شفا – شددّ رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن التزام الحكومة بحرية الرأي وبالحريات الصحفية هو التزام مطلق ولا رجعة فيه، ولا يمكن التراجع عنه.
وأشار فياض خلال حديثه الاذاعي إلى أن صون الحريات وحمايتها وتوفير المناخ الحرّ للتعبير عن الرأي هو مظهر قوة للسلطة ومؤسساتها، وقال: “إنني أرى أنه وبالقدر الذي يرتفع فيه سقف الحريات فإن هذا يؤشر على مدى قوة ونضج نظامنا السياسي، فصون الحريات وحمايتها هو مظهر قوة للسلطة ودور مؤسساتها”، وتابع: “أن أساس قوتنا يكمن في توفير المناخ الحرّ للتعبير عن الرأي والإبداع، باعتبار الحرية شرطاً للحصانة الوطنية”.
وأكد فياض على أن أي محاولة للمس بهذه الحريات يجب أن تقلقنا جميعاً، ودون استثناء، ليس فقط من منطلق القناعة التامة بضرورة صون الحريات فقط، بل لأن ذلك يؤشر على حالة ضعف في دور مؤسساتنا وطبيعة التكامل فيما بينها، الأمر الذي يستدعي تسليط الضوء على هذا الضعف ومعالجته.
واعتبر رئيس الوزراء أن التطور الذي شهدته الحريات الإعلامية والصحفية في فلسطين لا يعني أنها باتت خاليةً تماماً من بعض الشوائب، مؤكداً على أن هذا الأمر يتطلب مضاعفة الجهد المبذول لتكريس الحريات وتعزيز استقلال القضاء باعتباره الحامي لها، وقال: “لقد لمستم تطوراً لا يمكن تجاهله على صعيد الحريات الإعلامية والصحفية في فلسطين، إلا أن هذا لا يعني أن حالة هذه الحريات باتت خالية تماماً من بعض الشوائب، وربما الانتهاكات، الأمر الذي يضاعف من المسؤولية الملقاة على عاتقنا لضمان توفير أوسع قدر من المناخ المواتي لتكريس هذا الحق قولاً وفعلاً، وما يتطلبه ذلك من ضرورة مواصلة الجهد لضمان تعزيز استقلال القضاء باعتباره الحامي للحريات والكفيل بأن يأخذ كل ذي حقٍ حقه دون تمييزٍ أو محاباة”.
وأكد رئيس الوزراء على أن مؤسسات السلطة الوطنية حققت تقدماً في مجال الحكم والإدارة وتقديم الخدمات للمواطنين بكفاءة واقتدار، وتمكنت من انتزاع الإقرار الدولي بجاهزيتها للعمل كمؤسسات دولة، في إطار الرؤية الطبيعية للدولة التي نسعى لبنائها على أرض الواقع كدولةٍ عصرية تقدمية ينعم مواطنوها بالحرية، والعدالة، والمساواة، في ظل نظام ديمقراطي يقوم على التعددية، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حقوق الإنسان، هذا بالإضافة إلى الاستناد إلى قواعد الحكم الصالح والرشيد القائم على أساس سيادة القانون والفصل بين السلطات وتعزيز هيبة واستقلالية القضاء كمكوناتٍ أساسية وحيوية للنظام السياسي الديمقراطي، وبما يكفل استقرار هذا النظام، وتحقيق العدالة والمساواة والأمن لكافة المواطنين دون تمييز، وحماية حقوقهم وممتلكاتهم الخاصة وصون الحريات العامة والشخصية.
وشدد فياض على إن المعيار الأساسي الذي وضعته السلطة الوطنية إزاء مدى التقدم في جاهزية مؤسسات السلطة الوطنية للتحول إلى مؤسسات دولة، يتمثل في مدى شعور المواطن بالعدل والإنصاف، ومدى شعوره بالرضا عن الخدمات التي تُقدم له. وقال: ” نعتبر أن الأولوية الأساسية الماثلة أمام السلطة الوطنية، ومن أجل تعميق هذه الجاهزية، تتمثل في ترسيخ دور مؤسساتنا في رعاية مصالح المواطنين وتحقيق العدل والمساواة، الأمر الذي يتطلب حث الخطى لاستكمال عملية النهوض بقطاع العدالة بكافة مرافقه”.
واعتبر رئيس الوزراء أن ترسيخ أسس العدالة والمساواة، وتعميق شعور المواطنين بالإنصاف، يُساهم في تعزيز ثقتهم بمشروعنا الوطني وبالسلطة الوطنية ومؤسساتها، ويمكّن من إطلاق الطاقات الايجابية الكامنة لديهم، ويُعزز من إسهامهم الفاعل في المجتمع وقال: “إن السلطة الوطنية ومع إدراكها بأن الشوط ما زال طويلاً، فهي تواصل العمل بكل جدية للنهوض بقطاع العدالة وبما يشمل تعزيز استقلال القضاء وترسيخ هيبته ومكانته، وتمكينه من القيام بالواجبات المُلقاة على عاتقه بكفاءة وفاعلية، ليرسخ الشعور بالإنصاف في نفوس المواطنين، ويُعزز في نفس الوقت ثقتهم بالقدرة على الانجاز ومشاركتهم الفاعلة في تحقيق أهداف مشروعنا الوطني”.
وأشار رئيس الوزراء خلال حديثه إلى أن السلطة الوطنية تمكنت خلال الأعوام القليلة الماضية من تحقيق الأمن وفرض سيادة القانون والنظام العام، كما تمكنت من النهوض بصورة ملحوظة بقطاع الخدمات، وشدد على أهمية ترسيخ هذه الانجازات من خلال إزالة كافة المعيقات التي تحول دون النهوض بقطاع العدالة، وقال: “إن السلطة الوطنية تُدرك أن ترسيخ هذه الانجازات يتطلب المزيد من حث الخطى للنهوض بقطاع العدالة في فلسطين، الأمر الذي يتطلب إزالة كافة المعيقات التي ما زالت تحول دون تحقيق ذلك، وفي إطار من التكامل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، وترسيخ الفصل بين السلطات”. وأضاف: “إن حماية الاستقرار، بل والنظام السياسي برمته، يتطلب المزيد من تحقيق الشعور بالعدل والإنصاف لدى جميع المواطنين، وضمان صون وحماية الحريات العامة والشخصية بكافة أبعادها، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير”.
وأكد فياض على أن أحد مؤشرات النضج في الحكم والإدارة، ومفهوم العدل، يتمثل في مدى ثقة المواطن بالقضاء والاحتكام إليه في حل القضايا والنزاعات سواء في إطار النزاعات الفردية أو مع المؤسسات. واعتبر أن ترسيخ تقاليد الحكم الصالح والإدارة الرشيدة وتعزيز استقلالية القضاء سيؤدي إلى صون الحريات العامة وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم الشخصية، وقال: “بالقدر الذي نرسخ فيه تقاليد الحكم الصالح والإدارة الرشيدة ونُعزز استقلالية القضاء، يتسع نطاق الحريات العامة، وتصان الحريات العامة وحقوق المواطنين وحرياتهم الشخصية”.
وشدّد على أن تحقيق هذا الأمر هو مسؤولية السلطة الوطنية أساساً، وبالتأكيد مسؤولية المجتمع بكل مكوناته ومؤسساته، وقال: “إن النجاح في ترسيخه يعكس مدى تقدم المجتمع وقدرته على تطوير منظومة العلاقات التي تحكمه، وبما يرسخ المضمون الديمقراطي التعددي للنظام السياسي الذي ستقوم على أساسه دولة فلسطين التي نتطلع إليها، وإلى قدرة مؤسساتها في رعاية مصالح مواطنيها دون تمييزٍ أو إجحاف”.
وفي ختام حديثه الإذاعي جددّ رئيس الوزراء تأكيده على مواصلة العمل لحماية الرأي والرأي الآخر، وعلى التزام السلطة الوطنية بمبدأ الفصل بين السلطات، وبمبدأ استقلال القضاء واستقلال القاضي، شكلاً وموضوعاً، باعتبارهما ضمانة أساسية لاستقرار النظام السياسي، وإحقاق العدل، وصون وحماية الحريات العامة والشخصية، وقال: “نعاهدكم الاستمرار على هذا النهج، باعتباره إنجازاً هاماً لشعبنا الفلسطيني، وركيزةً أساسية لتعزيز النظام الديمقراطي التعددي وسنواصل حماية الرأي والرأي الآخر كحقٍ كفله القانون وليس منّة من أحد”.