كم نحن بحاجة الى أولئك بقلم: إحسان الفقيه

شفا – كم نحن بحاجة الى أولئك الذين يُدركون قيمة الإخلاص .. أهميّة الصدق .. ضرورة النوايا الطيبة.. ويعملون ببصيرة أبناء البلد..

أولئك الذين يفهمون معنى المسؤولية العامّة بأن تكون مُهذّبا مع كل العناصر والأشياء والكائنات والمرافق والممتلكات .. ويفهمون أيضا معنى المسؤولية الخاصّة فيُصلحون أنفسهم ويُطوّرون أدوات بقائهم بتقبّل واعٍ وخطوات متحضّرة…
أولئك الذين يستشرفون عظمة المواقف الصادقة وما يتمخّض عنها وماتقود اليه ويقولون الحق بثقة وثبات وحياديّة وقلب مُفعم بحُبّ الحقيقة والحق..
أولئك الذين يُدركون أنّ التخلُّف قابليّة إن أنشبت أظفارها تحوّلنا بحكم التقليد وعدوى السلوك الى مجتمع ضعيف عاجز همجيٍّ ومتواطئ على وجوده وتطوّره..
أولئك الذين يؤمنون بأن الطموحات الكبيرة لاتسكن قلوب الجبناء وأن اليائسين المُتخاذلين هم أكثر خطورة على الحياة والإنسانية والأوطان من الطُغاة أنفسهم..
من الواجب أن تكون مُهذّبا حتى مع أصغر المخلوقات والعناصر والأشياء التي قد لا تراها لكنها تراك ..تسهر من أجلك.. لتُحييك تبنيك وتُنجيك منك ومن كوارثك ..
كن مُهذبا مع جسدك .. خلاياك .. جراحاتك وأحزانك ..
كن مهذبا مع دموعك فلا تتنازل عنها الا لما يستحق ومن يستحق..
كن مهذبا مع أنفاسك وتنهيداتك .. مطالبك واحتياجاتك ولا تكن لحوحا او لجوجا ولا تعتبر أن هناك من أكرمك ببقائك حيّا تتنفّس .. فلكُلّ في السماء رغيفٌ من يُسر بعد عُسر ولسوف يكون الزمن رحيما بالجميع..
أنت خير من يجب الوقوف الى جانبك.. وأنت خير معين لنفسك من أي شيء وأي أحد..
كُن مُهذّبا مع الأرض والشمس وعرق الفلاحين المُحمّلين بفاكهة المواسم ورحيق البقاء..
لتكونوا مُهذّبين مع الذكريات .. مع المقابر والموت..
مع أولئك الذين لا يتكررون ولا يُنسون ولن يعودوا..
مع ملاعب الطفولة وضحك تعبق به الجدران وقيعان البيوت ومرحٌ ضلّ المكان والزمان..
لتكن مُهذّبا مع الصبح والضوء ونكهة التلوين..
مع الشوارع والمطبّات وأعمدة الكهرباء ومعاصر الزيتون ..
لتكن مُهذّبا مع حكايات الجيران ونوادر من فاتهُنّ القطار..وجموح بنات المدارس والعشّاق الصِغار..
لتكُن مُهذّبا مع الوقت .. مع البرد .. مع الفقر .. وأكُفّ السائلين ..
لنكن مُهذّبين مع الشهوة والاحتياج ودرجات التجمّد القصوى وضجيج المُتذمّرين الدائمين .. وسذاجة الموالين المُعدمين..
كل ذلك .. جزء من الحياة … وكل ذلك نحن وما خلقنا عليه ومن أجله..