تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة ، بقلم : رحاب العامور
تصدّرت الحرب صفحات التاريخ عبر مشاهد للدمار والخراب، ولكن تأثيرها لم ينحصر في تأثيراتها على الأبدان والحياة فحسب، بل امتد ليطال كياناتنا وثقافتنا وتعليمنا. فالحروب تحلّ كعواصفٍ عاتية تُهدّد بجرف ما أسسناه من تعليم وعلم.
وفي هذا السياق، تعود الأحداث لتسرد لنا مأساةً جديدة، تلك التي جاءت مع حرب غزة. لم يقتصر تأثير هذه الحرب على سفك الدماء وتدمير البنى التحتية فحسب، بل طال أيضًا كل جوانب الحياة والمجتمع، بما في ذلك أركان العملية التعليمية في بلادنا، فتعرضت لهجومٍ قاسٍ أخذ يهدد مستقبل الجيل القادم.
تأثير الحرب على التعليم في غزة واضح للعيان، فمع التدمير الشامل الذي ألحقته آلة الحرب بالمجتمع، انهارت المنظومة التعليمية بفعل هذه الحرب، التي دمرت المساكن والمباني التعليمية من جامعات ومدارس وحتى رياض أطفال، ولم تُبق شيئاً، فقتلت أحلام الطفولة، وأحلام كل طالب، ولم تبق شيئاً سوى الدمار.
حالات اكتئاب، وصدمات نفسية، هذه الآثار التي ستعيش مع طلاب غزة وأطفالها وترافقهم مدى العمر، إنها تداعيات الحرب الطويلة، التي سيحملونها طوال السنين مع كل ما صاحبها من ذكريات أليمة.
تضافرت آثار الحرب مع تداعيات جائحة كوفيد-19، لتخلق صورة مأساوية للوضع التعليمي في الضفة الغربية وغزة. فمنذ اندلاع الحرب، شهدت المدارس إغلاقات متكررة وتوقفًا عن الدراسة بشكل متقطع، مما أثر سلبًا على استمرارية العملية التعليمية، ومستوى التعلم للطلاب. لقد تحوّلت المدارس إلى مواقع للاجئين ومأوى للنازحين في غزة، كما أصبحت تعكس صدى أصوات الحزن والصمت في الضفة الغربية.
حيث يقدر عدد الطلاب في الضفة الغربية بنحو 1.3 مليون طالب. كما تضم الضفة الغربية ما يقارب 2600 مدرسة ومؤسسة تعليمية.
في ظل هذه الظروف الصعبة، تحوّلت التقنية إلى أداة ضرورية لاستمرارية التعليم، لكن الواقع المرير يكمن في أن العديد من الطلاب، يعانون من صعوبات في الوصول إلى التكنولوجيا الضرورية للتعلم عن بُعد، مما أثر على جودة التعليم، وتمكّن الطلاب من متابعة دراستهم بشكل فعّال.
وعلى الرغم من كل ذلك، كان ضرورياً الاعتماد على التعليم عن بُعد، لضمان استمرارية التعليم، وحماية الطلاب والكادر التعليمي، في ظل الاجتياحات، والإغلاقات المفروضة على المدن في الضفة، والحرب على غزة، إضافة إلى الحواجز وسائر أشكال التضييقات.
لم تقتصر آثار الحرب على الأضرار المادية والتعليمية فحسب، بل تعدّت لتطال الجوانب النفسية والاجتماعية للطلاب. فمن خلال تجارب الخوف، والقلق والضغط النفسي، يعاني الطلاب من اضطرابات في التواصل، والاندماج الاجتماعي، مما يؤثر سلباً على تطويرهم الشخصي والعاطفي.
منذ اندلاع الحرب، مرّت الطرق التقليدية للتعليم بتحول جذري. حيث أضحت المدارس تعتمد بشكل أساسي على التعليم عن بُعد، ما جعل الحقوق الخاصة بالتعلم والتعليم أكثر أهميةً من أي وقت مضى. ولكن الواقع المرير يكمن في أن العديد من الطلاب لا يستطيعون توفير المعدات والأدوات التكنولوجية اللازمة للتعلم عن بُعد، ما يجعلهم عرضة لخسارة الوصول إلى التعليم.
بجانب الضغوط النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الطلاب والمعلمون، فإن الوضع الاقتصادي الذي نجم عن الحرب يضيف أعباء ثقيلة على الأسر والمدارس على حد سواء. إغلاق الاحتلال للطرق والحواجز العسكرية يزيد من تكاليف المواد التعليمية والتكنولوجيا، مما يجعل الوصول إلى التعليم بمثابة تحدٍّ مستمر.
إلى جانب التحديات التعليمية والاقتصادية، فإن الحرب على غزة تركت آثارًا نفسية، واجتماعية خطيرة على الطلاب في الضفة الغربية. فقد تعرض العديد منهم لصدمة نفسية، بسبب الأحداث القاسية، والخسائر المأساوية التي شاهدوها، مما أثر بشكل كبير على صحتهم النفسية، واستقرارهم العاطفي. كما زادت التوترات النفسية، من صعوبة التركيز، والانخراط في العمل الدراسي، مما تسبب في تراجع أدائهم الأكاديمي، وتدهور مستواهم التعليمي.
ومن هنا، وحفاظاً على الحق في التعليم، لا بد من أن نحافظ على حقوق طلابنا في جعل التعليم شاملاً وليس مقتصراً على البعض، وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل أساسية، وهي:
- ضرورة توفير التكنولوجيا والإنترنت للطلاب الذين يعانون من صعوبات في الوصول إليها.
- إطلاق حملات توعية ودعم نفسي للطلاب للتعامل مع آثار الحرب النفسية.
- تقديم دورات تدريبية للمعلمين لتطوير مهارات التعليم عن بُعد.
- توفير برامج دعم اجتماعي للطلاب للتغلب على الصعوبات الاجتماعية التي تنتج عن الحرب.
مع الاهتمام المتزايد بالحقوق التعليمية والاقتصادية، يمكن أن نتطلع إلى مستقبلٍ يوفر فرصاً متساويةً للتعلم والنجاح لجميع الطلاب في الضفة الغربية، بغض النظر عن التحديات التي تواجههم.
تضافرت آثار الحرب مع تداعيات جائحة كوفيد-19، لتخلق صورة مأساوية للوضع التعليمي في الضفة الغربية وغزة. فمنذ اندلاع الحرب، شهدت المدارس إغلاقات متكررة وتوقفاً عن الدراسة بشكل متقطع، ما أثر سلبًا على استمرارية العملية التعليمية، ومستوى التعلم للطلاب. لقد تحوّلت المدارس إلى مواقع للاجئين ومأوى للنازحين في غزة، كما أصبحت تعكس صدى أصوات الحزن والصمت في الضفة الغربية.