقناعات التالية : –


⦁ ان مناهج التربية والتعليم لدينا مقرونة بعقيدتنا الاسلامية السمحة ، ” اقرأ باسم ربك الذي خلق….” ، حقيقة الاسراء والمعراج من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى المبارك ، الارتباط العقائدي الجغرافي بداء من خليل الرحمن ، مرورا ببيت لحم مهد سيدنا المسيح ووصولا الى الناصرة وجبل القفزة ، وغيرها الكثير الكثير من المواقع والاّثار الدينية والتاريخية لجميع الديانات السماوية.


⦁ تربويا ، ليس المنهاج هو فقط الكتاب الذي يدرسه الطالب ، فالواقع الذي يعيشه الطالب هو احدى مكونات المنهاج الخفي ، أي ما يعيشه الانسان من نعم وويلات تختزن في ذاكرته لتبلور سلوكه الاّتي حيال الأمور الحياتية والفكرية والسياسية وحتى الاجتماعية والاقتصادية.


⦁ ان اصرار وعشق، بل وتشبث الفلسطيني بالتعليم ، وعبر التاريخ الى يومنا هذا كفيل بمواصلة عملية التعلم والتعليم ،كونه جواز سفر للانتقال من ظروفه الصعبة الى واقع أقل سوءا، لننظر الى ما يجري في المحافظات الجنوبية ، ورغم القتل والتشريد والتدمير ، وحرمان أجيال من سنة دراسية كاملة ،وعلى مختلف المستويات التعليمية، نرى المبادرات الفردية لتعليم الأطفال في الخيم وحتى في العراء المفتوح ، للمزيد انظر صحيفة القدس العدد1978/13/9/2024 ،حيث تكفلت الأمهات الماجدات والمشردات بمسؤولية تعليم فلذات الأكباد ، رغم القصف والنزوح المتكرر، ولن ننسى الجهود الحثيثة التي تبليها وزارة التربية والتعليم العالي ، لتعويض الطلبة بعض من الفاقد التعليمي ، سواء في الوطن المحتل أو في بلدان الشتات الفلسطيني ، نذكر هنا على سبيل المثال ،لا الحصر ،ما تم من تنسيق مع الأخوة في أم الدنيا جمهورية مصر العربية .


⦁ للتقدم التكنولوجي ووسائل التواص الاجتماعي وما بات يعرف اليوم بالذكاء الاصطناعي ،دورا نوعيا ، في مواجهة محاولة التشويه المطلوبة . مما يسند هذا القول حقيقة أن التعلم الذاتي والتعلم من الأقران ،أشد تأثيرا وديمومة .
⦁ أليس في صانعي القرار الدولي والمحلي ، من رجل رشيد ليدرك أن مسألة التحريض المتصاعدة ، والتركيز على شيطنة الأهداف التربوية والتعليمية للمنهاج الفلسطيني من خلال الزج به وحده في اّتون البعد التربوي للصراع العربي الاسرائيلي ، ما هو الا محاولة لإعادة استمالة التعاطف الدولي الذي خسره الاحتلال جرّاء حرب الابادة الجارية ضد البشر والحجر والشجر ، والذي يدفعني للقول بأنه لا جرم أنهم خاسرون في هذه المحاولة البائسة.


⦁ ختاما ،نسأل صانعي القرار ،فلسطينيا وعالميا : هل ارضاء العبد أعزّ عليكم من ارضاء الله والمؤمنين ؟؟!! قبل الاجابة عل السؤال لندرك جميعا أنه وما توفيقنا كشعب وكمسؤولين الا بالله الذي عليه نتوكل واليه نأوب مذكرا الكل ” اياكم وسوء الظن ” ، على الأقل بصانع القرار الفلسطيني ، فنحن لسنا بحاجة الى المزيد من الشائعات التي من شأنها تقويض الجهود واستنزف الطاقات والدفع الى الشرذمة بدلا من وحدة الصف وتضافر الجهود لمواجهة المعركة الدائرة كي يتم تحويل النقمة التي أوجدها ويعمل عليها الطرف الاّخ ، الى نعمة يتم اضافتها الى رصيد الانجازات الوطنية ، وان كانت لم تصل المستوى المنشود بعد.

تابع قراءة مقال حال الناس (1) بقلم : د. غسان عبد الله

إقرأ المزيد حول مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE

إقرأ المزيد حول د. غسان عبد الله

شاهد أيضاً

زيارة وفد جامعة بوليتكنك فلسطين برئاسة رئيس الجامعة الدكتور مصطفى أبو الصفا لغرفة تجارة وصناعة مُحافظة الخليل

شفا – استمراراً لجهود إدارة جامعة بوليتكنك فلسطين وطواقمهما في تعزيز مكانة الجامعة مُجتمعياً التقى …