تكاد تكون النظرة لدى عموم الرجال حول المرأة هي نظرة سلبية بأكثر الأحوال وهذا ما يشجع ذوي الخلل في الوعي والتقييم للمرأة دون أي منطق عادل. فبدون أدنى شك ، المرأة والرجل هما جناحا الحياة وبدون تعاون أحدهما للآخر لا ولن تستقيم مسيرة التواجد فيها.
ففي عصر تساوت فيه المرأة مع الرجل علمياً وعملياً ، و ربما أصبحت تتقدمه و تترأسه في كثير من ميادين العمل ، و كذلك من الناحية العلمية نجد النساء أصبحن يتحصلن على الشهادات العليا في شتى الميادين ، ولا نستطيع أن ننكر أن العلم لا يرتقي بصاحبه و يرفعه ، أو ندعي جُزافا أن الشهادة العليا في الغالب لا ترتقي بعقلية صاحبها .
فلماذا أيها الرجل العربي ” المسلم ” نظرتك للمرأة في أيامنا هذه سواء كانت متعلمة أم غير متعلمة هي نظرة احتقار كبرى ؟! ولماذا تسفه منها و من طموحاتها ؟! فمن الذي لا عقل له و لا دين إلا الدواب ” أكرمكم الله ” ؟! هل لو كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم بيننا سيرضى عن هذه النظرة التي يظهرها البعض و البعض الآخر من الرجال يضمرها و يبطنها لكنه يكنها للمرأة عموما ؟!
أما إن حسُنت نظرة الرجل الشرقي للمرأة و كُللت بأكاليل المدح والثناء و حازت هذه التعيسة على صكوك الرضا و الغفران من ذاك الرجل و من غيره من الرجال فلن تتجاوز أن تكون في نظره ” متاع ” و فقط ، و قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم ” خير متاع الدنيا امرأة صالحة ” لا يدل بأي حال من الأحوال أن المرأة برمتها متاع و لم يخلقها الله إلا لإمتاع الرجل بل على العكس تماما .. حيث قال النبي أيضا ” إنما النساء شقائق الرجال ، ما أكرمهن إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم ” مما يؤكد أن حصر دور المرأة على إمتاع الرجل باطل ، و إن الرجل العربي استدل بالحديث الأول ليشرع لنفسه و لغيره ” احتقار المرأة ” أولا ، كذلك ليحصر أدوارها فبالتالي يهيمن عليها و يُحكم القبضة عليها و على تفكيرها ، فأدوارها في هذه الحياة كثيرة ومتعددة و لا يستطيع أحد أن يحصرها فهي ذروة البيت وسنامه فإن غابت عن هذا البيت سقط هذا البيت على رؤوس أصحابه ، و هي المربية والمعلمة لأولادكم .. و هي المطببة لنسائكم .. وهي الداعية المبصرة لشبابكم وهي من لها من طيب الكلام كثير ، فالمرأة يا سادة هي الأم و رفيقة الدرب والسكن و الابنة و الأخت والزميلة والصديقة و كذا الأخت في الله ، فلمَ هذه النظرة لها و النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول ” خيركم خيركم لنسائه ، و أنا خيركم لنسائه ” بمعنى آخر مقياس صلاح الرجل ومقياس خيرته في هذه الدنيا هو المرأة ” فإن أحسن لها كان ” رجلاً ” وإن أساء لها كان ما كان …!
فلا يستطيع أحد أن ينكر أن المرأة في زماننا تتحمل أعباء لا تتحملها الجبال ما بالنا الرجل .. وكثيرا ما نرى الرجل قابعا في البيت و المرأة هي التي تعمل و تجلب المال ، ومع كل ما أوكلت لها من أعباء كالحمل والولادة وتربية الأولاد نجدها أيضا تعمل من أجل إسعاد أسرتها ، فهل هذه المرأة تستحق من الرجل نظرة الاحتقار هذه والازدراء التي تبناها جُل الرجال في وطننا العربي ؟! سواء كان هذا الرجل مثقف أم غير مثقف ، أو ما كان عليه من الصفات الحميدة ، لابد أن نرى هذه النظرة بين طيات الكلام وفي بعض المواقف.
يجب أن يُنظر للمرأة بعين الإنسان السامي لتتضح حقيقة تكاملها و حقوقها و حريتها. ينبغي أن يُنظر للمرأة ككائن يستطيع أن يكون سبباً في صلاح المجتمع و تربية أفراد متسامين ، ليتضح ما هي حقوق المرأة و كيف يجب أن تكون حريتها. ليُنظر إلی المرأة باعتبارها العنصر الرئيس في تشكيل العائلة. فالعائلة مع أنها تتشكل من الرجل و المرأة و كلاهما يساهم و يؤثر في تشكيل العائلة و إيجادها ، بيد أن السكينة في أجواء العائلة و الهدوء و السكون السائد في المنزل إنما هو ببركة المرأة و الطبيعة النسوية . يجب أن يُنظر للمرأة من هذه الزاوية ليتجلى كيف تحرز الكمال و ما هي حقوقها.
فالمرأة في زماننا تستحق جُل الاحترام و التقدير ، لأنها باختصار تحملت دورها ودور غيرها ، ومن يُنكر ذلك فكأنه يعترف بشكل ضمني أنه أثقل من حوله من النساء بأدواره و ألقى عليهن مسؤوليات كثيرة و بعد ذلك احتقرهن لكي يحافظ على نظرته الشرقية لذاته ، فبدلا من أن يقوم بأدواره في الحياة كي يحصل على التقدير الذاتي و تقدير من حوله ، استمر في إلقاء كل شيء على هذه المرأة المسكينة و بعد ذلك احتقرها كي لا يشعر أنها أفضل منه ، و لا أقول إلا كما نقول في بلادنا المأسورة (بلاد الشام) في ظل ما تعيش من أحداث مأساوية ” يا حيف عالرجال ” .
أمي ، أخواتي ، صديقاتي ، زميلاتي ، أخواتي في الله ، وكلّ من كان لي لديهنّ بخت ونصيب ! أيّتها الجميلات الرائعات البديعات المضحّيات المتمكّنات المناضلات ، عزّنا وفخرنا وتيجان رؤوسنا وقمح خبزنا وروح أرواحنا .. !
أخجل من نفسي وتهتزّ خوالجي ويصيب فكري الغثيان وأنا أذكركن ّ في هذه الايّام التي تحتفلن بها بيومكن وعيد أُمومتُكُن ..
أخجل منكنّ وأستحي من أن أقول لكنّ ” حبيباتي ” يا كلّ حبيباتي !
غير أنّني أرى في عيونكنّ ، بسماتكنّ ، جدائلكن رغم الحزن المخيّم بدل الفرحة ما يحرّك ساكني ويدعوني إلى… الأمل والتفاؤل ….
ذُمتُن نساء فلسطين والعالم العربي والإسلامي بكل الخير ..