الفضيحة الأمريكية تشوه الروح الأولمبية وتسبب الغضب والتنديد في العالم بقلم : تشو شيوان
في الوقت الذي جرت فيه فعاليات الألعاب الأولمبية بباريس شاهدنا تيار خفي استغل وسائل الإعلام والهيئات المعنية الأمريكية وقام هذا التيار بنشر الإشاعات الكاذبة واتهام الرياضيين من دول أخرى بتعاطي المنشطات من ناحية، ومن ناحية أخرى تدافع وتحمي الرياضيين الأمريكيين الذين أظهرت نتائج فحص المنشطات إيجابية في عيناتهم مما يثبت وصول عيمنة الولايات المتحدة وازدواجية معاييرها حتى في الرياضة، لا بل تستغل الرياضة كسلاح تحارب فيه خصومها السياسيين.
لقد أصدرت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) بياناً في 7 أغسطس كشفت فيه عن أن وكالة مكافحة المنشطات الأمريكية أعفت رياضيين استخدموا الستيرويدات والإريثروبويتين من التهم والعقوبة في ثلاث حالات على الأقل منذ عام 2011، وسمحت لهم بمواصلة المنافسة، واعتبر البيان أن هذه الممارسة تعد انتهاكاً واضحاً لقواعد “وادا” ذات الصلة، وتقوض نزاهة المنافسات الرياضية، وتعرض سلامة الرياضيين المعنيين للخطر، وأكد بيان وادا وجود مشكلة خطيرة في الحركة الرياضية الأمريكية، تتمثل في تعاطي المنشطات على نطاق واسع وبشكل منظم ومنهجي، وبين أن المجتمع الدولي أدرك بوضوح أن الولايات المتحدة ستفعل كل شيء للحفاظ على “مركزها المهيمن” حتى في الرياضة حتى لو كانت الوسيلة حماية رياضيها ممن أثبت تعاطيهم للمنشطات.
في ميادين السياسة فالولايات المتحدة تحاول دائما التغلب على خصومها بكل الوسائل الممكن أيا كانت طبيعتها ولها سجل طويل من هذه الممارسات السيئة في مجال السياسة الدولية، والآن بدأت تستخدم نفس هذه الممارسات في مجال الألعاب الرياضية التنافسية دون أي اعتبار تجاه المنافسة العادلة التي وجدت من أجلها الرياضة ونحن نتحدث عن الألعاب الأولمبية التي هي مثال للجهد والاجتهاد والتنظيم والعزيمة، ولكن بمثل هذه الممارسات الأمريكية بات الأمر مغاير تماماً.
لا ينبغي أن تتلطخ الروح الأولمبية بالهيمنة الأمريكية، ولا ينبغي أن تستغل جهود مكافحة المنشطات كأداة لتشويه سمعة بلدان أخرى وقمعها، ويجب على الوكالات المعنية فتح تحقيق مستقل في الانتهاكات الأمريكية الخطيرة للاتفاقية العالمية لمكافحة المنشطات. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، فيتعين عليها أن توقف “ولايتها القضائية الطويلة”، وأن تراجع نفسها وتوضح للعالم موقفها من حوادث استخدام المنشطات، بما يساعد في إعادة بناء ثقة الرياضيين في مختلف أنحاء العالم في المنافسة النزيهة، واستعادة البيئة النظيفة والآمنة للحركة الأولمبية.
في مارس الماضي أظهرت نتائج اختبار المنشطات للرياضي الأمريكي لنايتون، وأثبتت تعاطيه لمادة محظورة من قبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات ، ولكن وكالة مكافحة المنشطات الأمريكية ادعت أن ذلك بسبب اللحوم الملوثة. وأصدرت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بيانا قالت فيه، إن ممارسة الوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات بالسماح للرياضيين الذين يتعاطون المنشطات بالمشاركة في البطولة تعد انتهاكا واضحا لقواعد الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات المصممة لحماية نزاهة المنافسة الرياضية. ولم توافق الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات على ممارسة الوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات التي تسمح لرياضيي المنشطات بالمنافسة لسنوات، ولكن لأن الرياضي أمريكي لم يمنع من المشاركة، والقضية هنا ليست في إدانة الرياضي الأمريكي بل في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع مثل هذه الحادثة في حين أنه في حوادث مشابهة كانت الولايات المتحدة ووسائل إعلامها كانت تتعامل بصورة مغايرة تماماً.
في ضروف مغايرة قبل سنوات اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية 23 سباحاً صينياً باستخدامهم للمنشطات وقد ثبت برائتهم فيما بعد في قضية لعبت الولايات المتحدة على خيوطها كثيراً والسبب أن السباحين كانوا صينيين، ولكن عندما تعلق الأمر برياضيين أمريكيين قامت الولايات المتحدة بحمايتهم وأثارت وسائل إعلامهم موجة غير مسبوقة داخل الملاعب وخارجها لتشويه صورة بقية الدول، وهذه الازدواجية باتت أمر معروفاً وبصمة موجودة أينما حلت الولايات المتحدة سواء في السياسة والآن في الرياضة.
في النهاية ما أود الإشارة إليه أن الولايات المتحدة الأميركية كانت ومازالت تستخدم هيمنتها كسلاح لحماية مصالحا تجارياً عسكرياً سياسياً والآن رياضياً، وهذا أمر لم يعد مقبول خصوصاً وأن العالم بات يدرك هذه الحقيقة ويعيها جيداً ويحاول أن يؤسس لنظام عالمي جديد قائم على تعدد الأطراف بعيداً عن هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية.