يا ظلام السجن خيّم ، بقلم : بديعة النعيمي
يا ظلام السجن خيّم
إننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل إلا
فجر مجد يتسامى
هذا ما ردده عطا أحمد الزير ومحمد خليل وفؤاد حجازي قبل ما يقارب القرن من الزمن في سجن عكا غير مبالين بالاعتقال ولا بالموت.
في السابع من شهر حزيران لعام ١٩٣٠، سار أبطالنا الثلاثة عطا ومحمد وفؤاد يرسمون الخطوات الأولى على طريق تحرير فلسطين. وطريق التحرير صعبة يحفها الموت من كل جانب، لكن فلسطين تستحق..هذا ما ردده أبطالنا بالتأكيد وهم في طريقهم إلى المشانق الغادرة. مشانق سلطات الاحتلال البريطاني والصهيوني التي قررت تحدي مشاعر العرب حين طالبوا بتخفيف حكم الإعدام بحق الأسود.
فما الذي ارتكبه أبطالنا حتى استحقوا هذا الحكم وما هي القصة؟
تبدأ الحكاية يوم الرابع عشر من أغسطس عام ١٩٢٩ حين قام اليهود بتنظيم مظاهرة كبيرة تخللها رفع أعلامهم وهتافات “الحائط حائطنا”. واتجهوا نحو القدس وتحديدا صوب حائط البراق، وهددوا بالاستيلاء عليه. وهنا كان من الطبيعي أن يرد المسلمون بمظاهرة أكبر، فالحائط حائطهم والأرض أرضهم. فاندلعت في الخامس عشر من أغسطس مظاهرة قتل فيها عدد من اليهود وعدد من المسلمين ارتقوا شهداء. وامتدت هذه المظاهرة إلى جميع قرى ومدن فلسطين، كان في مقدمتها يافا وحيفا وصفد والخليل ونابلس.
وقد أزعجت الأحداث السلطات البريطانية فما كان منها إلا أن قامت باعتقال المئات والزج بهم في السجن.
وقد حكمت على ٢٠ من الفلسطينيين بحكم الإعدام، ثم استقر الأمر على إعدام ثلاثة، هم عطا ومحمد وفؤاد. وحكمت على يهودي واحد بالإعدام ثم تم تخفيفه إلى عشرة أعوام، قضى منها ستة فقط، وهذا الانحياز ليس بالأمر الغريب، فلطالما انحازت بريطانيا للصهاينة.
والمهم في الموضوع أنه وبعد عدة شهور قضاها أبطالنا في سجن عكا وصلهم خبر تاريخ تنفيذ حكم الإعدام بهم، فاستقبلوا الخبر بروح راضية بقدر الله.
وقد جاء في وصية الشهيد فؤاد حجازي لأخيه أن يكون يوم إعدامه يوم سرور وابتهاج.
نعم هؤلاء هم الأبطال الذين لا يهابون الردى، يدفعون أرواحهم في سبيل الله.
فأين أمثالهم من شباب المسلمين اليوم عن المسجد الأقصى المبارك وساحاته تُدنس من يهود الشتات المتطرفين، يعيثون به فسادا يقيمون صلواتهم وطقوسهم التلمودية الفاسدة؟
أين هم من عشرات الآلاف من قطعان المستوطنين يتجمهرون عند حائط البراق يقيمون شعائرهم، يغنون ويرقصون على موطئ نبي الإسلام الكريم؟ فعذرا يا رسول الله.
فغزة اليوم مكلومة تنزف من القريب قبل البعيد، ومقاومتها تركت لوحدها في الميدان. والضفة مخنوقة وشعوب الأمة لا قسام فيها ينادي بحي على الجهاد، وعلماء الأمة أصحاب العمامات تخلوا وصدوا، فما نفعُ عمامات لا تبالي بمسجد الأمة وموطئ قدم رسول الأمة صلى الله عليه وسلم.
ما نفعكم وما نفعُ عماماتكم إن لم تصرخوا على المنابر وتستنفروا الهمم للجهاد؟
ما نفعكم إن لم ترددوا ما ردده شهداء حائط البراق:
يا ظلام السجن خيّم
فإن لم تصرخوا وتستصرخوا وتستنهضوا الشباب للجهاد فحري بكم أن تضعوا عمامتكم وتنصرفوا.