امتحان عالمي للإدارة الأميركية بسؤال واحد، بقلم : موفق مطر
ستدخل إدارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن امتحانا في الثامن عشر من هذا الشهر، للإجابة بنعم أو لا على سؤال واحد، في مادة السياسة الأخلاقية: هل ستعترف الولايات المتحدة الأميركية بحق فلسطين بالحصول على عضوية كاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟!
فشعوب ودول العالم تنتظر لحظة ثبات توازن هذه الدولة العظمى، للتكفير عن نهج استعماري كنا نحن الشعب الفلسطيني ضحيته، منذ وعد بلفور البريطاني في الثاني من نوفمبر / تشرين الثاني سنة 1917 بشكل مباشر، عندما تدخلت الولايات المتحدة الأميركية حينها بصياغة كل كلمة في هذا الوعد، الصادر عن وزير خارجية المملكة المتحدة (بريطانيا العظمى) عندما منح المنظمة الصهيونية بعد عشرين سنة على مؤتمرها في بازل سنة 1897، وعدا لليهود بمنحهم وطنا في فلسطين، رغم أنها الوطن الأزلي للشعب الفلسطيني، ومنصوص على ذلك بالكتب المقدسة، ومدون في أمهات كتب التاريخ، وأطالس الجغرافيا الطبيعية والبشرية، وكتب الحضارات الإنسانية، فنحن لا نطلب من البيت الأبيض وعدا، وإنما الإقرار بحقنا التاريخي والطبيعي في أرض وطننا فلسطين، لذلك وصفنا هذا الإقرار بالامتحان السياسي الأخلاقي، لأن الولايات المتحدة الأميركية ستسجل سابقة في تاريخ سياستها الخارجية، إن قرنت فعلا الأقوال بالأفعال صراحة، بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967، أو دون استخدام الفيتو في مجلس الأمن الذي سيجتمع في 18 نيسان / أبريل الحالي على المستوى الوزاري، حيث سيناقش الواقع في الشرق الأوسط، ومركز القضايا فيه، الحق الفلسطيني (قضية فلسطين)، وإيقاف إطلاق النار فورا في غزة، وإنقاذ ملايين المواطنين الفلسطينيين هناك وإدخال المساعدات الإنسانية بالكميات اللازمة لهم، ولقطع الطريق على مخطط التهجير القسري، وكذلك البت بطلب فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حسب الرسالة المشتركة التي نجحت القيادة الفلسطينية بصياغتها، وفق أصول النضال الوطني الدبلوماسي في المحافل الدولية بعد مشاورات مع دول أعضاء في مجلس الأمن، واجتماعات للمجموعة العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز، ممهورة بثقل الـ 140 دولة المعترفة بدولة فلسطين كما أفاد المندوب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة الدكتور رياض منصور في حديث لتلفزيون فلسطين قبل ثلاثة أيام.
إذا نظرنا إلى قوة الشرعية العالمية الرافعة لمطلب فلسطين القانوني بعد 13 سنة من المطلب السابق في سنة 2011، وبعد 12 عاما من الحصول على عضوية دولة (مراقب) في الأمم المتحدة، سنرى أن الإدارة الأميركية ستكون في لحظة مواجهة حاسمة مع العالم، وليس مع فلسطين، فإما أن تختار الوقوف في جانب الشرعية الدولية وفق الحل على أساس دولتين، يفضي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران سنة 1967، وجانب القانون الدولي الذي قضى بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، أو تسقط بالوقوف في زمن البشرية الدموية، المتقاتلة، المتحاربة، المتصارعة، ونهج الاستعمار العسكري، والحرب والإبادة، والاستيطان، والعنصرية، ونموذجها المعاصر (منظومة دولة إسرائيل) ونعتقد أن اعضاء الكونغرس ألأميركي الحاليين كمن سبقهم ومن سيكون لاحقا تحت قبته، يدركون جيدا، أن العد التنازلي لعظمة دولتهم قد بدأ، وأن الدول في مسار التاريخ يجب أن تترك آثارا إنسانية مادية ملموسة (حضارية) أعظمها في القرن الواحد والعشرين المواقف الأخلاقية المنسجمة مع مبادئ الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة، فمظاهرات العمران بالاسمنت المسلح، أو بأي تكنولوجيا اخرى، لم تعد مبهرة في زماننا هذا، فالشعوب المحبة للسلام، وتدرك معنى الحرية والعدالة تراقب توجهات وقرارات قياداتها، وتدرك جيداً ان الانهيار يبدأ في اللحظة التي تتربع فيها المصالح الشخصية، والارتباطات بالمشاريع الاستعمارية، على حساب المصالح العليا للشعب ألأميركي، فمنظومة السياسة الخارجية للكونغرس، مزدوجة المعايير، فيها امكانية لاصطناع مبررات وذرائع، حسب الطلب، وليس حسب المبادئ التي تؤمن بها الأمة ألأميركية فعلا …فمصلحة الولايات المتحدة الأهم اليوم، هي احلال لاستقرار والأمان والسلام في الشرق الأوسط، ولا يمكنها ذلك دون الانتصار للشرعية الدولية والقانون الدولي، والحق الثابت للشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف بقيام دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وبذلك تسحب الولايات المتحدة الأميركية ذرائع دول وقوى وجماعات تتخذ من الحق الفلسطيني، مبررا إضافة إلى ذرائعها الخاصة، وتصب الزيت على نار منظومة الاحتلال (إسرائيل) الموقدة منذ انشائها، والنافخة بشرارها نحو كل اتجاه في المنطقة.