دحلان والوجوه السمان بقلم : كريم البنا
في المحاولة المليون يريدون ابعاده عن المشهد، وفي المحاولة المليون يريدون إدخاله للمشهد ، فلا نصر لمن حاول ولا عز لمن تداول النصر دائما حليف الانقياء، لا الأقوياء.
فالأقوياء رحلوا علي فراشهم دون قطرة دم ودمرت ممالكهم وكانت نهايتهم مشينة، فكتبت أسمائهم بالتاريخ المزور حفاظا علي وجه ميكافيللي واتباعه من مدمنين سلطة القوة في الحكم ومطلبي السلطان، حرب الإبادة الصهيوامريكية في غزة لم تشهد شواهد الكون مثيلا لها علي مر العصور.
خرج الدحلان بطلته البهية مكشوف الوجه لا يخفي الا تجاعيد اشتياقه لشوارع مخيمه المدمر التي رحلت فيه كل ذكرياته، خانيونس التي استبسلت من شرقها لغربها لوسطها لشمالها كلها رفضت أن تباد قلعتها بهذه السهولة وكانت لها نصيب الأسد بالكم الهائل من الدمار والدماء بحجم كرامتها المزعجة.
بدأت الحرب في السابع من أكتوبر
معركة صهيونية دِفاعا عن الوجود الذي نبههم فيه الغراب بزوالهم، ومعركة فلسطينية دفاعا عن الأرض التي سلبت بتواقيع بريطانية واسلحة صهيونية، حرب إبادة نسفت معها كل معالم الإنسانية وانتهكت حقوق البشرية من مهارات القتل والتنكيل والتجويع ليصبح الغزاوي المنهك يتمنى الموت في كل صباح ليشعر بالراحة الأبدية.
وبين كل هدنه وانفراجه يلمع اسم الدحلان وكأنه المنقذ الوحيد في هذا الكون لمسح دموعنا وانهاء معاناتنا، نعم هو المنقد والبديل، دحلان نفسه يبحث عن البديل فلم يجد الا نفسه بديل، فما ذنب الرجل اذا مرت عاصفته من امامنا وعصفت ذهننا، ما ذنب الرجل اذا كان اعدائه ضعفاء سمحوا له أن يكون عاصفة، رجلاً من طين له أعداء وله محبين وله ناقدين وله معجبين وليس له بديل، فما ذنب الرجل وما يعيبه في ذلك.
لو انٌفقت اموالكم في صناعه بديل عنه لما ذكر دحلان في الحرب والسلم في الصيف والشتاء في الزلازل والنكبات، ولو أنفقت اموالكم علي رجالكم الصالحين البارين بكم لما كان الدحلان.
(أنتم صنعتم اله ولا تريدون منا عبادته)
تتكرر صورة الدحلان بنضال ارنستو الطبيب الأرجنتيني العنيد الذي أشغل هوليود الأمريكية وحلفائها برسم ملامح غيفارا ليحولو صورته لأكل لحوم البشر ويحارب تشي من كل أشرار الأرض ومن كل طفل بوليفي يولد، ليصبح بعدها أيقونة لجميع البسطاء والثائرين والخصم الأول المعادي للإمبريالية الأمريكية وانيابها.
غزة برجالها ونسائها واطفالها تريد الدحلان الان وليس غداً.
نعلم انه اتعبكم واتعبنا أيضا لأنه أتعب نفسه في حب وطنه المحتل، منذ كان شبلا في شوارع وأزقة المخيمات، لا يستسلم ابداً رغم هشاشة شوارع غزة والإحباط في كل ازقته كمل طريقه وسط محاولات الكثير من إقناعه ان يتوقف فالنجاح في تلك البيئة مستحيلة واستمر ولم يلتفت خلفه كأسد اخبروه لن تصطاد غزالاً لسرعته الخارقة.
فما ذنب الدحلان ان كان طموحه أكبر من طموحكم وخيره أعظم من شركم، فما بين سيف ابن الثقفي ودهاء ابن العاص عدل ابن عبدالعزيز، لم تبقي تهمه بالعالم الا الصقتوها به، ولم تبقي اشاعه بلا صاحب الا كان الدحلان صاحبها ولم تبقي ثغرة في الكون الا دخلتم منها عليه.
اضعتم اعماركم في “وئد الدحلان ” ولم تصنعوا البديل فما ذنب الرجل اذا وجد الطريق مرصوف له وهتف القوم باسمه، ماذا لدى الدحلان ليس لديكم، المال، الجاه، السلطة، ما لديكم يفوق ما لديه؟ فما ذنب يديه اذا كثر عليها التسليم، فالأيدي التي ألقتْ الصديق يوسف في الجُبّ هي نفس الأيدي التي امتدت ذليلةً تسأله الصدقة فيما بعد.
سيحاسب الله الدحلان علي عمله ولن يحاسبكم الدحلان علي قسوة اعمالكم فلماذا وضعتم نفسكم مكان الله، اذكركم بمكسيم غوري عندما قال هل من المعقول أن يولد الإنسان ليعمل ويكسب المال، ويبني منزلًا وينجب الأطفال، ويموت؟ دحلان سيموت ومحبيه سيموتون واعدائه سيموتون، واخشى ما اخشاه عندما يموت سيرحل بلا بديل وستصنع المكائد هل مات حقا أم انه لا يموت.
طفلا وشبلا قاتل وعافر شابا شجاعا تقدم الصفوف اخطأ وأصاب تعلم وهاجم ودافع ولم يتراجع لم يتخلى عن وطنه غائبا حاضرا بكل تفاصيل البلاد والعباد فأين البديل.
للمرة المليون ومئة تحاربوه بحجة انه لا يفرض علي الوطن دحلان، وكلما طالب الفلسطينيين حياة كريمة يطل علينا من تضررت مصالحه بأن كريمة ليست حياة ثم يلمع اسم الدحلان فيخرج المرتجفون الذين تاجروا بكل مقدرات شعبنا الصابر ليخبرونا لا تقبلوا بفرض الأجندة الخارجية عليكم.
ثم يقتنع المستمع انه لم تأتي خيباتنا من الأعداء وتزداد شعبية الدحلان، ولا نعلم من هم أصحاب الأجندة الخارجية، الذين قالوا لن نقبل الا بانتخابات ومن الذي عرقلها، الذين أرادوا توحيد صفوف حركة فتح ومن الذي عرقلها، الذين أرادوا تعديل مسار منظمة التحرير ومن الذي عرقلها، الذين صرخوا غزة الي اين…؟
وماذا بعد …..
تهجير ام الاستمرار بالتدمير
لقد انحنت ظهور الرجال بعد الحرب الاكتوبرية لا وصف لمعاناتهم اليومية لتوفير أدنى مقومات الحياة، وتسيد التجاعيد ملامح الصغار وشابت رؤوس الشباب من قسوة التفكير، وأسودت وجوه النساء من حرارة الخيام والكل يبحث عن مخرج، وتتهاوى طاقتنا يوماً بعد يوماً وأصبحت اجسادنا هشة هزيلة من الركض في الطرق الخاطئة.
فاتركوا الشعب يختار من يمثله وانصرفوا عن حاضرنا
بالأمس غردتم الدحلان منشق ولا يسمح بعودته وبعدها يتبع اجندات خارجية ومن ثم خارج ارض الوطن، طاش سهمكم وكشفت حقيقتكم بأن خصومتكم كانت مقصودة لانتماء الدحلان لغزة وتقديم الخدمات لأهلها بشكل مستمر وفي أصعب الظروف وأكثرها قساوة.
من الغباء أن تستمر بمعاداة شخص له بكل شارع محب لقد نضج دحلان ونضج شعبه وكل ماضي أصبح ماضي والحاضر دحلان حتي ونحن نعلم أنه سيرفض الماضي والمستقبل ونكذب انفسنا دوما فلا حاضرا سواه ولا حلاً بغيره.
لم يبقي وقت للعتب والعتاب انتهي زمن الكذب علي شعوبكم اليوم، يوم العمل يوم الجد والاجتهاد يوم الوقوف مع المظلومين من شعبكم، كفاكم الخوض في تجارب خاسرة ارجعوا لشعبكم واحتضنوا جرحه وكفكفوا دموعه وقتها سيكون البديل انتم ولن يكون هناك أي دحلان.
القادة الحقيقين يظهرون في وقت الازمات اما وقت الهدوء فكل الناس قادة، لم يساعد الدحلان بأن يكون الرجل الأول بكل الساحات سوي خصومه فحقا له ان يشكرهم، لقد رموه بالباطل حتي استيقظ الحق مزمجرا فالعدالة قد تنام ولكنها أبداً لا تموت.
دحلان جذوره في فلسطين وشريانه في الامارات وقلبه بالعروبة ينبض فمن لم يتخلى عنا بحكم او بدون حكم وبحرب وبلا حرب لن نتركه وحيدا للوجوه السمان.