السبات السياسي للفصائل الفلسطينية عجز تماماً عن إنهاء المعاناة في غزة، بقلم : م. غسان جابر
لطالما تعلق الشعب الفلسطيني آمالاً كبيرة على الفصائل والتنظيمات السياسية في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية. لكن مع تكرار الإعلانات والاتفاقات التي لم تثمر عن نتائج ملموسة، بات واضحاً أن الرهان على هذه الفصائل قد يكون رهاناً خاسراً في ظل سباتها السياسي المطبق.
فقبل أسابيع قليلة، أعلن 14 فصيلا فلسطينيا في بكين عن تشكيل “حكومة مصالحة وطنية مؤقتة”، لتعزز الوحدة الوطنية وتتولى إعادة إعمار قطاع غزة المنكوب.
لكن هذا الإعلان لم يكن سوى تكرار لمحاولات سابقة، كاتفاق القاهرة والجزائر و موسكو، دون أن تترجم إلى خطوات عملية على الأرض.
فما زال الانقسام السياسي بين فتح وحماس قائماً، والتحديات الاقتصادية والإنسانية في غزة تتفاقم يوماً بعد يوم.
وسط هذا الواقع المرير، تبدو مشاركة الفصائل الأخرى في اتفاق بكين مجرد مشاركة شكلية، لا تُلمس منها أي جهود حقيقية لإنهاء المعاناة.
فالحقيقة المرة هي أن هذه الفصائل الفلسطينية تعاني من انقسامات داخلية وضعف في التنسيق والتعاون فيما بينها. وبدلاً من أن تكون قوة دافعة نحو التغيير، باتت في حالة من “السبات السياسي” تُضيِّع فيه فرص إنقاذ قطاع غزة وما تبقى من الضفة الغربية والخروج من الأزمات المتفاقمة.
ففي ظل استمرار الانقسام وغياب الإرادة السياسية الحقيقية، تبدو اتفاقات المصالحة مجرد وثائق حبر على ورق.
فلا آليات واضحة للتنفيذ، ولا جداول زمنية محددة، بل مجرد إعلانات رنانة تُضفي على الواقع طابعاً من الشرعية دون تغيير فعلي.
حتى التجارب السابقة مع اتفاقات المصالحة لم تفلح في تحقيق النتائج المرجوة، ما يزيد من شكوك الشعب الفلسطيني في قدرة هذه الفصائل على إنهاء انقسامها والارتقاء بمصالح قطاع غزة. فالتحديات السياسية والاقتصادية الخارجية تبدو أقوى من إرادة هذه الفصائل المنقسمة والمتنافسة على فتات السلطة.
إن الأمر لا يحتاج إلى مزيد من الاتفاقات والإعلانات التي تبدو عاجزة عن إحداث أي تغيير.
بل إلى خطوات عملية وإرادة سياسية حقيقية من قِبل هذه الفصائل لتجاوز خلافاتها الداخلية، وفتح آفاق جديدة للمصالحة الوطنية والنهوض بأوضاع قطاع غزة المتردية.
وعوضاً عن الاكتفاء بالمشاركة الشكلية في هذه الاتفاقات، يجب على الفصائل الفلسطينية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية، وأن تخرج من “السبات السياسي” الذي أوصلهم إلى حالة من العجز عن إنقاذ قطاع غزة وأهله من معاناتهم المستمرة.
فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة سياسية فاعلة وموحدة تنقذه من دوامة الأزمات والانقسامات.