2:30 مساءً / 18 أكتوبر، 2024
آخر الاخبار

الحرب على غزةـ الشبشب الذي فاز، بقلم : بديعة النعيمي

بديعة النعيمي

الحرب على غزةـ الشبشب الذي فاز، بقلم : بديعة النعيمي

هي ليست حكاية سترابو اليوناني ذات زمن سحيق. إنما حكايتنا حكاية الشبشب الذي عاش في غزة وصاحبته سندريلا.
سندريلا غزة ابنة الحرب والرماد وابنة الموت كانت تمتلك شبشبا بلاستيكيا تستخدمه في حمام بيتها قبل الحرب.
وعندما اندلعت أتون الحرب الوحشية، لم يدركها الوقت لتأخذ أحذيتها الجلدية الملونة الجميلة معها وقت النزوح الأول. فكان الأسرع للخروج من المذابح التي صبت وحشيتها على منطقتها هو شبشب الحمام الذي دست قدميها الصغيرتين النظيفتين به كيفما اتفق وأسرعت مع عائلتها إلى أقرب مدرسة للإيواء.

فكان لها الشبشب كحذاء سندريلا، بالرغم من أنه لا يشبه حذاء ساندريلا ساربو. فلا وجود في غزة لساحرة تغير واقع بطلتنا وتعطيها حذاءًا زجاجيا لامعا.


غير أنها قبلت بشبشبها وتمسكت به وتمسك هو بها.

وتمنت بقية السندريلات في غزة شبشبا مثله لأنه أصبح بعد الحرب عملة نادرة. كالنخوة أيضا بعد الحرب فقد أصبحت من العمل النادرة تماما تخلى القريب والبعيد عنها.

بطلتنا وحياتها التي أصبحت عليها وامتنانها وشكرها الدائم لشبشبها هي قصة الصهيونية التي تجلت في آلة الحرب الدموية في أبشع صورها.

الصهيونية التي قتلت ودمرت وطردت ونكلت بأهل آلاف السندريلات وعائلاتهن.


ساندريلات غزة لم تحقق ولا واحدة منهن حلمها سواء باستكمال الدراسة أو الزواج أو غيرها مما كن يطمحن لتحقيقه. ومن كانت متزوجة منهن ارتقت بصاروخ أو شظية قبل أن تحقق حلمها بالأمومة، ومن كادت منهن أن تصبح أما، قتلت وحشية العدو نطفة حلمها في مهده فقتلتها معه.

وساندريلا حكايتنا واحدة منهن إلا أن ما كان يعزيها شبشبها البلاستيكي. فدائما ما تناديه بالعزيز. وكيف لا تناديه بذلك وقد أصبح خط دفاع قدميها الأول ضد الركام وشظايا الألم التي تنتقل إلى القلب مباشرة، يحصل هذا في حرب كهذه الحرب الدموية.

ما أروعك يا شبشبي العزيز وأنت تصر على البقاء معي دون أن تقطع بي سبل الحماية. هذا ما كانت سندريلا غزة تخاطب به شبشبها العزيز..


ثم تكمل مخاطبته قائلة: أتعلم أيها العزيز أنك تمتلك من النخوة ما لم يمتلكه ملوك ورؤساء كثر في هذا العالم, اولئك الذين أصرّوا أن تكون الأفضلية للشباشب أمثالك عليهم؟
نعم يا عزيزي إني أعني ما أقول فلا تستغرب وتفتح فاك لتسخر مني أو تضحك علي، فإن الوقت ليس وقتا للضحك أو التهكم وخاصة ذلك الضحك المذل.

إلا أنك إن أحببت فابصق في وجوههم ما يعلق بك من مياه آسنة وقاذورات تسببوا هم شخصيا في وجودها، ثم سأسمح لك بأن تقهقه حتى يسيل الدمع من عينيك، لكن فقط عليك أن لا تخون قدمي المشعثتين فهما أضعف من أن تحتملا قساوة الطريق. طريق النزوح المتكرر الذي لا ينتهي. فلا مكان آمن لموطئ قدم في غزة. وأعدك إن انتهت الحرب أن ألتقط لك صورة ثم أجمع جينات من خذلنا وأصنع منها بروازا لصورتك العزيزة وأتقدم بها إلى مسابقة أجمل صورة. وإني لعلى يقين بأن صورتك ستفوز على بقية صور الأحذية بالرغم مما تحمله تلك الأحذية، من ماركات عالمية مصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها من دول الماركات.


أتعلم لماذا ستفوز يا شبشبي العزيز؟


دعني أخبرك بأنك ستفوز لأنك تحمل من النخوة ما لم تحمله تلك الشباشب الجميلة المظهر ،قبيحة الدواخل. وإني متأكدة بأنك ستصير من المشهورين حين تنقل الصحف خبرا مفاده:


فاز شبشب لفتاة من غزة كانت تشكره كل حين مع ابتسامة ساخرة من شباشب الماركات.

مستوحاة من قصة حقيقية لفتاة من غزة.

شاهد أيضاً

يحيى السنوار

إسرائيل تنقل جثمان يحيى السنوار إلى موقع سري بعد تشريحه

شفا – ذكرت وسائل اعلام عبرية، اليوم الجمعة، أن جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس …