الذكاء الإصطناعي محراب رقمي جديد! بقلم : أسعد سالم
مع حلول شهر رمضان المبارك يبدأ الناس، كما هو معهود دائماً، بالتوجه لطرق أبواب علماء الدين في سؤالهم عن الفتاوى الشرعية التي تتعلق بأمور حياتهم اليومية، وخصوصاً خلال شهر رمضان المبارك.
ولكن لأن ما قبل الذكاء الاصطناعي ليس كما بعده، بدأت العديد من الأنظار تتجه نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في إصدار الفتاوى، والإجابة على الاستفسارات، وطلب إبداء الرأي من منظور ديني، وهذا ما جسدته بعض الدول الإسلامية من خلال تبني الذكاء الإصطناعي في إصدار الفتاوى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إيران، وكذلك دولة الامارات العربية في العام 2019، والتي أطلقت منصة تحمل اسم “إمارة دبي منصة إفتاء إلكترونية”؛ تهدف إلى الإجابة على الاستفسارات الدينية بواسطة الذكاء الاصطناعي بدون أي تدخل بشري.
لم يقتصر الحال على استخدامات الذكاء الاصطناعي في إصدار الفتاوى، والإجابة على الاستفسارات، أو حتى إصدار الإرشادات الدينية والتوعوية؛ بل تخطى ذلك إلى تجسيد الذكاء الاصطناعي على شكل إلاه وله أتباع كما حصل في اليابان في معبد كودايجي البوذي، حيث تم إزاحة الستار عن مجسم الإله الذي يعبدونه، ويحمل اسم ميندار “Mindar”، وهو يعبر لديهم عن إله الرحمة، وكان في السابق مصنوعاً من الرخام.
أما اليوم أصبح “روبوتًا” لديه أجهزة استشعار يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويتحمل وظيفة كهنوتية يقدم بها محاضرات دينية بلغات متعددة.
كما أنه تم تسخير “روبوت” يعمل بالذكاء الاصطناعي في ألمانيا بأحد الكنائس، وأطلق عليه اسم “BlessU-2” يتحدث خمسة لغات، وقادر على الحديث بنبرتي صوت ذكر وأنثى، بحسب اختيار المستخدمين له، ويجيب على أسألتهم واستفساراتهم، ويعمل على إرشادهم بتعاليم الدين.
ولكن علينا هنا التوقف، ونطرح العديد من التساؤلات عن مدى دقة الذكاء الاصطناعي في فهم طبيعة الأسئلة الدينية التي توجه له؟ وماهو تقييم مقدرته بالمفاضلة بين الحقوق والواجبات؟ وهل المصادر التي يستند إليها موثوقة؟ وعلى أي مذهب أو طائفة يحتكم لتشريعاتها وتعاليمها؟
والأهم من ذلك كله، علينا أن نتوقف على مسألة جوهرية تتعلق بأمن المعلومات الخاصة بهذه الأنظمة، ومدى أمنها وتحصينها من الهجمات السيبرانية، وأساليب الهندسة الاجتماعية؛ كي لا يتم اختراقها، أو العبث في قواعد البيانات التي تستند إليها في إجاباتها، وما يصدر عنها، وهل سوف تكون قادرة على الاحتفاظ بخصوصية المستخدمين لديها؟ بحيث تبقى بيانتهم ومعلوماتهم واستفساراتهم محض السرية والكتمان، وكذلك ضرورة التحقق من عدم استغلال هذه التقنية في توجيه الناس لسولكيات تخدم مصالح جهات معينة، من خلال العبث في البرمجيات التي تعتمد عليها هذه التقنية مثل توجيه الناس نحو شراء منتج معين أو انتخاب جهة معينة.. إلخ.
إن دخول الذكاء الاصطناعي في المعتقدات الدينية يشكل مؤشراً خطيراً يتطلب من جهات الاختصاص وأصحاب المصلحة وضع المعايير والمقاييس المناسبة له، بحيث يتم ضمان الاستخدام الآمن له، والنتائج الصحيحة التي تصدر عنه، والتحقق من مدى أمن الأنظمة التي يستند إليها.
أسعد سالم.. باحث ومتخصص بالأمن السيبراني