أسباب 7 تشرين الأول-أكتوبر2023 “طوفان الأقصى” بقلم : هديل ياسين
شهد الصراع العربي الإسرائيلي الكثير من المراحل التي تغيرت فيها الأسباب، منذ السيطرة على الأراضي الفلسطينية التاريخية عام 1948، من قبل الكيان الصهيوني، حيث يشهد الميثاق الأول لحركة حماس الصادر عام 1988، الدعوة المؤكدة من أجل القضاء على إسرائيل وحل القضية الفلسطينية، منذ تأسيس حركة حماس.
حيث تعتبر دولة الإحتلال الإسرائيلي حركة حماس بأنها منظمة ارهابية يجب عزلها عن المجتمع الدولي، و وتقوية الحصار على قطاع غزة، حيث أنه ومنذ سيطرت حركة المقاومة الفلسطينية حماس على قطاع غزة عام 2007، خضعت الحركة للكثير من الحروب والحوادث العنيفة بين الطرفين، دون تحقيق فعلي و تغيير للواقع في قطاع غزة.
وعلى إعتبار ان حركة المقاومة الفلسطينية حماس تعارض المفاوضات والمبادرة والحلول السلمية، من أجل حل القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، حيث تعتقد الحركة أن حل القضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون إلا من خلال الكفاح المسلح، وفي صراعها مع الإحتلال الإسرائيلي لا يهدف إلى الصراع على الوجود فقط، بل أنّ حركة حماس تعارض المفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي، فقد قُبلَ إتفاق أوسلو عام 1993، بين السلطة الوطنية الفلسطينية وسلطة الإحتلال الإسرائيلي بالمعارضة من خلال حماس.
وبفعل الممارسات الإسرائيلية المستمرة، والإنتهاكات الدولية لحقوق الإنسان من قبل سلطة الإحتلال الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني والمقدسات الفلسطينية، وفي ظل الحصار الطويل على قطاع غزة، إلى جانب رفض الحلول الإسرائيلية والأمريكية، والتطبيع العربي الإسرائيلي وغيرها من الأسباب، إنطلقت عملية طوفان الأقصى، كرد على الممارسات والإنتهاكات الإسرائيلية، وبالتالي تعتبر عملية طوفان الأقصى، أحد أهم الأحداث الإستراتيجية الفلسطينية، الغير مسبوقة في تاريخ النضال الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، حيث ومنذ وجود الإحتلال الإسرائيلي الصهيوني للاراضي الفلسطينية عام 1948، تؤسس الحركة أيديولوجية من أجل التغيير السياسي الذي، حاولت من خلاله سلطة الإحتلال الإسرائيلي العمل على تكريسه في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005.
وبالتالي هناك علاقة بين تنفيذ وأسباب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، والممارسات والسلوكيات الإسرائيلية، إلى جانب المخططات الصهيونية لعمليات الإعتقال والاغتيال والتهويد وزيادة التوغل والحصار تجاه الشعب الفلسطيني.
ووفقا ً لمجموعة من التصريحات الرسمية السياسية عن أسباب عملية طوفان الأقصى، والتي أطلقتها حركة المقاومة الفلسطينية حماس ضد سلطة الاحتلال الإسرائيلي، فقد أعلن محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام، في الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية بدأ عملية الطوفان، حيث قال “نعلن معركة طوفان الأقصى بضرب مواقع العدو وتحصيناته، بأكثر من 5000 صاروخ وقذيفه، والتي جاءت رداً على المجازر التي إرتكبها جيش الإحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، حيث أنه وسبق تحذير العدو من قبل، بفعل إنتهاكات المسجد الأقصى، إلى جانب إنتهاك حريات حقوق الأسرى، وزيادة بطش المستوطنين في الضفة الغربية والقدس.”
وفي لقاء مع الجزيرة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس “صالح العاروري” والذي وضح فيها أسباب عملية طوفان الأقصى “أن العملية جاءت إستباقاً للهجوم التي كانت تنوي إسرائيل على شنه على قطاع غزة فور إنتهاء الأعياد اليهودية”
كما أوضح الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ان سبب تنفيذ عملية طوفان الأقصى، “يعود إلى الحصار الطويل على قطاع غزة، وزيادة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية بشكل كبير في الفترات السابقة، في ظل عمليات الإنتهاك المستمرة للشعب الفلسطيني من قبل سلطة الإحتلال الإسرائيلي، إلى جانب ملفات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية”
كما أوضح أنطونيو غوتيرش. في مجلس الأمن الدولي “الشعب الفلسطيني يخضع لإحتلال إسرائيلي طويل الأمد يمتد لعقود طويلة، مع التأكيد على أن هجوم حركة حماس لم يأتي بدون أهداف أو دون أسباب مؤكدة وحتمية”
كما أكدت وثيقة حماس، عملية طوفان الأقصى كانت من الخطوات الضرورية من أجل الإستجابة للممارسات والإنتهاكات الإسرائيلية، ومواجهة المخططات الإسرائيلية التي تهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية التاريخية، والعمل على تهويد القدس وفلسطين، إلى جانب إنهاء الحصار على قطاع غزة، كما أنها أكدت على أن هذه العملية هي ضرورية وطبيعية من أجل التخلص من الإحتلال الإسرائيلي، والعمل على إستعادة الحق الوطني الفلسطيني من خلال التأكيد على الإستقلال والحرية كباقي دول العالم، مع التأكيد على حق الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
حيث إعتبرت حركة المقاومة الفلسطينية أن المعركة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، هي معركة قديمة جداً، ولم تبدأ في السابع من أكتوبر وإنما منذ ما يزيد عن مئة عام.
وبناءً على ذلك هناك الكثير من الاسباب، بفعل التوتر بين الإسرائيليين والشعب الفلسطيني، حيث أن الإعلان عن بدء عملية طوفان الأقصى من قبل حركة المقاومة الفلسطينية، كانت كرد فعل عن الإنتهاكات المتواصلة، وكذلك السياسات والمخططات الإسرائيلية التوسعية القائمة في الضفة الغربية، والتنكيل بالمسجد الأقصى والمقدسات الفلسطينية، ومن أجل المخططات الإسرائيلية للتقسيم المكاني والزماني، والعمل على بناء الهيكل، فإن أهم الأسباب التي دفعت حركة المقاومة لتنفيذ عملية طوفان الأقصى يمكن حصرها كالتالي:
زيادة الإنتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أن المجتمع الإسرائيلي في الآونة الاخيرة يتجه نحو اليمين المتطرف بشكل كبير، الأمر الذي أثر على المؤسسات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على الشعب الفلسطيني، بفعل إرتفاع وتيرة الإنتهاكات والممارسات والمجازر ضد الشعب الفلسطيني، والتي تتمثل من خلال الإقتحامات المستمرة للقرى و المدن والبلدات الفلسطينية، إلى جانب التوسع الإستيطاني في الضفة الغربية، والممارسات الغير إنسانية والإنتهاكات المستمرة بحق الأسرى داخل سجون الإحتلال الإسرائيلي، أما بما يخص الشأن في قطاع غزة، إن إستمرار الحصار على القطاع منذ ما يزيد عن عشرات السنين، و تفاقم الأزمة الإنسانية و المعيشية في القطاع، زاد من الثأر الفلسطيني، وبالتالي يمكن إعتبار أن عملية طوفان الأقصى كانت نتيجة للإعتداءات المستمرة التي تمارسها حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي، والتي تدعم الاستيطان، وتدعو إلى التنكيل بالشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى إستباحة الأراضي والمصادر والتهويد.
كذلك تعتبر الإنتهاكات ضد المقدسات الفلسطينية والمسجد الأقصى، أحد أهم الأسباب ودوافع عملية طوفان الأقصى، حيث أن المقاومة الفلسطينية كانت تتابع بشكل مستمر الممارسات الإسرائيلية بحق المقدسات الفلسطينية والمسجد الأقصى في الفترة الاخيرة، وما قبلها، بفعل الإنتهاكات المستمرة لباحات المسجد الأقصى، و عمليات الإعتقال والأبعاد والهدم، والممارسات المتكررة لليمين المتطرف بالدخول إلى باحات المسجد الأقصى، إلى جانب المخططات الإسرائيلية من اجل فرض السيادة على المسجد الأقصى ومقدساتها، والتخطيط من أجل بناء الهيكل المزعوم.
كذلك تعتبر معاناة الأسرى و قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أحد اهم الأسباب للهجوم ، بحيث تعمل سلطات الإحتلال الإسرائيلي في الآونة الاخيرة، قبل طوفان الأقصى على العمل بتقليص حقوق الأسرى الفلسطينيين بشكل ممنهج، والتنكيل بهم، لاسيما القرارات الإجرامية ضد الأسرى الفلسطينيين، والتي على أثرها حذرت المقاومة الفلسطينية الجانب الإسرائيلي قبل عملية طوفان الأقصى، بأن حركة المقاومة الفلسطينية لن تصمت عن الإنتهاك بحق الأسرى، إلى أنّ سلطة الإحتلال الإسرائيلي لم تأبه بالتحذيرات التي قدمتها فصائل المقاومة الفلسطينية.
إلى جانب الرفض الإسرائيلي لعمليات تبادل الأسرى، مستغلة بذلك ضعف القضية الفلسطينية في المنطقة العربية، بفعل عمليات التطبيع والعلاقات المتبادلة مع الدول العربية و الجانب الاسرائيلي.
إلى جانب ذلك تعتبر عملية التطبيع بين الدول العربية و الجانب الإسرائيلي وخاصة المملكة العربية السعودية، في ظل عرقلة المشاريع الأمريكية الصهيونية، مثل صفقة القرن، بحيث شهدت المنطقة الإقليمية والدولية في الفترة الاخيرة، الكثير من المشاريع من أجل إعادة رسم الخريطة الإسرائيلية في منطقة الشرق الاوسط، مثل مشروع صفقة القرن، ومشروع السلام الإبراهيمي.
وبذلك كان الدوافع من عملية طوفان الأقصى، بشكل أساسي تهدف إلى عرقلة المشاريع الأمريكية الإسرائيلية، في ظل إحتمالية التطبيع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والسعودية، والذي أعلن أعلن وزير الخارجية الأمريكية بعد عملية طوفان الأقصى.
وتعتبر عملية التوسع المستمرة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية أحد أهم الأسباب التي أكدت عليها المقاومة، ودعت الحكومة الاسرائيلية على التوقف بشأنها، على الرغم من أن الأمم المتحدة تعتبر أن وجود المستوطنات على الأراضي الفلسطينية وهو أمر غير قانوني بموجب مبادئ القانون الدولي.
حيث أكد أحد القادة في حركة حماس أن الشعب الفلسطيني تخشى من أن تكون المخططات الإسرائيلية تهدف إلى طرد الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية، حيث أن الحكومة الإسرائيلية قبل عملية طوفان الأقصى بفترة قصيرة جندت حوالي30 كتيبة من جيش الإحتلال الإسرائيلي في أراضي الضفة الغربية، بفعل ردع الشعب الفلسطيني للتصدي للممارسات الإسرائيلية وممارسة المستوطنين، وتمهيداً لاقتحام المستوطنين للمدن والقرى والبلدات الفلسطينية.
وإلى جانب ذلك أيضاً شكل الإستغلال والإنقسام الدولي بين الدول المهيمن خلال الحرب الروسية الاوكرانية، في ظل الإزدواجية في المعايير التي تتعاطى بها الدول الغربية مع النزاع الروسي الأوكراني، على إعتبار أن أوكرانيا من الدول المحتلة، وتم العمل على إنتهاك سيادتها، وفي ظل الموقف الدولي وهيئة الامم المتحدة والدول المهيمن على الغرب من الإحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، والإنتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، لذلك توجهت إنتقادات فلسطينية ودولية في ظل الإزدواجية في المعايير، إلى جانب موقف سلطة الإحتلال الإسرائيلي من النزاع الروسي الأوكراني، حيث عملت إسرائيل على إستغلال المشهد الدولي والأزمة الاوكرانية من أجل ممارسة الإنتهاكات والإعتداءات ضد الشعب الفلسطيني، مستغلة بذلك محاولة التوسط بين روسيا وأوكرانيا من أجل إستقطاب عدد كبير من اليهود في أوكرانيا إلى الدولة الإسرائيلية، مقابل حياد أوكرانيا، إلى جانب الغياب الدولي عن القضية الفلسطينية، بسبب غياب التسوية السياسية الحقيقية، لأنها اللجنة الرباعية الدولية لم تنعقد.
وفي ذلك فإن القضية الفلسطينية سوف تتأثر بشكل سلبي، في ظل الهيمنة الأمريكية، من خلال التنبؤ بالسيناريوهات المحتملة للنزاع الروسي الأوكراني، إتخذت حركة المقاومة الفلسطينية سيناريو خروج روسيا من الحرب، وبالتالي زيادة النفوذ الروسي في المجتمع الدولي، وبالتالي تَشكيل مستقبل جديد للنظام الدولي يقوم على التوازن، وبالتالي يصبح ذلك في مصلحة القضية الفلسطينية، بحيث أن المقاومة في المجتمع الفلسطيني إلى جانب قطاع غزة، سوف يغير رأيي المجتمع اليهودي في أوكرانيا، وبالتالي تُجبر إسرائيل على تقديم التنازلات.
وإلى جانب الأسباب، هناك أهداف استراتيجية لحركة المقاومة الفلسطينية من عملية فإن الأقصى، حيث أن الحركة تؤكد أنها تهدف إلى التخلص من الإحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، إستعادة أراضي فلسطين التاريخية، وعودة اللاجئين بشكل كبير، وبناءً على الأسباب، تكمن أهداف المقاومة في تحجيم الممارسات الإسرائيلية، وإيقاف الإنتهاكات الإسرائيلية، وشل سلوك الإحتلال الإسرائيلي في الممارسات التي يقوم بها بحق الشعب الفلسطيني من الإغتيال والإعتقال والتهويد والتوغل وزيادة الإستيطان والحصار المستمر على قطاع غزة، كما أن المقاومة اختارت تفعيل السلاح والمقاومة، في ظل تجاهل المقاومة في قطاع غزة، حيث أدى إنسداد الآفاق السياسية إلى زيادة الشعبوية للمقاومة الشعبية، و وبالتالي زيادة الاهداف من أجل تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني والتخلص من الاحتلال الإسرائيلي.
وبالتالي تكمن الدوافع الداخلية لحركة المقاومة الفلسطينية، في السعي من أجل التخلص من الطوق السياسي والإقتصادي في قطاع غزة، و والضفة الغربية، خاصة بعد التطبيع العربي الإسرائيلي، بحيث أن حركة المقاومة الفلسطينية حماس لم تعد ورقة الضغط الوحيد على سلطة الكيان الإسرائيلي، بل يجب أن يتم تقديم الدعم لها من المجتمع العربي، إلى جانب إعادة تسليط الأضواء على حركة المقاومة الفلسطينية، من خلال إكتسابها المزيد من الشعبية على المستوى الداخلي والخارجي، في العالم العربي والإسلامي، من خلال تصريح واضح وعلمني بأفعال سلطة الاحتلال الإسرائيلي.