غيتو” الصهيونية الدينية الجديد، بقلم : موفق مطر
نشر خبر قبل أيام نقلا عن صحيفة اسرائيلية، حول جهود نواب من ائتلاف الصهيونية الدينية في حكومة منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية، لجمع 61 صوتا من اعضاء الكنيست، والهدف تقديم مشروع قانون يمنع حكومة اسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية! ونشر في سياق الخبر أيضا تحليل مفاده ان القانون- اذا اقره الكنيست– فإنه سيشكل احراجا لواشنطن، قبل وقوف رئيس حكومة منظومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على منصة مجلس النواب الأميركي لإلقاء خطاب في الرابع والعشرين من يوليو/ تموز الحالي، بناء على دعوة رسمية من الكونغرس الأميركي، وقع على رسالتها مايك جونسون رئيس مجلس النواب (جمهوري) وتشاك شومر رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ وميتش مكونيل رئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ وحكيم جيفريز رئيس الديمقراطيين في الكونغرس، ونشر الخبر وسط تضارب في الأنباء حول لقاء قد يجمعه مع الرئيس الأميركي جو بايدن، لكن اللافت اختفاء الخبر، دون منحه الاهتمام والتركيز والنقاش، وكأن أمرا قد صدر بمنع تداوله، أو انه كان مجرد بالون اختبار لقياس رد فعل الادارة الأميركية التي لم يصدر عنها أي تصريح بالخصوص، والسؤال الآن بشقين: ماذا وراء مشروع القانون المفترض وأهدافه؟ وما تأثيراته المباشرة علينا؟!
لا نرى في خلفيات مسعى حكومة الصهيونية الدينية التي اطلقت حملة الابادة الجماعية الدموية التدميرية على شعبنا متذرعة بـ 7 اكتوبر الحمساوي، سوى محاولة لتجسيد الهدف الأول والأخير لحملة الابادة، وهو منع قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، ومنح هذا الهدف صيغة قانونية، قد يضع الحكومات الاسرائيلية بعد هذه الحكومة في مأزق مع الشرعية الدولية، حيث باتت دولة فلسطين تحظى باعتراف 149 دولة من اصل 193، ومع الولايات المتحدة الأميركية التي رغم استخدام الفيتو على عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، إلا أن الموقف الأميركي الرسمي المعلن يقر بحل الدولتين، ولكن على أن يكون نتيجة مفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك حق كل دولة بالاعتراف بدولة فلسطين باعتباره قرارا سياديا!
أما الاتحاد الأوروبي فموقفه أوضح وأدق خاصة أن دولا وازنة وذات ثقل في سياسة الاتحاد قد اعترفت بدولة فلسطين، فيما حكومات عربية بررت التطبيع مع دولة الاحتلال (اسرائيل) على أساس أنه مسار سيؤدي الى اعتراف اسرائيل بدولة فلسطين! ستجد نفسها في موقف سياسي لا تحسد عليه !
ونعتقد أن قراءات اسرائيلية دقيقة لتداعيات هكذا قانون قد تكون وراء التعتيم المقصود، وربما الى حين انتظار حيثيات ونتائج زيارة نتنياهو لواشنطن .. لكن ما تأثير القانون المفترض وانعكاساته علينا؟ فإن الجواب واضح تماما في حملات الاحتلال العسكرية القاتلة والمدمرة لجيش الاحتلال، وجرائم حرب تنظيمات المستوطنين المسلحة المسنودة من حكومة الصهيونية الدينية في انحاء الوطن (فلسطين التاريخية والطبيعية) وفي حملة الابادة الجماعية ضمن حدود ارض دولة فلسطين المحتلة منذ سنة 1967، مع التركيز على اعمال وبرامج تهويد القدس، وتشديد الحصار على أكثر من مليوني مواطن فلسطيني في ارض فلسطين المحتلة سنة 1948 بقوانين عنصرية تمييزية ومثالها ” قانون القومية”.. ما يعني أن القانون اذا تم اقراره فهو اعلان مباشر صريح لا لبس فيه أبدا عن مسؤولية منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية (اسرائيل) عموما، والصهيونية الدينية تحديدا عن اغتيال فكرة وعملية السلام، وإبقاء بوابات الصراع الدموي مفتوحة على مصاريعها، ومنح التيارات والجماعات الارهابية المستخدمة للدين (اليهودية والاسلاموية) على حد سواء، فرصة السيطرة على كابينة الحرب الدينية التي لن تبق وجه حياة على هذه الأرض المقدسة، وسيعلم الاسرائيليون ولو بعد حين، أن ثلاثي الارهاب الديني (نتنياهو وبنغفير وسموتريتش) السبب المباشر في اعدام فرص السلام، ودفعهم الى (غيتوات جديد) – جمع غيتو – في العالم أسوأ مما حصل لهم في اوروبا سابقا، أما نحن الشعب الفلسطيني فإننا باقون كما كنا بالأمس واليوم وغدا حتى الأبد، على أرض وطننا التاريخي والطبيعي فلسطين، ولن نهاجر، لا نستجدي الاعتراف بحقنا في قيام دولتنا ممن يستعمرنا، ويدمرنا ويرتكب جرائم الحرب وضد الانسانية بحقنا، فنحن ننتزع حقنا انتزاعا بالوسائل المشروعة في القوانين والمواثيق الدولية، على رأسها المقاومة الشعبية السلمية، ولا ننتظر منة أو وعدا من أحد.