الحرب على غزةـ نبراس المقاومة الذي لا ينطفئ، بقلم : بديعة النعيمي
يقول أحد المراقبين البريطانيين عن مجاهدي الثورة الفلسطينية الكبرى بقيادة القسام رضي الله عنه عام ١٩٣٦ “أنهم غالبا ما كانوا يشهدون مقتل زملائهم وربما مقتل اثني عشر منهم في كل مرة بنيران مدافع الرشاشة أو القصف الجوي. ومع هذا يعودون للقتال بعد ذلك بيوم أو يومين”.
وهذا يعكس ما يتمتع به المقاوم الفلسطيني من ثبات وبطولة وبسالة وتضحية بالنفس وإقبال على المخاطر والموت من أجل ربه وفلسطينه المقدسة منذ البداية وإلى يومنا هذا.
فالمقاوم يعلم منذ ثورة القسام التي اشتعلت بسلاح شحيح أن كل هبة في وجه العدو، تقدح شرارة لثورات جديدة في الجمهور الفلسطيني إيذانا بالمضي في العصيان المسلح. لأن هذه الشرارة لا يجب لها أن تنطفئ أو تخمد لأنها الأمل المتجدد في الطريق الشاق والخطر لتحرير فلسطين.
وعلى طول المسيرة الثورية توالت الثورات التي أقلقت أمن العدو، الواحدة تلو الأخرى ولم تهدأ يوما إلى ٧/أكتوبر/٢٠٢٣. فكانت هذه الثورات بسلاحها وأرواح شهدائها من القسام مرورا بيحيى عياش وصولا إلى آخر الشهداء على طريق الكفاح المسلح قد تبلورت على شكل طوفان هادر لم يهدأ، مرغ كرامة العدو بوحل غزة منذ ٣٢١ يوما.
هذا الطوفان الذي كان لا بد من ولادته لاقتلاع الأنجاس المميتة التي تكاثرت على مدى ٧٦ عاما على أرض فلسطين.
فإلى المنددين بطوفان الكرامة وإلى القائلين بأنه السبب خلف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتشريدهم، نرد عليهم بأن هذا قدر الله منذ الأزل والدليل قوله تعالى “وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا”.
فالإفساد الأول انتهى زمنه ونحن اليوم في الإفساد الثاني والذي تجبر خلاله اليهود وعلوا وتبروا.
وأبطالنا في المقاومة إنما ساروا على ما سار عليه نبيهم الكريم عليه الصلاة والسلام وصحابته رضوان الله عليهم حين قاتل اليهود في غزوة بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وغزوة يهود خيبر وأخرجهم من الجزيرة العربية. والنبي لم يكن ليقاتلهم إلا لأنهم خطر داهم على الإسلام والمسلمين، فهم قوم غدر وخيانة ونقض للعهود والمواثيق.
وبالرغم من امتلاكهم القوة العسكرية والاقتصادية والأسباب المادية التي تفوق ما يمتلكه المسلمون إلا أن المسلمين قاتلوهم وانتصروا عليهم. وقد اتخذت اليوم المقاومة الفلسطينية تلك الغزوات نبراسا لها يضيئ لها الطريق لتحرير فلسطين ومقدساتها. وأن الله ناصرهم بإذنه تعالى على يهود الشتات مهما وصل تجبرهم. وسيأتي ذلك الزمن الذي يقاتل المسلمون اليهود حتى يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله.
ولسوف ينصر الله من ينصره والمقاومة نصرت الله فنصرها.
نصرها حين دمرت جيش الاحتلال ومرتزقته. بل وقاتلت جيوش العالم بعد أن اجتمعت عليها في قطاع محاصر ودحرتها. ولا زالت تحرز النصر تلو النصر وتدافع عنك وعني. تدافع عن أمة بأكملها.
نعم تدافع عنا نحن المنعمون تحت سقوف بيوتنا الآمنة التي لا زالت صامدة بفضل القوة التي أمدها الله لهذه المقاومة المباركة كما أهل غزة الذين وقفوا خلف مقاومتهم.
لذلك فإن قول الله تعالى يصدق على غزة ومقاومتها “أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحية وسلاما”.