شفا – عودة الفراشات، هي رواية للأطفال والناشئة، صدرت حديثاً في القاهرة عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع.
ويمكن اعتبار أن هذا العمل الروائي الجديد لـ عبد الباقي يوسف يحفّز الأطفال على الشعور بالمسؤوليّة تّجاه المستقبل الذي سيتولّون قيادته، وأن يستفيدوا من أخطاء الماضي.
لذلك تبدأ الرواية بواقعٍ بدائيٍّ يخلو من كل مقوّمات الحياة الحديثة، إلى جانب خلوّه من البشر بعد حلول وباءٍ قضى على البشريّة، كما قضى على كل وسائل التكنولوجيا الحديثة. أمّا الأطفال فقد تحوَّلوا إلى فراشاتٍ ونجوا من ذاك الوباء.
بطل الرواية ريّان البالغ من العُمر خمس عشرة سنة يرى نفسه وحيداً في عاصمة كبيرة غزتها الدواب والحيوانات المُختلفة التي أتت من كل حدبٍ وصوبٍ كي تعيش قي العاصمة بدلاً عن سكّانها الذين اختفوا.
يُقاوم الطفل ريّان كل مشاعر اليأس التي تنتابه خاصّةً عندما تأتي إليه فراشة وتُخبره عن الأطفال الذين تحوَّلوا إلى فراشات، فيطوّر نفسه بقراءة الكُتب وتعلّم العزف على العود، ويبدأ رحلة إقناع الفراشات للعودة إلى طفولتها والعمل معاً في بناء حياةٍ جديدة ضمن سلسلة من الأحداث المشوّقة.
وقعت الرواية في 132 صفحة وانقسمَت إلى أربعة فصول كل فصلٍ حمل اسم فصلٍ من فصول السنة، وهذه الفصول تفرَّعَت عنها عناوين متكاملة مع بعضها ضمن الفكرة العامة للرواية:
الفصل الأول
(الصيف)
مِسك الإنسان
تنهيدة عميقة
الفيروس اللعين
خنافس مضيئة
غياب الجد
الفصل الثاني
(الخريف)
أقحُوان
أوتار العود
شمس الكِتاب
بخ..بخ
طاقات خفيّة
الفصل الثالث
(الشتاء)
الجرو المريض
فراشتان
بيتٌ جديد
المَنام
الفصل الرابع
(الربيع)
تشابُك الأيدي
عودة الفراشات
من أجواء الرواية :
خطر له بأنَّه تحوَّل إلى حارسٍ لكل هذه الأفواج الهائلة من الحيوانات، جالَ بنظره لعلَّه يلمح إنساناً ولو عَن بُعد، يلمح رأس إنسانٍ من كل تلك النوافذ المطلَّة في الأبنية الشاهقة: هل مِن المعقول أن كل هذه الأبنية الضخمة كانت تضجّ بأفواج الناس، كل هذه العاصمة الضخمة لم تكن تسعهم وكانوا يُعانون أزمةً في السكَن؟
وقف أمام الباب يرنو إلى الحشود الهائلة مِن الدَواب التي اكتظَّ الشارعُ بِها تاركةً أصواتها تعلو وتتداخَل. دسَّ يدَيه في جيبَيه، مشى بتُؤدَةٍ على الرصيف بمُحاذاة الجدران والأبواب، مدّ أنظاره إلى الأبنية الشاهقة الممتلئة بالنوافذ. مضى بعيداً وهو يتأمَّل ويشرد، يرى بأنّه الكائن الوحيد الذي يمشي بمفرده، كل الكائنات من حوله تمشي مع بعضها، لا يمشي مخلوقٌ لوحده سواه.
يا بُنَي ذات يوم مِن الأيّام الخوالي، كان عدد سكّان هذه العاصمة خمسة ملايين مِن البشَر.
كانت الأسواق تمتلئ بالبَشَر، أحياناً لم نكن نجد موطئ قدمٍ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ في بعض الأزقَّة. كنتُ أرى أشكالاً وألواناً مِن الناس في الطُرقات، كانوا يأتون إلينا من جميع مدن البِلاد، من دولٍ أُخرى، مِن قارّاتٍ أُخرى، كانت شوارع عاصمتنا هذه تلمَع مِن النظافة.
أزاحَ الجدُّ بعكّازه أكواماً من الذهب ورزماً من النقود الورقية عَن الطريق، وغدا الحفيدُ يركلهما بقدمَيه ويمضيان بتُؤدَةٍ على أمل رؤية إنسانٍ ولو عَن بُعد، أو من خلال نافِذة بَيتٍ ما، أو حتى يترامى إليهما صوتُ إنسان مِن مكانٍ مجهولٍ: هذا الذهب الملقى في الطرقات، ما كُنّا نجده إلّا في دكاكين الصاغة، كانوا يبيعونه بالغرام، لأنَّه كان ثميناً يا (جدّو)، وهذه الأوراق النقديَّة المُتراكِمة على بعضِها في الطُرقات كُنّا نستخدمها في بيع وشراء احتياجاتنا.
عبد الباقي يوسف هو من مواليد مدينة الحسـكة – سورية 1964 وصدرت له أول مجموعة قصصية (سيمفونية الصمت) سنة 1989 عن دار المجد بدمشق، انتسب إلى اتحاد الكُتّاب العرب، جمعية القصة والرواية في سورية سنة 1992.
من أعماله:
- عالم الكِتابة القصصية للطفل صدر سنة 2010 عَن سلاسل كُتب المجلّة العربية التي تصدر عن وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية.
- إمام الحكمة لقمان الحكيم، رواية صدرت عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت سنة 2010.
- غيومٌ من الشرق، مجموعة قصصية عن اتحاد الكُتّاب العرب بدمشق سنة 2006.
- طريقة للحياة، مجموعة قصصية عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق سنة 2007.
- الآخرون أيضاً، رواية عن دار كنعان بدمشق 2019
- مدار اللسان، مجموعة قصصية، دار الكافي – الجزائر 2021.
- سر الخرزة الزرقاء، مجموعة قصصية عن وزارة الثقافة والسياحة والآثار- بغداد 2022.
- القطّة تابسا، رواية عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع، القاهرة 2024.
وفازت روايته (خلف الجِدار) بجائزة مجلة دبي الثقافية الثانية، سنة 2002. حصلت قصّته (خورشيدة) على جائزة نادي حائل الأدبي في المملكة العربية السعودية سنة 2004، حصلت روايته (منارة النبوّة) على منحة البدر، برعاية ولي عهد الفجيرة سنة 2023
وشارك في العديد من المؤتمرات الأدبية، منها: مؤتمر مركز توثيق وبحوث أدب الطفل حول (أدب الطفل والجمهورية الجديدة) المُنعقد في القاهرة برعاية وزارة الثقافة المصرية في 21، 22 نوفمبر 2022 ببحث بعنوان: (مشكلات الإنتاج في أدب الطفل المحلّي والمُنافسة العالميّة).