8:24 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

أميرة أشلاء تحت الركام، بقلم : ريما محمد زنادة

أميرة أشلاء تحت الركام، بقلم : ريما محمد زنادة

أميرة أشلاء تحت الركام، بقلم : ريما محمد زنادة

حاولت الاتصال في صديقتي الغالية أميرة تكرارا لكن دون جدوى كررت المحاولة في ارسال رسائل لعلها تصل إليها لكن كان الحال ذاته.

كنت في بداية الأمر أظن أنه لا يوجد إرسال أواسي بذلك قلقي وأحاول قدر المستطاع بأن لا أفكر بشيء أخر.


خلال فترة طويلة لم أسمع صوتها أو استقبل منها رسالة قصيرة تخبرني بها أنها بخير.

كانت الظروف على الجميع صعبة من حيث القصف والرعب ذاته، والحيرة ذاتها، باختيار مكان النزوح من مكان إلى آخر وقلة الطعام والماء. كل ذلك كان يشغلنا عن التقاط أنفسنا والقدرة على الاطمئنان على الأهل والأصدقاء.

الكثير منهم لا أعلم عنهم شيئا، فالاتصالات صعبة والتنقل غير مسموح به في كل الاتجاهات.

أميرة وعائلتها استشهدوا. اشغلني التفكير بحال صديقتي الغالية التي ربطتني بها صداقة سنوات طويلة، فكانت بمثابة الأخت الحنون التي لم تلدها أمي.

رغم كل الظروف لم يتبادر لذهني في لحظة واحدة أن يكون أصابها أذى، فكنت اطمئن قلبي بأنها بخير.

قبل أيام قليلة التقيت بخالتها هبة فأخذتها بالأحضان والشوق الكبير بأنها بخير.

كانت ملامحها حزينة ومتعبة جدا. كنت في بداية الأمر أظن أن الحرب أتعبتها كما أتبعت الجميع في قطاع غزة المظلوم.
بسرعة سألتها بابتسامتي المعتادة عند السؤال عن أميرة، وكنت في تلك اللحظة أنتظر إجابتها المعتادة بأنها بخير.

لكن هذه المرة لم تجب هبة وأخذت تبادلني النظرات التي كانت تؤكد بأن مصابا كبيرا قد حدث.

في بداية الأمر كنت أتوقع في أسوأ الظروف أن يكون أحد أفراد عائلة أميرة قد استشهد، إلا أن المفاجأة التي نزلت صاعقة ضربت قلبي حينما أخبرتني بأن أميرة وعائلتها استشهدوا.

أخذت أعيد عليها السؤال “أميرة استشهدت؟!” كنت أحاول أن استوعب الكلام أو أقول لعلني لم أسمع بشكل صحيح، لكن الإجابة كانت تؤكد على ذلك.

لم أجد ما أقوله، إلا أن أردد”لا حول ولاقوة إلا بالله…إنا لله وإنا إليه راجعون ربنا أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيرا منها”.

كانت تتوسل خالتها لي بأن لا أبكي. أخبرتني أن قلبها موجوع، وهي إلى الآن غير مستوعبة الحدث.


حاولت في ذلك الوقت أن أتوسل لعيني أن لا تذرف دمعا، رفقا بخالتها المتعبة، زوجة الشهيد ووالدة الأيتام.

تقاسمنا الابتسامة والدمعة


ربطتني بأميرة صداقة سنوات طويلة، تقاسمنا خلال الابتسامات والدموع، وفي الوقت ذاته تحدثنا كثيرا عن أمنيات مشتركة حملها قلبانا ومواقف كثيرة مررنا بها، كنا نقوي إحدانا الأخرى بالتذكير بالله تعالى وأنه القادر على كل شيء، والخيرة دائما فيما يختاره الله عز وجل لنا بكل شيء.

كانت مع كل حرب أول من تبادر بالسؤال عني وإن كنت أحتاج شيئا حتى تجلبه لي.

كانت دعواتها الجميلة لي تسعد قلبي وتؤنسه، وتشعرني بجمال قلبها وطيبتها وحبها للغير.

لازلت أذكر ذلك اليوم الجميل الذي اعتكفنا به في رمضان سابق، حينما كنا نشجع بعضنا البعض على استثمار هذه الأوقات الفضيلة .

العائلة تحت الركام


كان حقد الاحتلال أكبر من التصور، وأكبر بكثير من حجم أميرة ووالدها ووالدتها وشقيقها علي وزوجته وشقيقتها آية، القريبة من قلبي، ومن شقيقها الصغير يونس، الذي كان يستعد لأن يستقبل عامه الدراسي الأول في المرحلة الابتدائية.

جميعهم أصبحوا أشلاء تحت الركام بعد أن قصف الاحتلال العمارة التي تضم أميرة وعائلتها وأعمامها وعائلاتهم.

رأيت البيت الكبير الشاهق وقد تمت تسويته بالأرض بل تحتها، فلم تعد هناك ملامح لشيء، الأمر الذي جعلنا إلى الآن لا نعلم من ما زالت أشلاءه بين الركام، ومن تم دفنه، فقد كانت مجزرة مروعة اهتزت الأرض لهولها.

شاهد أيضاً

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي يلتقي أمين عام الحزب الشيوعي اليوناني

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي يلتقي أمين عام الحزب الشيوعي اليوناني

شفا – استقبل الأمين العام للحزب الشيوعي اليوناني “ديميتريس كوتسوباس”، اليوم في العاصمة أثينا، وفداً …