6:07 صباحًا / 25 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

مشاركة غدير حميدان الزبون عضو الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب بمداخلة غنيّة بعنوان : الرسائل بين سميح القاسم ومحمود درويش

شفا – مشاركة الأستاذة غدير حميدان الزبون عضو الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب بمداخلة غنيّة بعنوان:
الرسائل بين سميح القاسم ومحمود درويش – ضمن الندوة الثقافية الخاصة بصالون الدكتورة سناء عز الدين عطاري والمعنونة ب “سميح القاسم ما بين الموقف الأيديولوجي والتشكيل الجمالي” .

أبدأ من حيث انتهى الشاعر اللبناني حكمت بشناق الضيف المضيف في نصِه رغيف الحلم:
لا توقظوه من غفوةٍ عَرَضيّةٍ
لا تسرُقوا أحلامه البيضاءَ رُبّما
يرى في الحُلمِ….. الرغيف
من هنا أقفُ شاخصة البصر بجسدٍ منهك هدّه التعب، هل أصبح الألم ضيفًا مقيمًا في بلادنا؟
هل أنجبتنا بلادنا لتصرعنا بين عجلات الزمن فيكتبنا التاريخ سطرا من فصوله الدامية؟
لكنّه الأمل يلوّح لنا بطيفه المطلّ من جبال القدس بريشة مضمّخة بالخضاب ليرسم حدود النصر والعودة.
هذا المساء يأتي بخير ربّما ربّما
هذا المساء يأتي بأطياف الغائبين
هذا المساء فكرٌ وذكرٌ وطوقٌ من ياسمين
هذا المساء تفاحةٌ لذيذة شطرتها مناصفة بين شاعرَين
هذا المساء قهوةٌ تسيطر على ضجيج الحزن والأنين
هذا المساء نجالسُ القمرَ ونتسامرُ مع النجومِ ونطالعُ أبراجَ السائرين
هذا المساءُ زجاجةُ عِطرٍ ورديةٍ للدكتورة سناء ولكلِ الحاضرين
طبتم يا من تُطيِبون المساءاتِ بالفرح ويَسُرُ حضورُكم الناظرين


فالسلامُ عليكم كلُ السلامِ يا أسياد الكلمة ويا سدنةَ الحروف، وقبل البدء دعونا نبتهلُ سويا متضرعين إلى الله أنْ تنتهيَ الحربُ وتبرأَ آلامُ المكلومينَ وتعمَّ السكينةُ بين العالمين، سيكونُ كما نَسَجْتَ يا سميحَ القاسم لدرويشٍ عندما قلتَ: فرجٌ ما، هناك فرجٌ ما، لن نفقدَ الأملَ ولو من أجل الأجيال القادمة، وحسبُنا يا صديقي العزيز، أننا نَرْسِمُ بحبر الروح وبدم القصيدةِ سهما واضحا أرجو أن يكونَ واضحا يؤشرُ إلى الاتجاه السليم نحو خروبتنا وزيتوننا وزهرةِ برقوقنا اللاذعة، نحن في حاجة لنارنا القديمة -على سذاجتها- لأنّها الخاصُ الكامنُ في أعماقنا مثلَ حبة الرمل الكامنة في أعماق اللؤلؤة. واسمحوا لي أن أحتفيَ بهذه السناء الجميلة امرأة ِالوردِ والنورِ التي ملأت هذا المساء عطاءً وبهاءً ونَسرين، كلُ المحبة والورد لروحك السامقة ولفكرك المتّقد المستنير دكتورة سناء على هذه الدعوة الكريمة لأكونَ معكم في هذا المساء الثقافي الفاخر وجزيل الشكر وعالي التقدير لمدير الندوة الأستاذ الكريم صاحب الحضور الوازن مأمون القاسم ولكلّ المشاركين والحضور على مشاركاتهم الغنيّة ومداخلاتهم البنّاءة.


وها أنذا أرى وجها للحرية محاطا بغُصْنَي زيتون، أراه طالعا من حجرٍ هذا المساء.
من باب هل من مزيد؟ ولأنّ غزارةَ نتاجِ الشاعر العظيم سميح القاسم لا تحيط بها قراءة أو قراءتين ولا ندوة أو ندوتين، فاسمحوا لي عَطْفًا وكرامة وتقديرًا لجميل ما بُحتم به يا سادتي الأفاضل، وهو فيضٌ من بحرٍ ويزيد وأنا على علم ودراية بأنّ كرمَ أبجدياتكم لا يملأ الأكفَّ فقط بل يمطر الروح، ويسقي زرع العقل وبعطرٍ إكسيريٍ يفوح.
“مسكينٌ ساعي البريد المتنقل بيننا مثلَ رقاص ساعة أثرية. مسكينٌ ساعي بريدِنا، حمل رسالتك- دمعتك – الأخيرة، فحملته الحيرة كيف يوصلها إلي؟”


ها أنذا أرتاح قليلا، حين أكتب إليك فإنني أكتب إلى نفسي. ويا لها من مناورة رائعة هذه التي نتعزّى بها في زمن شحّ فيه العزاء، زمن المبكيات المضحكات، هذا الزمن الذي ثرنا فيه وعليه، من أجل أن يكون زمنَنا نحن، وسيكون.
كتاب الرسائل هو عبارة عن رسائل نثرية عن الوطن، عن الطفولة، عن الذكريات، عن الصداقة، عن القضية والحقوق.. عن الذاكرة، عن الشعر والكتابة بين الشاعرين الكبيرين محمود درويش وسميح القاسم.
وينتمي الكتاب كما يوحي اسمه إلى أدب المراسلات، وهو نوع أدبي ظهر في القرن التاسع الميلادي باسم “أدب المكاتبات”، وانقسم إلى المراسلات الأدبية، والمراسلات الأهلية بين الأقارب والأصدقاء لتبادل الأشواق عبر الورق، والمراسلات العلمية. وقد أرَخ الشاعران الكبيران محمود درويش وسميح القاسم بالرسائل المتبادلة بينهما فناً أدبياً تفتقر له المكتبة العربية، هي رسائل تمزج العام بالخاص بطريقة ساحرة، هذان الخالدان المحمودة ذكراهما لطالما كانا يتراشقان ورود الحب لشعب الجبّارين ولجفرا الوطن المسبي فلسطين.


وقد قدم للرسائل الروائي الفلسطيني الراحل إميل حبيبي تحت عنوان “هيك مَشْق الزعرورة، يا يُمّة هيك “، ولو تساءلنا عن المقصود ب”مَشْق الزعرورة” والتي تغنّت بها السيدة فيروز من كلمات الرحباني فقد أوضحا في مقابلة لهما مع صوت العرب عام 1956م أنّ المشقَ يعني القطفَ والزعرورة شجرة بريّة ثمارها تشبه ثمار الكرز بمعنى هكذا يقطفون ثمار الزعرور في إشارة إلى الخير الوفير فقد أكّد الراحل إميل حبيبي أنّ هذه الرسائل ” لم تكن مجردَ قطراتِ دمعٍ من عيون بخيلة بالدمع بل مشيَ حِجْلانٍ كبيرة تسير وراءها أفراخُها قاطعة، بأمان، عَرض شارع معبد بالزفت والقطران “، ويرى في ضجة العصافير شطراً في سمفونية مجانية كمبشر بقدوم الربيع في بلادنا.


جاءت هذه الرسائل في ثلاث حزم، الحزمة الأولى وتضم قصيدة “تغريبة إلى محمود درويش ” لسميح القاسم، وقصيدة “أسميك نرجسة حول قلبي ” لمحمود درويش، فيما تحتوي الحزمة الثانية على الرسائل النثرية المتبادلة بين هذين الشاعرين المبدعين الكبيرين. أما الحزمة الثالثة والأخيرة فتشمل الرسائل التي كتبت بعد تفجر الثورة الشعبية الديمقراطية الفلسطينية في المناطق المحتلة، ثورة الحجارة، ما عدا رسالة واحدة كتبها درويش بعد إنشاء أول اتحاد للكتاب العرب الفلسطينيين في الداخل، وهنأ فيها باسم الكتاب الفلسطينيين في المهاجر والمنافي القسرية بانتخاب القاسم أول رئيس للاتحاد بالإجماع، وانتقد الأصوات التي شككت بشرعية الاتحاد. قدّم الشاعران الفلسطينيان محمود درويش (1941 – 2008) وسميح القاسم (1939 – 2014)، في رسائلهما الشهيرة التي نُشرت في مجلة “اليوم السابع” أواخر ثمانينيات القرن الفائت، وجُمعت في كتاب “الرسائل” الذي صدر عن “دار العودة” في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1990؛ صورة معبّرة عن صداقتهما التي وصفها الناقد المصري الراحل رجاء النقاش بأنها: “نموذج رفيع للصداقات بين الأدباء”.


ناقش درويش والقاسم في رسائلهما هذه الوضع الفلسطيني، وتبادلا عبرها الأفكار والآراء ووجهات النظر المختلفة حول واقعه وواقع العالم العربي عمومًا


تبادل درويش والقاسم رسائلهما هذه بين عامي 1986 – 1988. وبالإضافة إلى القضية الفلسطينية وهمومها، حملت رسائلهما قدرًا من هواجسهما ومخاوفهما وآرائهما حول قضايا ومسائل مختلفة، إلى جانب استعادتها لذكرياتهما المشتركة داخل الأراضي المحتلة، التي غادرها محمود درويش عام 1971 باتجاه المنفى الذي شغل حيزًا واسعًا من رسائله إلى صديقه، الذي اختار البقاء في حيفا.
يضم الكتاب قصيدتين و39 رسالة، موزعة على 3 حزم/ أبواب، ومقدمة للكاتب والروائي الفلسطيني الراحل إميل حبيبي، يقول في مستهلها: “لا ألوم نفسي على أنني لم أنتبه إلى روعة هذه الرسائل المتبادلة بين شطري (شقّي) البرتقالة الفلسطينية – محمود درويش وسميح القاسم – إلا بعد أن تكاملت بشرًا سويًا”.

وفي هذه الرسائل نلمس المشاعر الحميمة الفياضة والأحاسيس الصادقة بين مبدعَيْن تميَزا بالخصوصية الفلسطينية، وجمعتهما العقيدة والفكر الواحد والإحساس الوطني المشترك والهم الواحد والمعاناة الواحدة والقضايا المشتركة والصداقة العميقة والشاعرية الفذة والخاصة، وحتى عشق فتاة واحدة – كما صرَحا في أحد الرسائل.


وتحمل هذه الرسائل في ثناياها وطياتها نبوءاتٍ للزمن الآتي، وأشواقًا وذكريات الطفولة والشباب والمراهقة، فضلاً عن آراء وأجندة سياسية وفكرية حول العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، وكذلك أناشيد للمقاتلين الفلسطينيين الذين يذودون وينافحون دفاعاً عن الوطن والمستقبل، ويعمرون بنيان الدولة الفلسطينية ويؤسسون المجتمع الإنساني الفلسطيني الديمقراطي الجديد. يقول سميح في رسالته “قبلة الحجر”: ” وهكذا فأنت ترى اننا دائماً نعود. نقلع في جهات الأرض والجسد، نغيب في خبايا الروح، ونعود. دائماً نعود، إلى ملمس العينين، إلى بصر القلب وبصيرة الأصابع ـ إلى هنا، حيث يكمن الحجر النظيف بجوار شجيرة القُندول المزدهرة شتاءً في أعقاب شتاء، نعود إلى الولادات المنتظرة وغير المنتظرة في فوضى هذا الزمن الجارح والمدهش في آن “.


تتسم رسائل سميح القاسم ومحمود درويش بأسلوبها الشائق والممتع وكلماتها الرقيقة ومعانيها الراقية ولغتها العذبة الصافية وصدق توجهها ووضوح رؤيتها. وهي تمثل ثروة لثقافتنا الفلسطينية ولأدب الرسائل بشكل خاص، وكنا نتلهف لقراءتها في ملحق الجمعة لصحيفة “الاتحاد”.


وسخّر كل من درويش والقاسم خبرتهما الشعرية في إغناء نصوص الرسائل بالصور والمعاني وتفاصيل المواضيع التي تشكّل جلّها، ما يجعل منها ذخيرة لغوية ضخمة تتلاقى فيها مفردات اثنين من أكبر شعراء فلسطين، إضافة إلى توابل الرمز والأساطير التي يعتمد عليها محمود درويش لقول ما لا يقال، بطريقته الخاصة.


لقد حاول كل من الشاعر الكبير محمود درويش والشاعر الرائع سميح القاسم أن يرسما قوس قزح للأجيال القادمة في عتمة الليل حالك الظلمة، لتتزين السماء بألوان تخطف أبصار جيل يقهر الخوف والذل والانكسار الذي سكن هذه الأمة فيكتب سميح القاسم رسالته: فرج ما هناك، فرج ما …لن نفقد الأمل ولو من أجل الأجيال القادمة، وحسبنا، يا صديقي العزيز، أننا نرسم بحبر الروح وبدم القصيدة سهماً واضحاً (أرجو أن يكون واضحاً) يؤشر إلى الاتجاه السليم نحو خروبتنا وزيتونتنا وزهرة برقوقنا اللاذعة ……


.. الرامة 29/6/1986
فيرد عليه محمود درويش برسالة جوابية: أما لآخر هذا الليل من آخر…؟ هل استطاع الجنين المتكون في رحم المريض، أن ينجو من المرض …؟ لا اقترح جواباً بل أطل على صحراء …ما اسم الجزيرة إذا جف البحر …؟ لا أقترح جواباً بل أطل على صحراء.


باريس 22/7/1986


هكذا هما يتناقشان بصوت مرتفع، بوجع وهاجس مؤلم يؤرقهما، من شعب أجبر على البعثرة في شتات الأرض، لقد ضاقت بهم الأرض بما رحبت، ولكن الحلم بالعودة إلى برتقال يافا، وزيتون فلسطين وقبة المسجد الأقصى هو الهاجس الذي يسكن القلب والعقل والروح. وفي بداية العام الجديد يرسل الشاعر سميح القاسم رسالته: عام جديد آخر …أهو، حقاً كذلك …؟ وكيف نحصي، نحن، أعوامنا …؟ إذن، لنبدأ تقويمنا بعام الفيل وليكن هذا عام المخيم، أما العام القادم فسنجد له اسماً آخر جميلاً ورشيقاً بقدر يتناسب عكسياً مع ما نحن فيه أمة وشعباً، أرضاً وسماء، بشراً وشعراء. الرامة 21/1/1987
فيرسل رسالته الجوابية وإن تأخرت قليلاً: إن ذلك البقاء الأول هو الذي حمى الوطن من التلاشي، وان الداخل هو القوة المادية للهوية الوطنية الثقافية، وان للداخل اسماً يفوق السحر، لأن الداخل هو الذي وفر للظاهرة الفلسطينية قوة المعجزة.


باريس 5/10/ 1987


ويأتي الإعصار ليزلزل الكيان الصهيوني، الانتفاضة الفلسطينية العظيمة في 9/12/1987لتؤكد صدق الرؤيا التي يتمتع بهما الشاعران الكبيران، هي ليست صدفة، ولا نبوءة عرافة، هو حس مرهف واستشراق للمستقبل.
ها هو سميح القاسم يكتب رسالته: كم أنا سعيد وممتلئ غبطة وتفاؤلاً بوردتنا الطالعة من حجر، وفي الوقت نفسه فإنني خائف على هذه الوردة …أما من حجارة في الوطن العربي ………؟؟؟
القدس 8/2/1988
في هذا الكتاب يتبادل شطرا (شقّا) البرتقالة الفلسطينية، كما يسميهما الكاتب إميل حبيبي، أكثر من أربعين رسالة تتأرجح بين القول والرد، والسؤال والجواب، وإن كانت أسئلة سميح القاسم أكثر قلقًا وتعبًا وشكوى، فإن ردود درويش على تلك الأسئلة أو الهواجس أو التساؤلات لم تكن حاسمة، ومُطَعَمة بالشك والحيرة.
فيجيبه محمود درويش برسالة جوابية: ليت الحاكم العربي يترك الداخل وشأنه، ليته لا يشارك الإسرائيلي الخوف من استقلال الفلسطيني العربي.. لا تستهجن أبداً أن يرفعوا شعار الهروب إلى الأمام، كأن يطالبوا الانتفاضة وحدها بمهمة تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر …سيتآمرون نعم سيتآمرون فهل لهم من مهنة أخرى!


29/2/ 1988


يعود إميل حبيبي ليختم ما سمي (تقديم) لقد شقي هذان الشقيان، بشن هذه الحرب، في بلادنا وفي مجتمعنا وفي حركتنا، منذ أن شبا على الطوق وشقا علينا، نحن أيضاً، عصا الطاعة.


لقد استبسلا في الدفاع عن القضية الفلسطينية وثورتها فكرياً وجدانيا وشعرا وبهاءً، والرسائل تنفرد برفع قضية الزيتون والأقصى والبرتقال لمرتبة القداسة، وهي تستحق كل هذا، لأنها قضية العرب والمسلمين.


ويضيف حبيبي: “لقد وجدت هذين الشقيين في (الرسائل) بل منذ أن شبّا على الطوق – وكان طوقنا أحيانًا – رافضين أبدًا لكل ما يحول بينهما وبين حرية التفكير، ولا تكون حرية التفكير إلا بحرية النقد، ولا يقبلان – في هذا المجال الذي بدونه تضمحل وتتلاشى ثم تزول إنسانية الإنسان – أية ذريعة، لا ذريعة (دستور) ولا ذريعة (مسؤولية سياسية)”.
في أول رسائل الكتاب التي تحمل تاريخ 19 أيار/ مايو 1986، يكتب محمود درويش إلى سميح القاسم: “ما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل؟”، ثم يضيف: “الآن، أشمر عن عواطفي، وأبدأ. لا أعرف من أين أبدأ عملية النظر إلى مرآتنا المشتركة. ولكني سأبدأ لأنضبط وأورطك في انضباط صارم. سيكون التردد أو التراجع قاسيًا بعدما أشهدنا القراء علينا”.
ويتابع الشاعر الفلسطيني في رسالته: “لن نخدع أحدًا، وسنقلب التقاليد، فمن عادة الناشرين، أو الكتّاب، أو الورثة أن يجمعوا الرسائل المكتوبة في كتاب. ولكننا هنا نصمم الكتاب ونضع له الرسائل. لعبتنا مكشوفة. سنعلق سيرتنا على السطوح، أو نواري الخجل من كتابة المذكرات بكتابتها في رسائل (…) انتبه جيدًا، فنحن مطالبان بألا نشوه صورة نمطية أعدتها لنا المخيلة العامة”.


يقول صاحب “شخص غير مرغوب فيه” في رده على رسالة درويش: “ها أنت منذ رسالتك الجديدة (لماذا تسميها رسالة أولى؟) تقترح بذكائك الذي أعرفه قاعدة للعبة وكأنك لا تعرف أخاك في عناده (برج الثور) وشهوته الفادحة للعب بلا قواعد”.
يضيف: “(نحن مطالبان بألا نشوه صورة نمطية أعدتها لنا المخيلة العامة) هكذا تقول في رسالتك (…) لا بأس عليك يا أخي الحبيب فهناك من هم أقدر منا على تشويه (صورتنا النمطية هذه). أما نحن فما علينا إلا نرمم (المخيلة العامة)، المخيلة الطيبة المدقعة الهالكة شوقًا إلى موت أليف في زمن الضجيج والوحشة والنعيب”.
بالإضافة إلى القضية الفلسطينية وهمومها، حملت رسائل درويش والقاسم قدرًا من هواجسهما ومخاوفهما وآرائهما حول قضايا ومسائل مختلفة


يتساءل القاسم: “وماذا بشأن مخيلتنا نحن (…) لقد جرّوا إلى قلوبنا أنابيب نفطهم ومائهم هم، وتركونا نتخبط بحثًا عن رأس النبع، حيث ماؤنا نحن.. فما الذي كان وما هو الكائن وما الذي سيكون بعد أن صعقوا مخيلة طفولتنا عام 1948 وصعقوا مخيلة فتوتنا عام 1956 وصعقوا مخيلة شبابنا عام 1967 وقايضونا عين جالوت بكامب ديفيد، والحبل على الأعناق”.


على هذا المنوال تابع الشاعران الفلسطينيان تبادل الرسائل، التي ناقشا فيها، بشكلٍ أو بآخر، الوضع الفلسطيني، وتبادلا عبرها الأفكار والآراء ووجهات النظر المختلفة حول واقعه وواقع العالم العربي عمومًا، بالإضافة إلى المسائل الشخصية، وذكرياتهما المشتركة، والهموم الكبيرة والصغيرة، العادية والبسيطة.


عزيزي سميح


وما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل؟
لقد اتفقنا على هذه الفكرة المغرية منذ عامين في مدينة استوكهولم الباردة.
وها أنا ذا أعترف بتقصيري، لأنني محروم من متعة التخطيط لسبعة أيام قادمة.
فأنا مخطوف دائماً إلى لا مكان آخر، ولكن تسلل الفكرة المشتركة إلى الكثيرين من الأصدقاء تحول إلى إلحاح لا يقاوم.
كم تبهجني قراءة الرسائل، وكم أمقت كتابتها.


لأنني أخشى أن تشي ببوح حميم قد يخلق جواً فضائحيًا لا ينقصني، حتى تحولت هذه الخشية إلى مصدر اتهامات لا تحصى، ليس أفدحها “التعالي” كما هو رائج.
الآن أشمر عن عواطفي، وأبدأ.
لا أعرف من أين أبدأ عملية النظر إلى مأساتنا المشتركة، لكنني سأبدأ لأنضبط وأورطك في انضباط صارم.
سيكون التردد أو التراجع قاسياً بعد ما أشهدنا القراء علينا، وبعدما هنأتك بعيد ميلادك الذي يواصل صناعة الفراغ بين العمر والصورة.
كل عام وأنت في خير وشعر حتى نهايات النشيد.
لن نخدع أحداً، وسنقلب التقاليد.
فمن عادة الناشرين أو الكُتَّاب أو الورثة أن يجمعوا الرسائل المكتوبة في كتاب، لكننا هنا نصمم الكتاب ونضع له الرسائل. لعبتنا مكشوفة.


سنعلق سيرتنا على السطوح، أو نواري الخجل من كُتَّاب المذكرات بكتابتها في رسائل.
انتبه جيداً، لن تستطيع قول ما لا يقال.


فنحن مطالبان بالعبوس، مطالبان بالصدق والإخفاء ومراقبتهما في آن، مطالبان بأن لا نشوه صورة نمطية أعدتها لنا المخيلة العامة، مطالبان بإجراء تعديل ما على طبيعة أدب الرسائل، أبرزه استبعاد وجوه الشهود وجمالية الضعف الإنساني.
فكيف نحل هذه المعضلة التي يجمد بقاءها الفارغ الطلي بين الرسالة والمقالة؟
سنحاول إفلات النص من ضفافه، إذ لعل أبرز خصائص الكتابة هي فن تحديد الضفاف الذي يسميه النقد بناء.
فلنكسر البناء بتعثر لعبتنا الجديدة على ساحتها المفتوحة.
أصل الحكاية –كما تذكر– هو رغبتنا الواضحة في أن نترك حولنا وبعدنا، وفينا آثار مشتركة وشهادة على تجربة جيل تألب على نور الأمل وعلى نار الحسرة.


وأن نقدم اعتذاراً مدوياً عن انقطاع أصاب ساعة في عمرنا الواحد، وأن نعيد ارتباطنا السابق إلينا وإلى وعي الناس ووجدانهم.


لنواصل هذه الثنائية المتناغمة –ثنائيتنا- إلى آخر دقيقة في الزمن، بعدما تمردنا عليها في مطلع التكوين الجنين تمرداً كان ضرورياً لبلورة خصوصية لا بديل عنها في الشعر.
ثم تجاوزت نزعتها الاستقلالية لتتحول إلى تناحر سفيه قد كان أحد مصادره إحساس الواحد منا بشكل مفاجئ، بقطيعة حوار توصل إلى يتم، لقد كان كل واحد منا شاهداً على ولادة الآخر.
فلنتابع هذه الشهادة.
ولكن ما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل؟
لسنا بشاعرين هنا، ولن نكون شاعرين إلا عندما يقتضي الأمر ذلك.
هل هذا ممكن؟
لا أعرف.
إن كنت سترضى بهذا التغييب الملازم لاستحضار إنسانيتنا المقهورة بعدوان الحب والقصيدة، منذ حول العربي الجديد شاعره الجديد إلى موضوع.


فماذا نريد الآن أن نقول؟
لقد فعل الشعر فينا ما تفعل الموسيقى بموضوعها، تتجاوزه للافتتان بذاتها وأداتها.
ولكن أين مكاننا؟
أين لحمنا ودمنا؟
أين طفولتنا؟
لقد تعبت من المهارة، ولكن أعجبتني حاسة المهارة المنتبهة إلى ذاتها في مجموعتك الشعرية الجديدة.
ومع ذلك، إن أكثر ما يعنيني هو إنسانيتك.
وهنا تحديداً: أبوك.
لقد أعادتني مرثيتك إليه، إلى كرم الزيتون المعلق على خاصرة السمو الراسخ، وإلى قدرتنا على الدهشة وسط تبادل الروائح الصلبة في الطبيعة، وإلى الحدود الفاصلة بين الفصول.
من لا مكان له لا فصول له.


لكنني مازلت مفتوناً ومجنوناً بخريفنا.
خريفنا ليس هو الشجر المدافع عن بذاءة الزهر، لكنه الرائحة.
فكيف ستنقل إليَّ هذه الرائحة بالرسائل؟
خذني إلى هناك إذا كان لي متسع في السراب المتحجر، خذني إلى مضايق رائحة أشمها على الشاشة وعلى الورق وعلى الهاتف.


فإذا تعذر ذلك، فليسمع منك كل الحصى والعشب والنوافذ المفتوحة اعتذاري الجارح.
من حق الولد أن يلعب خارج ساحة الدار، من حقه أن يقيس المدى بفتحة ناي، من حقه أن يقع في بئر أو فوهة كبيرة في جذع شجرة خروب، من حقه أن يضل الطريق إلى البحر أو المدرسة.
ولكن ليس من حق أحد حتى لو كان عدواً أن يبقي الولد خارج الدار.
لم نذهب إلى العمر في هذه الطريقة، بل ذهبنا إلى هذا الطريق.
هل تذكر هتافك الساطع:
أبداً على هذا الطريق؟
أبداً.
وإن تعرج أو عرج بنا على منافٍ لم تخطر على بآل آلهة الشر الإغريقية، ولا أفعى جلجامش فعلت ما فعلت بنا بنت الجيران.
هل تذكر الشارع الخارج من عكا إلى الشمال العربي، وسكة الحديد الموصولة إلى الجنوب العربي؟
ولكن، أبداً.
أبداً على هذا الطريق مهما اشتد مزاح الزمن، ومهما توسع حمار الخواجة بلعام،
لست نادماً على شيء، فمازلت قادراً على الجنون وعلى الكتابة وعلى الحنين.
ودون أن أتساءل: هل سبقت الفكرة أداتها ليتكاثر عليها هذا الحصار؟
أصرخ في وجوه الذين يدفعون الفكرة إلى الضجر:
إن روحي هناك.


وأقول لك:
إن أولئك المحتلين الواقفين بيني وبينك لا يستحقون أي مقارنة مع أي شر عربي. عبيد الخرافات، طفيليات العجز المحيط، سلالة الانتقام، لا حق لهم في التصفيق لحماقة الآخرين التي تواصل إنتاجهم المؤقت.
وماذا لو انتصروا في غياب؟
هل يضمن فولاذهم القوي النجاح الدائم لفكرة ميتة؟
وهل تسوق الأداة الحق من الزائل؟
لهذا السبب أحارب الالتباس الخبيث، ولا أمد حنيني على جسر فردي.
فكن أنت جسري الصلب، وقدم لجدل ” الداخل والخارج “عافية التواصل، عضني عن غيابٍ لأفرح: ما دمت هناك أنا هناك.


وأفتح النافذة المطلة على العكس.
ما كان يطل على الخارج فينا، يستدير ليطل على الداخل. هي الدائرة، هي الدائرة.
ويلحون علي ليقتلوني:
هل أنت نادمٌ على سفر؟
لن يذهب شيء عبثاً لم يذهب.
وقد حاولنا أن نضخ الوعد بما أتينا من لغة وحجارة ودم، وما زلنا نحاول البقاء والسير.
لن ينكسر الصوت ما دام شعبي حياً، حياً، حياً.
ومادام للأرض يوم هو هوية العمر.
فلماذا يساق فردٌ واحد إلى سؤال:
هل أنت نادمٌ على سفر؟
سدى أحاول أن أرد السؤال إلى صياغة، فأهمس في آلة تسجيل صغيرة:
إذا كان هذا يريحكم، فأنا نادم على سفر.
المكان، المكان، أريد أي مكان في مكان المكان لأعود إلى ذاتي، لأضع الورق على خشب أصلب، لأكتب رسالة أطول، لأعلق لوحة على جدار لي، لأرتب ملابسي، لأعطيك عنواني، لأربي نبتة منزلية، لأزرع حوضاً من النعناع، لأنتظر المطر الأول.


كل شيء خارج المكان، عابر وسريع الزوال.
ذلك ما يجعلني عاجزاً عن الرحيل الحر.
ولكنك ستكتب إلىّ لإعادة تركيب ما تفكك في النفس والزمن، برفع رافعة التوازن لثنائية “الداخل والخارج” الخاصة والعامة، لاستعادة أولى الطبقات الصاعدة إلى أفق يفيض عن الطريق.
ستكتب إليَّ.
سأكتب إليك لأعود.
فما زال في وسع الكلمات أن تحمل صاحبها، وأن تعيد حاملها المحمول عليها إلى داره.
وما زال في وسع الذاكرة أن تشير إلى تاريخ.
ويجتاحني نداء راعف إلى عودة، عودة ما إلى أول الأسماء.
فكن أنت عودتي.
إذن، أخرج من خزانة الثياب لنلعب لعبة أخرى مع فتيات أخريات.
ولا تتلكأ طويلاً في الشوارع الخلفية، فأنت على موعد مع الشاطئ.
حيفا حارة في الصيف ورطبة.
ولا تنس أن تزور محطة الشرطة وأنت في طريقك إلى البحر، ولا أن تسأل الضابط عن موعد الاعتقال القادم.
قدم له سيجارة، واطلب منه سجناً أنظف من سجن الشهر الفائت.
ولا تنس المقال في “مقهى روما” كما المعتاد.
وإن جاءت “السيدة” سلم عليها، وقل لها:
سافر وسيعود قريباً.
ولا تسألها عن الجنين.
قريباً، ست عشرة سنة؟ ست عشرة سنة كافية لتقبل بينلوب ود خاطبها، وتلعن بحر إيجة، ست عشرة سنة كافية لأن تتحول الحشرات الصغيرة على جراح أيوب إلى طائرات نفاثة، ست عشرة سنة تكفي لأصرخ:
بدي أعود، بدي أعود.
كافية لأتلاشى في الأغنية حتى النصر أو الموت.
ولكن،
أين قبري يا صديقي؟
أين قبري يا أخي؟
أين قبري؟


ويمكن القول إنَّ هذه الرسائل كما تمَّ ذكره آنفًا تعدُّ من ضمن الأعمال الأدبيَّة التي تتميَّز بالرمزيَّة، حيث اتَّخذ الأدباء الفلسطينيّين “لرمز” كأداة للكتابة في ظلِّ الحصار المشدَّد عليهم وتقييد حرّيتهم في التعبير والكتابة، استعمال “الرمزيَّة” من أجل مواصلة إبداعهم، فتجدهم يركِّزون على الأمثال الشعبيَّة لخدمة الفكرة المسيطرة على القصَّة، أو الحديث عن الأمّ وابنها مثلما هو الشأن في قصَّة “أم الخير” الرمزيَّة، وهي امرأة ترمز إلى فلسطين، وابنها هو الفلسطيني، وآخرون اعتمدوا على رسوم الحيوانات مثل رأس الغراب أو الذئب، وهذه الفئة هي الأكثر تأثّرًا بالأسلوب الرمزي، أمَّا مصادر أدب المقاومة فهي متنوِّعة منها الواقعيَّة، التاريخيَّة والدينيَّة وغير ذلك.


فقد امتزجت روح الشعراء الفلسطينيِّين في روح واحدة مثلما امتزجت دماؤهم، فكانوا كلَّما تألمت روح تألمت الروح الثانية لألمها فكانت الردّ القوي، وقد عرف سميح القاسم بقصائده الثوريَّة، وقد اشتهر بقصيدته: “منتصب القامة أمشي” وكانت مؤثِّرة جدا، إذ يقول فيها: (منتصبَ القامةِ أمشي مرفوع الهامّة أمشي، في كفي قصفة زيتونٍ وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي.. الخ)، هكذا كان أدب المقاومة.


يقول محمود درويش في رسالته وهو يقاسمه المعاناة وقتما كان الصراع ولا يزال محتدمًا على الجبهة الثقافيَّة بين مشروع التهويد، والاستلاب، والعدميَّة، والتغريب.. وبين وعي الهويَّة والحريَّة، فهو يرى أنَّ ما يحدث ليس عاديًّا لأنَّه في ظروف غير عاديَّة، أن ينجح الكتّابُ في تأسيس أوّل اتّحاد للكتَّاب العرب في الوطن، بعد أربعين عامًا، فينصحه بأن لا ينظر إلى الوراء إلّا ليعرف أين وصلتْ بهم الطريق، لأنَّ للأعداء حساباتهم، فأربعون عامًا من محاولة تهويد الأرض، واللغة، والصراع على البقاء عن ولادة أوّلِ اتّحاد للكتّاب الذين كانوا مرشّحين للالتحاق بما تحدّده الدبّابة من حدودٍ للهزيمة النفسيَّة والأدبيَّة ليس عاديًّا.


يقول بعض النقاد أنَّ القصيدة الثوريَّة توقفت عند الشاعرين سميح القاسم ومحمود درويش، وبقيت القصيدة الفلسطينيَّة يتيمة من شعرائها، وقد وصف الكاتب عصام خوري المراسلات التي كانت تتمّ بين محمود درويش وسميح القاسم بأنَّها كانت حالة أدبيَّة نادرة وخاصَّة بين شاعرين كبيرين قلَّما نجدها في التاريخ، لكن الواقع وما يمكن قوله هو أنَّ أدب المقاومة لم يكن قصيدة أو قصَّة أو رواية أو مسرحيَّة فقط، بل كانت الريشة حاضرة بقوَّة في لوحات الفنانين التشكيليّين الفلسطينيّين ومنهم؛ الفنَّان التشكيلي زكي سلاّم الذي يعدُّ سفير القضيَّة الفلسطينيَّة في عالم الفن التشكيلي، فقد كانت منحوتاته تعبِّر عن رسالة إنسانيَّة لكل الشعوب المضطهدة، وقد اثرت لوحاته الساحة العربيَّة. وتركز مواضيع المراسلات الأدبية عادة على القضايا التي تتجاوز الكاتب والمتلقي الأول، إذ يأخذ كاتب هذه الرسائل بالحسبان أنه يخاطب أكثر من متلقٍّ في نفس الوقت، وهذا ما يجعل أدب المراسلات والرسائل الأدبية ميالًا إلى الطرح الجمعي، والاتكال على “واو الجماعة” والهروب من الذاتي بإسقاطه على الآخر.


لقد مات سميح القاسم ومحمود درويش وبقيت رسائلهما للتاريخ والذكرى وللأجيال الفلسطينية الحاضرة والقادمة، ماتا وهما يمسحان دموعهما التي انهمرت من عينيهما بمناديل الكلمات الشاعرية التي رافقتهما منذ صباهما ومطالع شبابهما حتى اللحظات الأخيرة من عمرهما الطافح بالإبداع والعطاء والنضال والمقاومة والدفاع عن قضية شعبنا الوطنية، التي كانت محور كل ما كتباه وأبدعاه من نصوص شعرية ونثرية. فلهما البقاء والخلود، والعظماء مثلهما لا يموتون، بل يتجددون بعد مماتهم.


ولطالما طرقت مسامعنا مقولة “الكبار يموتون…والصغار ينسون” والتي أطلقها ابن غوريون مؤسس الكيان الصهيوني وعلى نهجها سار كثيرون من ساسة أوروبا وأمريكا والعالم ممّن يستظلون بظل الدكتاتورية ويدورون في فلكها، ويرقصون في عتمتها.


ولكن من خلال تتبع نضال شعبنا وكفاحه وثوراته وأقلامه التي لا تنطفىء نجد وبكل فخر أنّ شعب الجبّارين يثبت فساد مقولة ابن غوريون فهي بمثابة الأماني والأمنيات التي لم ولن تتحقق فترويدة الأحرار جينات تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل.


في جعبتي الكثير وفي هذه الرسائل الخالدة ما يبهر العقول ويثير التساؤل والفضول لكنني لن أطيل عليكم لضيق الوقت وأختم بصرخة طفل يستجير بأمه: يامّه، بدّي أعود. بدّي أعود. قديما كنّا نقول إنّ مصيبتَنا تُنطِقُ الصخر. لقد نطق الصخر يا محمود، لقد نطق الصخر يا سميح، لقد أنطقتم الصخر يا أهل غزة، إنّ العود أحمد، وأولُ العودة إلى الوطن، العودة إلى الحب الأول والمنزل الأول والقصيدة الأولى والفكرة الأولى والطلقة الأولى وإلى لقاء قريب…

شاهد أيضاً

إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنين

إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنين

شفا – أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، في بلدة الفندقومية جنوب …