شفا – قدم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد مصطفى رؤيته لتطلعات وطموح الشعب الفلسطيني.
وقال مصطفى:” في هذه اللحظة الفارقة تحديدًا، وبينما يزداد تصميمنا كفلسطينيين، والمجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى، على إنجاز تغيير حقيقي. فقد بات علينا جميعًا أن نرسم طريقا واضحا وحاسما لوقف الكارثة الانسانية في غزة، وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف:” لقد حان الوقت الآن لتحقيق تطلعاتنا وحقوقنا الجماعية التي حرمنا منها منذ ستة وسبعين عامًا، في العدالة والحرية، والأمن، والسلام، والازدهار.
وأكد مصطفى:” أعي تمامًا، وقد استلمت كتاب تكليفي من الرئيس لتشكيل الحكومة التاسعة عشر في ظل هذه الظروف القاسية وغير المسبوقة، التحديات الهائلة والجسمية التي تواجهنا. فها هو الشعب الفلسطيني، يجد نفسه مجددًا على مفترق طرق مصيري، وأمام أزمات مأساوية تختبرنا في مواقفنا التي لعلها أكثر ما أبدع فيها شعبنا مرًة تلو الاخرى: الابتكار والصمود في مواجهة أزمات وتحديات قد يبدو التغلب عليها مستحيلا أمام أي شعب آخر. لكن ما نواجهه الآن، يختلف عّما واجهناه سابقًا،
وبين: من ناحية حجم وقساوة الظلم ضد شعبنا، والاجرام الذي ينفذ بطريقة أشد فظاعة من أي وقت مضى، ومن ناحية أخرى أنه ُينّفذ أمام أعين العالم بأسره.
وأشار مصطفى: لا يختلف اثنان على أن التصدي للوضع المأساوي الذي حدث منذ السابع من أكتوبر في قطاع غزة الحبيب في مقدمة وأول الاولويات الوطنية. لقد خلف القصف والعدوان والحصار الاسرائيلي المستمر ما نتج عنه من دمار، أبناء شعبنا في غزة تحت الانقاض، وخلق معاناة إنسانية لا يمكن تخيلها. وخلف الاحصائيات المخيفة، قصص شخصية مرعبة، وحياة عائلات بأكملها في وضع لا يتخيله عقل. قتلت إسرائيل في أقل من ستة أشهر، أكثر من 30,000 مواطن، من بينهم على الاقل 13,000 طفًلا.
وأشار مصطفى أن تحقيق هذه الرؤية سيتطلب إعادة توحيد الاراضي الفلسطينية وإجراءات إصلاحية لرفع مستوى الاداء ويفقد عشرة على الاقل يوميًا من أطفالنا في غزة أحد أطرافه، 17,000 طفل الآن فقدوا على الاقل أحد الوالدين. ناهيك عن 70,000 جريح، و1.7 مليون نازح عانوا من النزوح مرارًا في عدة أسابيع فقط، وهو عدد يشكل 75٪ من المواطنين قطاع غزة. ومع استهداف البشر، دّمرت آلة الحرب الاسرائيلية المنازل والمؤسسات والبنى التحتية، حيث دمر وتضرر أكثر من 60% من الوحدات السكنية، وانهارت الانظمة التعليمية والصحية تماًما، ووصل انعدام الامن الغذائي والمائي إلى مستويات كارثية.
وأكد: لا شيء في هذا العالم يمكن أن يبرر الجحيم الذي يعيشه ويتعرض له أبناء شعبنا في غزة.
وفي ذات السياق، لا مبرر أيضًا للعدوان المتواصل في الضفة الغربية، من ارتفاع مخيف في إرهاب وعنف المستوطنون، وإجراءات الخنق، والحصار والقيود الاحتلاية التي تطال الحياة اليومية، وقرصنة أموالنا التي تعيق الاقتصاد والاستقرار.
وأشار أن كل هذه العوامل تجعل من الاوضاع الامنية والاقتصادية في الضفة الغربية أمورًا ملحًة لا يمكن تجاهلها أو السكوت عنها.
وبين أنه من الواجب إذا العمل الفوري لوضع حّد لهذه المعاناة، ولذلك فإن الاولويات تتلخص بدايًة في مواصلة العمل مع الشركاء الاقليميين والدوليين لتأمين وقف فوري ودائم إلطالق النار، وفي قيادة حملة إغاثة إنسانية لتلبية الاحتياجات الاساسية لأبناء شعبنا في غزة.
وأوضح: وبالتوازي، فإننا نهدف إلى إنشاء وكالة مستقلة متخصصة، تعمل بشفافية وكفاءة، لغرض قيادة جهود التعافي وإعادة الاعمار غزة، وصندوق ائتماني يدار دولًيا لجمع وإدارة األموال المطلوبة لهذه المهام الكبرى.
يجب إنهاء الحصار، ولا خيار سوى إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني (في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس) بالعيش واالزدهار في أمن وسالم.
وأكد مصطفى أنه من الضروري، بل من الواجب إذًا، على المستوى الوطني، أن يتم صياغة خطة عاجلة وشاملة. خطة لا تعالج الازمات المباشرة التي نواجهها فحسب، بل تمهد الطريق لدولة فلسطينية مستدامة ومزدهرة تسمح لشعبنا الفلسطيني بممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، هذا الحق الذي يشكل حجر الزاوية للسلام والاستقرار في المنطقة.
ولتحقيق هذه الرؤية، قال: علينا العمل بشمولية وبطريقة تكاملية، من خلال العمل على ضمان جمع مختلف الاطراف والاصوات الملتزمة بالمبادئ والاطر التي وضعتها منظمة التحرير الفلسطينية. ومع الادراك الكامل للتعقيدات على أرض الواقع، علينا أن نشكل حكومة تكنوقراط من الخبراء، غير حزبية، يمكنها أن تعمل على إعادة ثقة أبناء شعبنا، والحصول على دعم المجتمع الدولي.
وأضاف: نرى أن مثل هذه الحكومة ستسّهل انخراط جميع الفصائل والاحزاب الفلسطينية في تعظيم الحوار الايجابي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، حول الهدف الوطني بالتوصل إلى على برنامج بشأن كيفية تحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بحكم مؤسساتي ديمقراطي.
وبين: في صلب هذه الرؤية تكمن قضية إعادة توحيد شطري الوطن من جهة توحيد المؤسسات، والقوانين، في ظل نظام حوكمة صلب ومتماسك ورشيد وشفاف، وتفعيل التكامل الاقتصادي بين شقي الوطن، وضمان حرية التنقل والوصول ما بين غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (وبما يشمل إنشاء ممر جغرافي دائم).
وأكد: في الوقت الذي حازت فيه هذه الرؤية على إجماع دولي لطاما اعتبرها على أنها الطريقة الوحيدة المقبولة للمضي قدمًا نحو السلام والاستقرار في المنطقة، إلا أن تنفيذها طال انتظاره. لقد حان الوقت لتحويل هذه الرؤية إلى حقيقة واقعة.
وقال إن الحكومة المقبلة عازمة على مواصلة وتعزيز مسيرة الاصالح المؤسسي، كمتطلب وضرورة وطنية، للنجاح في المهام الكبرى الموضوعة أمامها، ولكسب ثقة أبناء شعبنا. ولتحقيق هذه الغاية، ستشرع الحكومة فور تشكيلها في وضع وتنفيذ برنامج إصلاح شامل يتضمن تحسين الضوابط المالية والشفافية، وترشيد البيروقراطية، وتعزيز سيادة القانون، وحماية استقلال القضاء، ومكافحة الفساد، ودعم حقوق الانسان وحرية التعبير، وتمكين المجتمع المدني والهيئات الرقابية، والتحضير لانتخابات ديمقراطية.
ولاعادة التأكيد: نقول بوضوح أننا سننتهج سياسة عدم التسامح مطلقًا تجاه الفساد مع الالتزام الكامل بالشفافية. إننا نؤمن بشكل راسخ وغير قابل للشك أن وجود حكومة فعالة وخاضعة للمساءلة أمر بالغ الاهمية ليس فقط لحشد الدعم والمصداقية الدوليين، ولكن الاهم من ذلك، لكسب ثقة شعبنا.
وقال: مع إدراكنا للشكوك التي تثار لدى الاعلان عن برامج الاصالح نظرًا للعديد من العوامل والتجارب السابقة؛ إلا أنني ملتزم توضيح النتائج على الارض، وبالمساءلة. ستشمل الاجراءات التي ستقوم بها حكومتي تشكيل مجلس وزراء يتمتع بالمصداقية والمهنية، وإنشاء مكتب لانفاذ مكتب التحويل الاصلاحات المؤسسية، والذي سيكون مكلفًا بوضع الخطط الاصالحية المطلوبة، وضمان تنفيذها، بالتعاون مع مؤسسات الدولة ذات العالقة، ومؤسسات المجتمع المدني الوطنية، والمنظمات الدولية التي تملك الخبرات اللازمة وذات الصلة، مثل البنك الدولي وبرنامج الامم المتحدة الانمائي.
وبين أن النجاح في هذه المهمة يتطلب دعمًا من المجتمع الدولي، من خلال ضمان وضع حد للسياسات التي تنتهجها وتفرضها الحكومة الاسرائيلية.
وأكد: بلا شك، فإن الخطوة الاساسية في استعادة ثقة شعبنا وضمان الشرعية تكمن في الالتزام بإجراء انتخابات ديمقراطية. سنعمل على التهيئة لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كخطوة وطنية وضرورية لتفعيل مؤسساتنا الديمقراطية، لتكون الانتخابات حّرة ونزيهة وشاملة للجميع، مع الوعي التام أن المعطيات على أرض الواقع في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية يجب أن تكون في وضع يفضي إلى ضمان أن تكون هذه الانتخابات ممثّلة لابناء شعبنا بشكل حقيقي وشامل.
وأشار: يبقى بالتأكيد موضوع تحسين الاستقرار المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتنشيط الاقتصاد الوطني أحد المهام الكبرى، والتي أقل ما يمكن وصفها به بأنها ستكون شاقة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اعتمادنا الكبير على المساعدات الخارجية المتضائلة والقيود والاجراءات الخانقة التي يفرضها الاحتلال. وبالرغم من حجم التحدي، الا أن تحقيق ذلك ليس مستحيلا. من ناحية، يجب إزالة القيود الاسرائيلية، ومن ناحية أخرى، لا بد من تأمين دعم المجتمع الدولي، وقطاعنا الخاص، بما في ذلك في الشتات. وبالعمل الجاد والحقيقي معهم سنكون قادرين على تنويع مصادر إيراداتنا، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وإنشاء اقتصاد مزدهر وتنافسي وقادر على الصمود والاستدامة.
وقال: إن الطريق إلى الامام يتطلب أفكارًا وإصالحات جريئة، وإجراءات حاسمة، ومشاركة شاملة للجميع، وشفافية، وكفاءة في العمل، وبذات الوقت واقعية في التنفيذ. لقد حان الوقت لانهاء معاناة شعبنا الفلسطيني. نحن شعب قوي ومبدعوقادر، ولكن لا يمكننا القيام بهذه المهمات بمفردنا. إن وحدتنا الوطنية ودعم المجتمع الدولي وشركائنا الاقليميين أمر لا غنى عنه لتعزيز السلام، والامن، والاستقرار، والازدهار لفلسطين وشعبها، كمفتاح أساسي للأمن والاستقرار للمنطقة أجمعها.
وأكد: لقد حان الوقت الان لتحرير فلسطين مرة واحدة وإلى الابد.